الصين تشهد تغييراً استراتيجياً في عقيدتها الحربية
قللت الصين في تصريحاتها السياسية من أهمية قرارها إنشاء قاعدة لبحريتها في جيبوتي، بعد إعلانها ذلك في نوفمبر الماضي، بيد أن فكرة القاعدة بحد ذاتها تمثل انفصالاً واضحاً عن العقيدة الحربية الصينية التقليدية، التي تقضي بعدم إرسال جيش التحرير الشعبي إلى خارج البلاد. ومنذ انشاء جمهورية الصين الشعبية، كانت أيديولوجية معارضة إنشاء قواعد ما وراء البحار، هي حجر الأساس في موقف الصين وصورتها في المسرح السياسي الدولي.
ولكن في هذه الأيام، باتت حماية «المصالح ما وراء البحار» منصوصة في الوثائق الصينية الرسمية، باعتبارها أولوية أساسية لأمن السياسة الخارجية. وأدت إلى تغيرات في ممارسات السياسة الخارجية الصينية، حيث قامت الصين بالعديد من العمليات غير القتالية خلال العقد الماضي، وكان آخرها الانخراط في مهمات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، اضافة إلى دوريات حماية على نهر ميكونغ وفي خليج عدن. وتعتبر جيبوتي معلماً آخر في ما يتعلق باستخدام القوة العسكرية كأداة في السياسة الخارجية.
وعلى هامش مؤتمر الشعب العام في مارس الماضي، ربط وزير الخارجية وانغ يي بين موافقة جيبوتي ونمو المصالح الدولية للصين. وقال يي إن الصين كانت «تحاول بناء بعض البنى التحتية الضرورية والقدرات اللوجستية في المناطق التي تتميز بتركز المصالح الصينية فيها، للاستجابة إلى حاجات الدول المعنية»، وهذا من شأنه أن يوحي بأن جيبوتي تعتبر بداية جديدة وليست مجرد نهاية بحد ذاتها.
وفي شهر مايو الماضي، أكدت الورقة البيضاء الصينية الأخيرة، حول الاستراتيجية العسكرية، أن «المصالح القومية للصين، وأمنها القومي يظهران هشاشة أمام الاضطرابات الدولية والإقليمية، والإرهاب والقرصنة والكوارث الطبيعية والأوبئة». وأضافت أنه «رداً على المتطلبات الجديدة القائمة من الدول ذات المصالح الاستراتيجية النامية، فإن القوات المسلحة ستشارك بفاعلية في التعاون من أجل الأمن الدولي والإقليمي، وتعمل على تأمين مصالح الصين ما وراء البحار بفاعلية».