اتفاق السلام لن يحل المشكلة الأساسية في كولومبيا

الرئيس الكولومبي خوان مانويل يعتقد أن اتفاق السلام مع (فارك) سيجلب الازدهار إلى كولومبيا. غيتي

خلال مقابلة مع الرئيس الكولومبي خوان مانويول سانتوس، في كولومبيا، لمناقشة الاستفتاء المقرر في أكتوبر المقبل، بشأن اتفاقية السلام مع مسلحي فارك، لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة في البلاد منذ خمسة عقود، توصلت إلى أربع نتائج، بما فيها ذلك الاستنتاج الذي لا يتحدث عنه أحد في كولومبيا مطلقاً.

أولاً: أن اتفاق السلام ليس نقطة انعطاف في تاريخ كولومبيا، والتي ستقود إلى عهد من الازدهار، وليست نموذجاً لحل الصراعات المسلحة في شتى أنحاء العالم، كما يقول سانتوس، وهي ليست استسلاماً كارثياً للمعارضة، التي ستحول كولومبيا إلى دولة اشتراكية متطرفة على النموذج الفنزويلي كما يقول النقاد. وإنما سيكون هذا الاتفاق عبارة عن ورقة سيتم توقيعها في 26 سبتمبر الجاري، وسط الكثير من الأبهة والعظمة، والتي ستؤدي إلى نزع سلاح العديد من مسلحي (فارك)، البالغ تعدادهم نحو 7000، وبالطبع ليس جميعهم. وسينضم بعض مقاتلي (فارك) إلى كارتلات تهريب المخدرات أو يغيرون لباسهم، ويتحولون إلى مقاتلين في منظمة جيش التحرير الشعبي المعارضة، أو إلى غيرها من المجموعات المسلحة.

ورفض سانتوس النظرية التي تقول إن العديد من مسلحي (فارك) سينضمون إلى كارتلات تهريب المخدرات، وأبلغني بأنه على العكس «فنحن يمكن أن نتوقف عن كوننا أول مصدر للكوكايين، لأن أحد الالتزامات التي أخذها (فارك) على نفسه هو التعاون مع الدولة، لاستبدال المحاصيل غير الشرعية بأخرى شرعية»، ويقول نقاد سانتوس إنه تفكير حالم، أو مجرد تمنيات، وأنا أتفق معهم.

وثانياً: أن التصويت، الذي يدعمه سانتوس لدعم اتفاق السلام، من المرجح أن ينجح في الثاني من أكتوبر المقبل، الأمر الذي سيجعل اتفاقية السلام نافذة المفعول. لكنَّ ناقدي سانتوس يقولون إن هذا الاتفاق سيكون صورياً فقط، لأن السؤال الذي سيطرحه الاستفتاء يمكن أن يكون لصالحه، الأمر الذي يشجع الناخبين على تأييده.

وثالثاً: أن قادة حركة (فارك) المتهمين بارتكاب جرائم ضد حرب، مثل الخطف واستعباد الأطفال سيخضعون لعقوبات خفيفة. لكن النقاد أمثال منظمة هيومن رايتس واتش، والرئيس السابق الفارو أوريبي، يطالبون بأن يتم سجن قادة (فارك)، الذين ارتكبوا جرائم حرب مدى الحياة في السجون. ويقول النقاد إن الاتفاق يضمن لمجرمي الحرب البقاء فترات قصيرة في السجن، وبظروف مريحة كمن يقوم بالتدريب على دورة لعبة الغولف. وكان الرئيس سانتوس أبلغني بأن مجرمي حرب (فارك) سيدخلون السجن لمدد تراوح بين خمس إلى ثماني سنوات، مع تقييد حرياتهم.

ورابعاً: وربما الأكثر أهمية، أن كولومبيا أصبحت دولة القضية الواحدة، حيث طغت عملية اتفاق السلام مع حركة مسلحي (فارك)، على الأجندة السياسية والإعلامية، خلال السنوات الثلاث الماضية.

ومن وجهة نظري، سواء أيدنا الاتفاق أو عارضناه، ينبغي على كولومبيا ألا تكون دولة الفكرة الواحدة بعد الآن، كما أنها يجب ألا تسمح أيضاً لاتفاق السلام بأن يطغى على القضايا، التي توازيه من حيث الأهمية. وأشارت دراسة، قام بها بنك أميركا العام للتنمية، إلى أن 83% من صادرات كولومبيا هي مواد أولية، و17% هي بضائع مصنعة.

أندريس أوبنهايمر:  كاتب في «ميامي هيرالد»

 

تويتر