يحظون بدعم عسكري أمـــيركي
أكراد سورية يسعون لإقامة حكـــم فيدرالي
أظهر قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط دعم بلاده لأكراد سورية في زيارة غير مسبوقة إلى معسكرات تدريب القوى الديمقراطية السورية، في وقت تستعد المجموعة وحلفاؤها الأميركيون لعمليات ضد تنظيم «داعش» المتطرف. زيارة جوزيف فوتيل، وهو جنرال بأربع نجوم في الجيش الأميركي وقائد القيادة الوسطى، إلى شمال سورية، تعد تأكيداً لحقيقة أن القوى الديمقراطية هي القوى الوحيدة الفعالة لمحاربة التنظيم في سورية، وفقاً للمسؤولين الأكراد.
يقول الخبير في «أتلانتك كاونسل»، فيصل عيطاني، إن السبب الرئيس وراء الزيارة الأخيرة هو الحفاظ على، وتوسيع المكاسب، التي حققتها الوحدات الكردية وحلفاؤها، وتحضير الزحف نحو الرقة التي يعتبرها «داعش» عاصمة له. ويرى عيطاني أن الولايات المتحدة نأت بنفسها عن القيام بدور أوسع في الحرب السورية، مضيفاً: «استغرق التدخل في شمال سورية بعض الوقت، ولكنهم فعلوها في آخر المطاف. لقد بدأ الأمر بالتدريب والمعدات، وأتوقع أن المزيد قادم».
الأكراد..قسمان ينقسم أكراد سورية بين فريقين؛ أولهما، «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تدعمها الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد «داعش»، والفريق الثاني هو «البشمركة روج أفا» المدعوم بشكل غير مباشر من روسيا وإيران. وعلى الرغم من أن تعداد الـ«روج أفا» لا يتجاوز 3000 مقاتل، إلا أنها تحظى بدعم سري من قبل تركيا لشن هجمات على وحدات حماية الشعب الكردية، بسبب صلة الأخيرة بحزب العمال الكردستاني. ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لعملية تحرير الرقة من «داعش» بمساعدة فصائل المعارضة السورية، ومن بينها الأكراد. ومن شأن هذه الانقسامات الكردية أن تقوض طموحات تأسيس دولة كردستان سورية. وتعيق وحدات حماية الشعب الكردية دخول مقاتلي «روج أفا» من معسكراتهم في العراق إلى داخل سورية، نظراً للتفوق العددي لأكراد «وحدات حماية الشعب»، الذين يبلغ عددهم 25 ألف مقاتل. وقد يؤدي تدخل أطراف دولية في الصراعات الداخلية بين الأكراد إلى إطالة امد الحرب في سورية، وهذه الأطراف الدولية لا تهتم بإطالة أمد الحرب مقابل توسيع النفوذ في المنطقة. |
لكن الأكراد يريدون أكثر من الدعم العسكري، فهم يطالبون بتمثيل كامل في محادثات جنيف من أجل تحقيق حلم الإقليم الفيدرالي شمال البلاد. وقد أعلنت ثلاث مناطق نيتها في الحكم الذاتي، مشكلة بذلك «منطقة الإدارة الكردية» أو «كردستان سورية». وفي هذا الشأن يقول المسؤول في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، سهانوك ديبو: «هذه ليست المرة الأولى التي تأتي فيها بعثة (أميركية) رفيعة المستوى إلى منطقة الإدارة الكردية في شمال سورية»، موضحاً «وزارة الخارجية والبنتاغون والبيت الأبيض، أشاروا باستمرار إلى أن القوى الديمقراطية ووحدات حماية الشعب هما الفصيلان الأكثر فاعلية، واللذان يمكن الاعتماد عليهما كشريكين استراتيجيين في محاربة الإرهاب».
في المقابل، يرى ديبو أن الأزمة السورية لديها بعدان، هما محاربة الإرهاب، والانتقال السياسي؛ مضيفاً: «نعتقد أن الولايات المتحدة تشاركنا وجهة النظر نفسها، في ما يخص حل الأزمة، اي أن الدعم والاعتراف بنظام سياسي في كردستان السورية أمران حاسمان للأزمة السورية بشكل عام»، مستطرداً «ذلك يتضمن تحولاً ديمقراطياً من ناحية، والقضاء على التنظيم المتطرف من ناحية أخرى».
نصر محوري
بدأت واشنطن في دعم المقاتلين الأكراد في اكتوبر 2014، من خلال تقديم الدعم والمساعدة لوحدات حماية الشعب خلال التصدي لمسلحي «داعش» الذين أرادوا الاستيلاء على مدينة كوباني، حيث قتل نحو 5000 منهم في المعارك حول المدينة. ومنذ ذلك النصر المحوري، استولت القوات الكردية على مناطق واسعة في شمال البلاد، بما في ذلك معبر «تل الأبيض» الحدودي، في يونيو 2015، وتم الإعلان عن الفيدرالية الجديدة في مارس الماضي.
وفي الوقت الراهن، لم يحظَ الكيان الجديد باعتراف من أي جهة في محادثات جنيف، بما في ذلك الولايات المتحدة والحكومة السورية، ووفد المفاوضات التابع للمعارضة. بينما تعترف أطراف النزاع بالمجلس الوطني الكردي الذي يعد خصماً لدوداً لقوات حماية الشعب.
يقول القيادي في حزب الإصلاح الكردي، أمجد عثمان: «زيارة ضابط أميركي رفيع سوف تشجع الأكراد في حربهم ضد الإرهابيين، لأن هزيمة التنظيم المتطرف في الرقة أمر مهم»، مضيفاً «الدعم العسكري للأكراد السوريين ليس كافياً. لا نعتقد أن شخصين أو ثلاثة في المعارضة السورية يمكنهم تمثيل الأكراد». وطالب عثمان بدعم دولي واسع من أجل بعثة كردية مستقلة في (محادثات) جنيف، لأن ذلك سيكون «أكثر إيجابية لإيجاد حل شامل في سورية».
الدعوة لتمثيل الأكراد في المحادثات، هي جزء من محاولة أوسع من قبل أعضاء «الفيدرالية» لكسب الصدقية الدولية. وبعد أن افتتحت مكتباً دبلوماسياً في موسكو، زار مسؤولون أكراد مقربون من حزب الاتحاد الديمقراطي واشنطن، لحشد الدعم لافتتاح مكتب في واشنطن. واعتبر المسؤولون الأكراد خطوة روسيا وأميركا «إيجابية» على الصعيد الدبلوماسي.
محادثات جنيف
ويقول قياديون في «الاتحاد الديمقراطي الكردي» إن الأكراد حققوا تقدماً، سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري، إلا أنهم طالبوا بتنسيق الجهود، ودعم خارجي جاد من أجل الحفاظ على المكاسب التي تحققت. في المقابل، يقول السياسي الكردي البارز، ألدار سليل، إن التطورات من جانب روسيا كانت بالأساس نتيجة منافسة بين موسكو وأنقرة، التي تعتقد أن حزب الاتحاد الديمقراطي على صلة بحزب العمال الكردستاني المناوئ للحكومة التركية. وقد اندلعت مواجهات عنيفة بين الجيشين التركي والكردستاني، منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في يوليو 2015. ويوضح سليل «هذا لا يعني أنهم (الروس) يحبوننا، دعمهم لنا هو ضد تركيا. نتلقى دعماً دبلوماسياً من روسيا، لكن الدعم العسكري يأتينا من التحالف الدولي ضد (داعش)». ويشير المسؤولون الأكراد إلى أن الدعم الروسي لم يساعد حتى في انضمام الفصائل الكردية إلى محادثات جنيف.
ومع ذلك، يرى محلل الشؤون الكردية المستقل، موتلو سيفيروغلو، أن العلاقات بين أكراد سورية والولايات المتحدة تحسنت، منذ الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي لمحاربة «داعش»، بريت ماكغورك، العام الماضي، والزيارة الأخيرة لمسؤولين أكراد الى واشنطن، الذين واجهوا صعوبات في السابق في الحصول على تأشيرات الدخول «هذا يدل على أن العلاقات آخذة في التحسن، ما يعني أنه قد يكون هناك مكان لهم على طاولة المفاوضات، أيضاً»، ويوضح المحلل المقيم في واشنطن «ربما يحدث ذلك في المستقبل القريب، وسوف نرى تمثيلاً كردياً في جنيف».
طرح ماكغورك مصطلح «كردستان سورية» عندما ذكر زيارة الجنرال فوتيل إلى شمال سورية للتحضير للهجوم على الرقة، الأمر الذي يذكر بـ«كردستان العراق»، وكيف تمت تهيئة الرأي العام وصناع القرار لذلك المصطلح، في بداية التسعينات.
وحتى المسؤولون في حزب الاتحاد الديمقراطي «المنافس» للفصائل الفاعلة الأخرى، سعيدون بعلاقات عسكرية أوثق مع الولايات المتحدة. ويقول مجدل ديلي، وهو عضو في الاتحاد الديمقراطي: «نثق بسياسة واشنطن، وسنكون سعداء بأية قوات أميركية لحمايتنا»، موضحاً «جاء التحالف الدولي إلى كردستان العراق في 1991، وإذا قارنا الوضع في الإقليم مع باقي أنحاء العراق، نجد أنه آمن جداً الآن». وعبر ديلي عن أمله في أن يستمر الدعم الأميركي للأكراد الذي من شأنه أن يسهم في التقريب بين الفصائل المتنافسة على النفوذ في المنطقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news