الصومال يعدم صحافياً منتمياً إلى «حركة الشباب»
تعرض أكثر من 25 صحافياً للقتل في الصومال، منذ عام 2007، حيث يصف البعض هذا البلد بأنه واحدة من الدول الأكثر خطورة وفشلاً في العالم. وتروي بعض الادعاءات أن خمسة من تلك الاغتيالات، على الأقل، دبرها مقدم البرامج الإذاعية السابق، حسن حنفي، الذي أصبح في ما بعد متعاطفاً مع حركة الشباب المعارضة للحكومة الصومالية، والذي جعل مهمته تصفية الصحافيين الصوماليين، بين الفترة من 2007 إلى 2011.
الإثنين الماضي، تم إعدام هذا الصحافي السابق، رمياً بالرصاص من مسافة قريبة في مقديشو، مثله مثل ضحاياه، الذين قضوا بالطريقة نفسها، بعد أن ألقي القبض عليه في كينيا المجاورة عام 2014، واعترف هذا العام بتلك الاغتيالات أمام التلفزيون الصومالي الرسمي. وأكد رئيس المحكمة العسكرية الصومالية، حسن علي، للصحافيين، في مارس الماضي، أن حنفي «سينفذ فيه حكم الإعدام، في أسرع وقت ممكن».
وكان حنفي، القادم من منطقة حيران وسط جنوب الصومال، همزة الوصل بين ميليشيات الشباب والمجتمع الصحافي في مقديشو، لأنه كان ذات مرة مراسلاً موثوقاً به، وكان في بادئ الأمر مراسلاً لمحطة إذاعة القرآن الكريم «إف إم» عام 2003، التي تبث في العاصمة، قبل أن ينتقل إلى موقع على شبكة الإنترنت داخل الصومال عام 2006.
وانكشف سر انتمائه لحركة الشباب، بعد أن صار ينقل أنباء عاجلة وبشكل مستمر عن الحركة، ثم انفصل عن عمله في نهاية المطاف، لينضم إلى محطة دعاية هذه الميليشيات، وهي راديو الأندلس، وعمل هناك بمثابة بوق لهذه الجماعة المتطرفة، التي أمضت سنوات في محاولة إسقاط الحكومة المركزية في البلاد، ما أدى إلى قتل الآلاف من الناس على مر الزمن.
وطوال فترة انضمامه إلى حركة الشباب، ظل حنفي يتتبع الصحافيين الذين يظهرون عداءهم للحركة، أو ينشرون ما تعتبره الحركة عملاً موالياً للحكومة الصومالية. ثم بعد ذلك يستدرج هؤلاء الصحافيين للاجتماع به، ثم يقضي عليهم هو بنفسه، أو يطلب من شخص آخر من الحركة القيام بذلك، وذلك فقاً لما نما إلى علم أعضاء النيابة العامة الصومالية. ويتم إعدام الصحافيين إما بالرصاص أو بتفجير عبوة ناسفة يتم زرعها في سياراتهم.
وتحرص السلطات الصومالية على ملاحقة المتعاطفين مع حركة الشباب، ولم يعترف حنفي سوى بقتل صحافي واحد فقط، على الرغم من أنه ساعد زملاءه المتشددين في تنفيذ جرائم قتل أخرى. وبعد النطق بالحكم عليه، صرح حنفي بأن الحقيقة وراء الحكم الصادر بحقه لا تهم، لأن الشبكة الإرهابية سوف تجد وسيلة لمواصلة هجماتها بمساعدته أو من دونها.
ويقول: «قتلت حركة الشباب العديد من الصحافيين، لكنني شخصياً لم أقتل سوى صحافي واحد فقط، لكنني لا أبالي إذا كنت أنا أو سواي هو القاتل، وسوف نرى ما إذا كان القتل سيتوقف حتى بعد موتي».
وتسلمت الحكومة الصومالية حنفي من كينيا، العام الماضي، حيث فر إليها في وقت سابق، وبعد إعدامه صرح أحد الصحافيين الصوماليين، قائلاً «لقد أخذت العدالة مجراها، ذق الألم نفسه الذي أذقته لغيرك».
وتسعى حركة الشباب إلى فرض صيغة صارمة من الشريعة الإسلامية في الصومال، وكثيراً ما تهاجم أهدافاً حكومية، وقد اضطرت للانسحاب من مقديشو في وجه تقدم قوات حفظ السلام الإفريقية في عام 2011، لكنها الآن تسيطر على العديد من المناطق الريفية جنوب الصومال.
وتعتبر الصومال واحداً من البلدان الأكثر خطورة للعاملين في وسائل الإعلام، حيث تعرض 18 صحافياً، على الأقل، للقتل العام الماضي، وقضى 59 صحافياً آخرون منذ عام 1992، وفقاً للجنة حماية الصحافيين.
ربما كان حنفي، الذي تم القضاء عليه رمياً بالرصاص، صباح الإثنين الماضي، على حق، عندما قال إن الموت لن يتوقف بالقضاء عليه، ففي وقت الظهيرة من اليوم نفسه، فجر مسلحون من الشباب سيارة خارج مطعم مزدحم، بالقرب من مكتب رئيس بلدية مقديشو، ما أسفر عن مقتل خمسة مدنيين، في حادث أصبح شائعاً في هذه العاصمة غير المستقرة.