دعوة إلى إنشاء جيش أوروبي تثير الجدل في الاتحاد
تضغط ألمانيا حالياً من أجل إنشاء جيش أوروبي تحت قيادة مشتركة، وتحمل الخطة الدفاعية بنوداً، أهمها مشاركة البنى التحتية والعتاد العسكري بين بلدان الاتحاد الأوروبي، ويأتي ذلك كخطوة احترازية لتداعيات حملة الاستفتاء الذي سيجرى في بريطانيا، لتقرير البقاء أو الانسحاب من الاتحاد.
ومع أن برلين طالما أيدت قيام «قوة دفاعية أوروبية»، إلا أن الخطة الأخيرة تعتبر الأكثر أهمية في وقت تزايد فيه التأييد للمطالبين بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. في هذه وغيرها من المسائل، تعكس النفوذ المتزايد لألمانيا، والثقة بانتهاج سياسة خارجية تدعمها عناصر من القوة الصلبة، وتراوح المبادرات من تعزيز قدرات الحرب الإلكترونية إلى مقترحات مثيرة للجدل، لتخفيف القيود ما بعد الحرب (العالمية الثانية) على عمليات الجيش داخل ألمانيا.
• على المستوى الأوروبي، تدعو الخطة إلى «استخدام جميع الإمكانات» المتاحة، بموجب معاهدات الاتحاد الأوروبي، لإنشاء تعاون عميق بين البلدان الأعضاء المستعدة، وإنشاء مقر مدني عسكري مشترك لعمليات الاتحاد الأوروبي، ومجلس وزراء دفاع، والارتقاء بالتنسيق إلى أعلى المستويات، وتبادل الخبرات العسكرية. |
وتقول الخطة، إن «سياسة ألمانيا الأمنية لا تقتصر على حدودها الإقليمية». وتعبر برلين عن رغبتها في الشراكة الفعّالة مع القوى الأوروبية، وتقول إنها مستعدة «لتحمّل مسؤولية القيادة». وفي ذلك يقول المسؤول الأمني السابق في «كارنيجي أوروبا»، جان تيشو، «هذا وقت ألمانيا جديدة،» موضحاً، «انها المرة الأولى التي تقدم فيه برلين مسودة مهمة بهذا الشكل».
على المستوى الأوروبي، تدعو الخطة إلى «استخدام جميع الإمكانات» المتاحة بموجب معاهدات الاتحاد الأوروبي، لإنشاء تعاون عميق بين البلدان الأعضاء المستعدة، وإنشاء مقر مدني عسكري مشترك لعمليات الاتحاد الأوروبي، ومجلس وزراء دفاع، والارتقاء بالتنسيق إلى أعلى المستويات، وتبادل الخبرات العسكرية.
ويرى الألمان أنه «كلما استعد الأوروبيون لتحمل نصيب أكبر من العبء المشترك وكان شريكهم الأميركي على استعداد للتوصل إلى آلية صنع قرار مشترك، كانت الشراكة الأمنية عبر الأطلسي أكثر تطوراً، وذات نتائج إيجابية». وواجه التكامل الدفاعي معارضة راسخة في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، التي تسعى لإعاقة الجهود الرامية إلى إحراز تقدم ملموس في الدفاع المشترك. ويبقى تنسيق القوة العسكرية في أوروبا إلى حد كبير حكراً على حلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك، فقد أرسل الاتحاد نحو 37 بعثة أمنية منذ 2003، بما في ذلك العمليات الأخيرة في مالي، ومكافحة القرصنة في مضيق عدن والمحيط الهندي، وإذا لقيت الاهتمام المناسب في بروكسل (عاصمة الاتحاد)، فإن دعوة برلين لمقر قيادة عسكرية مدنية مشتركة ستكون خطوة مهمة لتعزيز قدرات الاتحاد وطموحاته.
ويقول العضو في لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، روريك كيسويتر، إن إنشاء جيش أوروبي لايزال بعيداً، لأن هناك حاجة استراتيجية لاتخاذ خطوات أساسية لتمهيد الطريق لهذا المشروع. وتدرك برلين جيداً أن دعوتها لتعزيز الدفاعات الأوروبية، التي تعتبر مصدر قلق للبريطانيين الرافضين لانضمام بلادهم للاتحاد، يمكن أن يتردد صداها عن غير قصد في حملة الاستفتاء القادمة في المملكة المتحدة.
يقول وزير الدفاع البريطاني السابق، ليام فوكس، إن «الكثيرين في المشروع الأوروبي يرون في حلف شمال الأطلسي عائقاً أمام أوروبا أكثر وحدة». وأضاف المسؤول السابق، الذي يدعم خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، «إنهم يتحركون نحو التعاون في مجال الدفاع الأوروبي، والمشكلة أنه بينما لا يوجد لديهم استعداد لإنفاق المال، قد يكون من الصعب تحويل الأموال بعيداً عن حلف شمال الأطلسي».
ويثير الحديث عن جيش أوروبي وبحرية أوروبية قلقاً كبيراً، خاصة في بريطانيا، ويرى خبراء عسكريون واستراتيجيون أن المملكة المتحدة ستضطر إلى الانضمام إلى المؤسسات العسكرية الأوروبية. ويرى آخرون أن وجود جيش أوروبي سيكون أمراً غير قابل للتطبيق، وحصول تكامل عسكري أكثر بين الأوروبيين غير مطروح الآن، بالنسبة إلى الكثيرين.