نساء سيراليون يكافحن في مرحلة ما بعد الـ «إيبولا»
عندما بدأت الممرضة السيراليونية ميميناتو سيساي، تشعر بالمرض في أحد الأيام من شهر سبتمبر 2014، قررت شقيقتها فاتماتا رعايتها، وعدم الاهتمام بما كانت تقوله الإذاعة المحلية عن مرض إيبولا، إذ إنها لم تكن تريد تركها وحيدة. وعندما انتشر مرض إيبولا في سيراليون وجارتيها غينيا وليبريا في بداية عام 2014، قتل المرض أعداداً كبيرة، وكان عدد الضحايا من النساء يفوق الرجال.
وأصاب مرض إيبولا عدداً كبيراً من نساء سيراليون، لأنهن كن يرفضن الابتعاد عن أحبائهن، الذين كانوا يعانون المرض، كما تقول تينا دافيس، المنسقة السابقة للناجين من مرض إيبولا في وزارة الشؤون الاجتماعية والرعاية وشؤون النساء والأطفال في سيراليون.
وتضيف دافيس «النساء اللاتي أصبن بالمرض أكثر من الرجال، لأن دور المرأة في المجتمع كان هو الرعاية والاهتمام». والنساء يواصلن لعب هذا الدور الآن، حيث يقدمن الدعم للأيتام الذين توفي آباؤهم نتيجة مرض إيبولا، ويعتمدن على قوة بعضهن البعض لمواصلة الحياة. وعلى الرغم من أن الإحصاءات غير دقيقة، إلا أن المعلومات من وزارة الشؤون الاجتماعية تقول إن نحو 60% من الناجين من مرض إيبولا هم من النساء. وبالنسبة إلى العديد من هؤلاء النساء كانت النجاة من المرض بمثابة عبء أكثر تعقيداً من مجرد شفاء أجسامهن.
ناجيات من الـ«إيبولا» بالنسبة إلى الناجيات من مرض إيبولا، اللاتي خسرن أزواجهن أو آبائهن في سيراليون، فإنهن انخرطن في دور المعيل للأسرة. وتقول تينا دافيس، من وزارة الشؤون الاجتماعية ورعاية النساء والأطفال، نظراً لسهولة انتشار المرض ضمن العائلات، والأقارب، وجدت كثير من النساء الناجيات من المرض أنفسهن أمهات حاضنات لأطفال أقاربهن، الذين قتلهم المرض. وتضيف دافيس «إنه عبء مضاعف، إذ لديهن أطفالهن الذين يعتنين بهم، وعائلاتهن، ومن ثم الأيتام من أطفال العائلات الذين قضى أبواهم». |
وغالباً ما كانت النجاة من المرض تمثل تغييراً جذرياً في بنية العائلات. وكالعديد من الناجيات من النساء خسرت ميميناتو زوجها، بسبب المرض، وليس لأنه توفي. فعندما شاهد زوجها أمه تصاب بالمرض، ومن ثم تموت، غضب بشدة وطرد زوجته ميميناتو من المنزل. وتقول «إنه يقول إنني سبب موت أمه، لأنني كنت أول من أصيب بالمرض في العائلة». ولذلك طردها زوجها من المنزل وذهبت للبقاء مع شقيقتها، وأمها وبعض أقاربها في منزل صغير. ولم تشاهد زوجها بعد ذلك. وتقول فاتماتا «نحن جميعاً نساء في هذه العائلة ماعدا شقيقنا، ولاحظت أن العديد من النساء نجين من هذا المرض، الأمر الذي يدل على مدى قوة النساء».
وبالنسبة إلى الناجية ليليان موجيه، فقد ظلت تفكر لأشهر بعد وفاة أمها وجدتها وشقيقتها ما اذا كانت قد اعتنت بهن في لحظاتهن الأخيرة كفاية. وهي تقول نحن النساء دائماً نفكر بأفراد عائلاتنا. وتقول جيرالدين لامين، التي كان عمرها 16عاماً قبل عامين، عندما حملت أمها التي كان جسدها يرتجف بشدة نتيجة مرض إيبولا لنقلها إلى المستشفى المحلي على دراجة آلية. وتوفيت أمها، وكذلك والدها بسبب إيبولا، وهي الآن في الـ18 من العمر، وتفكر دائماً في ما أصرت عليه أمها بأن تكون مثل شقيقها الكبير، حيث تتعلم، ويكون لها سيرة مهنية في حياتها.
ولكن ذلك ليس بالأمر السهل، اذ إن لامين وأشقاءها الاثنين يعيشون على المال الذي يكسبونه من بيع الماء البارد لجيرانهم. ويحصلون جراء ذلك على 50 ألف ليونز (8.5 دولارات) شهرياً، وكما هي الحال لدى سيساي ولامين وأشقائها، فإنهم يعتمدون الآن على شبكة دعم من النساء أقامها جيرانهم، ومن الكنيسة الموجودة في المنطقة. وقالت لامين «النساء في كنيستنا أصبحن كالأمهات بالنسبة لنا، فهن بالنسبة لنا الأشخاص الذين نثق بهم».
وتنهي لامين حالياً دراستها الثانوية، وهي مصممة على مواصلة الدراسة حتى تصبح محامية، تماماً كما وعدت أمها، وتقول «كانت تقول لي دائماً: أنت أقوى مما تعتقدين».