قيادات حزبية مصرية ترفض قبول أي أفكار تهبط بـ «الباراشوت» من الخارج
«مبادرة حجي» تحرّك المشهد السياسي في مصر رغم التحفظات عليها
أطلقت مبادرة مستشار رئيس الجمهورية العلمي السابق والعالم بوكالة ناسا الأميركية، د.عصام حجي، السياسية الداعية إلى رؤية جديدة في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر عام 2018، حالة جدل متصاعدة في المشهد السياسي، وعلى الرغم من أن تفاصيل المبادرة لم تتكشف بعد، وما إذا كانت دعوة ائتلاف حول مرشح أو برنامج، أو خيار ثالث لم تتبين ملامحه، إلا أن معظم القوى السياسية المصرية تفاعلت معها سلباً وإيجابياً، من بينها تيارات اعتبرت حجي جزءاً من الحكم والموالاة، وليس المعارضة، وطرحه جزءاً من ترويج خطابها، فيما اعتبرته قوى أخرى هبوطاً بـ«الباراشوت» من الخارج على الحياة السياسية المصرية.
وكان الدكتور عصام حجي قد طرح تفاصيل مبادرته الخاصة برؤيته لخوض انتخابات 2018، من خلال «قناة العربي الجديد»، وفي بيان نشره على صفحته على «فيس بوك»، قال فيه إن «المبادرة ستنسق مع جميع أطراف القوى المدنية القائمة حالياً في مصر للتوافق على خوض انتخابات 2018 من خلال فريق رئاسي مع ترشيح تشكيل وزاري معلن، لوضع خطوات سريعة المسار الذي طالبت به ثورة 25 يناير.
وأوضح حجي في مبادرته المسماة «الشعب يحكم»، إنها «مبادرة مصرية سلمية مفتوحة للجميع، يتكاتف كل أعضائها تحت راية موحدة لمحاربة الفقر والجهل والمرض، ويكون العدل والتعليم والصحة، الأساس لتحقيق طموحات المصريين في أن تصبح مصر دولة مدنية ذات اقتصاد قوي تستطيع من خلاله أن تحفظ كرامة الجميع».
وتقدم المبادرة ــ طبقاً للبيان ــ رؤية شاملة للتغيير في سبيل النهوض بمصر، من خلال خطة متكاملة تقوم على خمسة محاور أساسية، هي تطوير المؤسسات التربوية والتعليمية والثقافية، وتطوير الاقتصاد ومحاربة الفقر والبطالة، وحرية وتمكين المرأة، وتطوير قانون الأحوال المدنية والمساواة الدينية الكاملة وغير المشروطة، وتطوير قطاعات الصحة بكل مرافقها.
وتنفذ هذه المحاور عبر برنامج زمني من أربع سنوات، نستعين خلالها بالخبرات المصرية في الداخل والخارج، وبوضع الأولويات لها في الموازنة العامة للدولة، وتكريس كل العوائد الداخلية والمساعدات الخارجية لمدة أربع سنوات للقضايا الخمس.
وأوضح البيان أن «المبادرة ستنسق مع جميع أطراف القوى المدنية القائمة حالياً في مصر، للتوافق على أن تكون المحاور المذكورة أعلاه على رأس مهام الفريق الرئاسي المتفق عليه لخوض انتخابات الرئاسة في أقل من عامين حتى 2018، كما سيتم أيضاً ترشيح تشكيل وزاري معلن مرافق للفريق الرئاسي كجزء من المبادرة.
وقال البيان إنه «مشروع أخلاقي، تعليمي وإنساني قبل أن يكون أي شيء آخر، وليس للمبادرة مقر أو حزب أو صفحة، وإنما ستعمل على التكاتف مع القوى المدنية الموجودة المطالبة بوحدة الصف».
من ناحيته، هاجم الأمين العام لحزب مصر العربي الاشتراكي، اللواء وحيد الأقصري مبادرة حجي، وقال إنها تستهدف الإثارة السياسية ولا قيمة لها.
وقال الأقصري لـ«الإمارات اليوم» إن «حجي ليس أكثر من محمد برادعي جديد، جاء بعد أن استنفد الأول رصيده السياسي، سافر إلى الولايات المتحدة واتصل بالجماعة المحظورة هناك تحت مظلة الأميركيين، ومبادرته هذه لا تستحق الرد، فهي لا تعدو أن تكون رد من جهات نافذة أميركية على ثورة مصر في 30 يونيو التي أسقطت مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي كان يستهدف ولايزال تفتيت المنطقة».
على الطرف المقابل، قال الأمين العام المؤقت لحزب التحالف الشعبي الكاتب الصحافي مدحت الزاهد، لـ«الإمارات اليوم»، إننا «نرحب بمثل هذه المبادرات التي تدعم الحراك السياسي نحو الإصلاح، فمثل هذه المبادرة وقبلها (مبادرة الحوار الوطني) و(مبادرة البديل الحقيقي)، مشاريع تتفق مع الأصول الدستورية والقانونية والأعراف الديمقراطية، وتعمق لدى الناس الإيمان بالتغيير السلمي».وحول حساسية التحالف الشعبي، كحزب يساري من كون د.عصام حجي يعمل في وكالة «ناسا»، ومقيم في أميركا، ورفض البعض لما يسمى بمبادرات «رجال أميركا»، قال الزاهد «الوطنية ليست محل إقامة، فهناك مصريون مقيمون في أميركا يتبنون أجندة أكثر تشدداً في الوطنية من أي أحد، وهناك مصريون مقيمون في مصر يتبنون الأجندة الأميركية والسياسات الأميركية من الاقتصاد حتى الصراع العربي الإسرائيلي، هم أكثر أميركية من ساكني البيت الأبيض، نعم نحن ضد أن نضع أيدينا بيد رجال أميركا، لكن هذا يظل كلاماً عاماً وسطحياً، لو أخذ بمنطق محل الإقامة، وليس بمنطق الرؤية السياسية التي يتبناها صاحبها، ونقاشنا لمبادرة حجي هنا ليس في هذه المنطقة».
بدوره، هاجم رئيس حزب الكرامة الناصري محمد سامي، المبادرة ووصفها بأنها نوع من العبث، وقال سامي في تصريحات إعلامية «إذا كان حجي يملك حلولاً لمشكلات مصر والمصريين، فلماذا ننتظر سنتين حتى يجود بحلوله؟ ما يعرضه حجي يمكن أن يصلح في دولة مستقرة سياسياً واجتماعياً كالولايات المتحدة أو إنجلترا، لكن مصر ليست مستقرة لا اقتصادياً ولا سياسياً، وعلى حجي ان يطرح ما لديه، سواء للقيادة السياسية أو للقوى السياسية».
من جهته، قال نائب رئيس حزب حماة الوطن، اللواء محمد غباشي «إن الجميع يعلم ما هي مشكلات مصر، لكن القضية في طرح حلول مجدية، فهل يملك حجي ورفاقه مثل هذه الحلول؟ أو أنها مجرد كلام سيردده مثل ما يقوله حمدين صباحي، المرشح الرئاسي». وتابع أن «المتاجرة بمشكلات مصر ليست حلاً، المبادرة لن تلقى تأييداً إلا من بعض الناشطين العاطلين، إذ إنهم سيسعدون بها أياماً ثم يهدأوا».
وقال أمين الحزب الاشتراكي المصري المهندس أحمد بهاء شعبان، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الحزب يرفض المبادرة، لأنه ضد ان يهبط علينا شخص بالمظلة من السماء ليقود الشعب المصري، ونحن لا ننتظر المن والسلوى من الولايات المتحدة الأميركية، ولا من رجالاتها، وإذا كانت هناك مشكلات ــ وبالتأكيد هناك مشكلات عويصة تعانيها مصر، فيجب الاعتماد على قوانا الذاتية، وعلى الحركة الوطنية والديمقراطية الشعبية، ومن داخل مصر لا من شخص يقوم باتصالات في الخارج، لا ندري كنهها، ونحن يكفينا ان خضنا هذه التجربة في السابق مع د.محمد البرادعي، الذي اعتبرناه المنقذ والمخلص القادم من الخارج، والذي حين جد الجد ودخل الحراك السياسي في معترك، قفز من السفينة وهرب، وتركها تواجه الأمواج».
وقال وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية، موسى أبوقرين، لـ«الإمارات اليوم»، «توقيت المبادرة عجيب، إنها تأتي قبل الانتخابات المزمع إجراؤها عام 2018، وعليه فأنا أراها مبادرة موجهة من جهة ما خارجية أو داخلية، وهدفها الاستيلاء على تطور الأحداث في مصر، كما ان مضمونها شديد السطحية، كلام عام عن الصحة والتعليم لا يؤخر ولا يقدم، كما انه لا يتماس مع المشكل الحقيقي الذي تعانيه مصر الآن، وهو معاناة الطبقات الشعبية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news