استنفار برلماني مصري لإسقاط «عجينة» بسبب تصريحاته الماســة بالآداب
تتصاعد هذه الأثناء أزمة البرلماني المصري، إلهامي عجينة، الذي دعا إلى إجراء «كشوف عذرية» على الفتيات في الجامعات لمواجهة قضية الزواج العرفي. ويواجه عجينة، الذي خرج من أزمة شبيهة منذ فترة، بجبهة واسعة هذه المرة تضم تكتلاً برلمانياً نواته أكثر من 70 سيدة، وشبكة حقوقية تضم ناشطات في المجلس القومي للمرأة ومنظمات أخرى، وفيما يحاول عجينة إعطاء إشارات باتجاه التراجع، تواصل الأزمة قوة دفعها في اتجاه متصاعد، ويرجح مراقبون أنها قد تنتهي بفصله من البرلمان وإنهاء حياته السياسية.
تصريحات عجينة المرفوضة شعبياً: الحكومة تعمل بنظام صابونة في اللقاء وشامبو في الأداء. أؤيد ختان النساء فنحن شعب يعاني ضعفاً جنسياً. بعض النائبات يرتدين سراويل ضيقة وملابس بألوان صارخة لا تتناسب مع قدسية المجلس. زيادة عدد المواطنين بمعدل 17 كل ثانية دليل على أن رجال مصر فحول. يجب إجراء كشف طبي لإثبات عذرية البنات شرطاً للقبول بالجامعات للحد من الزواج العرفي. حمدي رزق: عجينة في الـ «واشنطن بوست» كتب الإعلامي المصري، حمدي رزق، مقالاً في جريدة «المصري اليوم» بعنوان «عجينة في الواشنطن بوست» قال فيه «النائب إلهامي عجينة قرر الصمت، ومقاطعة الإعلام، لو أحسن الإعلام صنعاً لقاطع عجينة، كلما تحدث عجينة لخبط العجين، عجينة أخيراً خلاها طين، فضيحة كشف العذرية وصلت إلى (الواشنطن بوست)، الصحيفة الأهم عالمياً تقف على تصريحات عجينة بكشف العذرية على طالبات الجامعة، وتنشرها على العالم. لعل عجينة مبسوط، صار عالمياً، هل يدرك النائب (الفحل) عاقبة مثل هذه التصريحات الشاذة؟ أشك، وأشك أيضاً أن يتراجع ويعتذر لطالبات مصر، لم يعتذر سابقاً لسيدات مصر اللاتي أهانهن قبلاً في تصريحات الختان». وتابع رزق في مقاله «وكأن مصر ناقصة عجينة، ما نشر في (الواشنطن بوست) أبلغ إساءة، أعتقد أنها فضيحة مدوية، الله يفضحك كما فضحتنا، معقول، فهل هناك إنسان عاقل يطلب كشف عذرية لبنات الجامعة، ويصر على الطلب؟! هذه إهانة يا رجل، هل تقبل هذه الإهانة على أهلك وناسك، توقف، قف، اصمت، كفاك فضائح»! |
بدأت أزمة عضو مجلس النواب المصري، إلهامي عجينة، بعد اقتراحه منذ أيام، إجراء كشوف عذرية على طالبات الجامعة قبل دخولهن الجامعة، لمنع ظاهرة الزواج العرفي بين الطلبة والطالبات الآخذة في الانتشار، بالقول «أي فتاة تدخل الجامعة لابد أن تجري كشفاً طبياً لإثبات أنها «آنسة»، على أن تقدم مستنداً رسمياً يفيد بذلك، شرطاً للحصول على البطاقة الجامعية، حتى يتسنى لنا القضاء على ظاهرة انتشار الزواج العرفي في مصر».
ويجب ألا يثير هذا القرار انزعاج احد، ومن يغضب فهذا يعني أنه خائف من أن تكون ابنته قد تزوجت عرفياً من دون أن يدري». وتصاعدت على الفور ردة فعل قوية في المجتمع، بعد إعلانه الاقتراح.
وقد أعلن الناطق الرسمي باسم حزب الوفد، محمد فؤاد، على الفور «إنه سيتقدم بمذكرة رسمية إلى رئيس مجلس النواب، الدكتور علي عبدالعال، لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد عجينة، وإن تصريحات الأخير مسيئة للبرلمان، وتتعدى حدود إبداء الرأي وتدخل مربع انتهاك الأخلاقيات العامة».
ودعا فؤاد إلى تحويل عجينة إلى لجنة القيم، ومعاقبته طبقاً للائحة المجلس، لأنه لم يحترم المجلس ونوابه، وقال إنه «مصاب بجنون الشهرة والهوس بوسائل الإعلام، ولا يصح للنائب الرشيد أن يترك نفسه مادة للتناول بشكل ساخر وهزلي».
كما هاجمت رئيس اتحاد نساء مصر، د.هدى بدران، عجينة واتهمته بـ«الهوس الجنسي»، وتساءلت عن كيفية مروره من الاختبارات النفسية للمرشحين لمجلس النواب، وحذرت بدران من المساس بجسد المرأة، سواء بالقول أو بالفعل، مؤكدة أنه ملك لصاحبته فقط، وأنه ليس من حق أحد هتك أعراض الفتيات من دون محاسبة.
وهاجمته أيضاً رئيس المجلس القومي للمرأة، مايا مرسي، وقالت على صفحتها على الـ«فيس بوك» «هو استلم السيدات من أول يوم دخل فيه إلى البرلمان، فمرة يتناول اللباس والاحتشام، ومرة أخرى يجيز ويؤكد على الختان، واليوم يقترح كشوف عذرية من أجل الحد من الزواج العرفي»، وانتقده أيضاً «مركز مساواة للتدريب والاستشارات» و«مؤسسة قضايا المرأة».
وقال القيادي في حركة كفاية، د.يحيى القزاز، لـ«الإمارات اليوم» إن «طرح مثل هذه الاقتراحات مهزلة أخلاقية ما كان يجب السماح بالاستماع إليها أصلاً، وأنا أدعو كل المجتمع المدني وكل الرجال المحترمين ورجال الدين إلى الوقوف بقوة، ضد هذا الطرح حتى لا يتكرر، ولا يتم التمادي إلى ما هو أبعد من ذلك». واستطرد القزاز «نحن بصدد فكرة أولاً لا قيمة عملية لها، إذ لا تأثير لها في قضية الزواج العرفي، كما أنها ثانياً مستحيلة التنفيذ عملياً فهل ستقبل الأسر هتك أعراض بناتهن، بحجة كشف عذريتهن؟»، وقال القزاز «هي فرقعة إعلامية لا أكثر ولا أقل».
ونوه القزاز إلى أن «منع إطلاق مثل هذه البالونات مسؤولية أطراف عدة، فالبرلمان يجب أن يركز على القضايا الممسكة بخناق مجتمعنا المصري في الوقت الحالي، من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، بدلاً من التركيز على هذه المعارك الفارغة، وأن يهتم أكثر بدوره التشريعي والرقابي، ولا يتحول إلى منصة لهواة الشهرة والإعلام».
وقالت الناشطة في حزب «العيش والحرية»، منال إبراهيم، لـ«الإمارات اليوم» إن «ملف حقوق المرأة يجب ألا يكون ساحة مباحة للتصريحات الاستعراضية، التي يمكن أن تلحق أشد الضرر بنا في الداخل والخارج في هذه الظروف الحساسة، ونحن بحاجة إلى أن نتجاوز الدفاع إلى الهجوم تجاه مثل هذه التجاوزات المتتالية، وألا يصبح سلوكنا مجرد ردة فعل ثم تهدأ».
وقالت القيادية في الهيئة العليا للحزب الديمقراطي الاجتماعي، سميرة الجزار، لـ«الإمارات اليوم» إن «مشكلة عجينة في السكوت على تصريحاته الاستفزازية منذ البداية، حيث تهجم على طريقة لباس النائبات، بما يعني أنهن غير محتشمات، ولم يتم إيقافه، ثم عاد لتصريحات الختان والضعف الجنسي، واليوم يعود للمرة الثالثة ليطالب بشيء لا يمكن أن يقبله أي إنسان لابنته أو أخته».
وتابعت الجزار «المشكلة التي وضعنا فيها عجينة، أننا كأحزاب مجتمع مدني نمثل الفكرة الديمقراطية، وحق الناس في التعبير عن رأيها، لذا إذا طالبنا بعقابه أو بإسقاط عضويته من البرلمان فسيظهر الأمر كما لو كنا ضد الحريات، لكن أي حريات تلك التي تسمح للإنسان أن يعطي لنفسه الحق في هذا الخيال العجيب، الذي ينتهك أجساد وحرمات الناس تحت مسوغات باطلة؟»، ودعت الجزار مجلس النواب نفسه إلى أن «يضبط خطابه وإطاره وكلمات أعضائه بما لا يتجاوز الأخلاق والآداب العامة».
وقالت رئيس الاتحاد الدولي للعدالة والمساندة، المحامية د.هالة عثمان، إن «كلام عجينة غير سوي، ومخالف للدستور الذي يصدر عنه القانون الذي يؤكد عدم مخالفة الآداب العامة، بالإضافة إلى أنه لا يصح أن نكشف على فتاة لنقرر إذا كانت مؤهلة للتعليم أم لا، هذا الكلام يعيدنا سنين إلى الوراء»، مضيفة «إذا أردنا أن نحد من الزواج العرفي فعلينا أن نرجع مرة أخرى إلى دور الأسرة».
من جهته، تراجع عجينة عن تصريحاته، وقدم اعتذاراً على حساب يحمل اسمه على الـ«فيس بوك»، قال فيه «أعتذر عن الشائعات التي انتشرت عن كشف عذرية البنات في الجامعة، أنا لم أقل هكذا، والموضوع أن صحافيا سألني عن سبب زيادة حاﻻت الزواج العرفي في المدارس والكليات، وما دور الحكومة، فاقترحت الموضوع، وكان هذا مجرد اقتراح».
وواصل عجينة اعتذاره قائلاً «لقد أسيء فهم كلامي، فكل ما أعلنت عنه لم يخرج عن كونه مجرد اقتراح، وهناك فرق كبير بين تقديم طلب والتقدم باقتراح، ولقد أدليت بتلك التصريحات أثناء مناقشة كيفية الحد من انتشار الزواج العرفي، وتعرضت لهجوم كبير بسبب وجهه نظري؛ لذلك قررت عدم التعامل مع وسائل الإعلام».
لكن على الرغم من اعتذار عجينة، الذي كرره بعد كتابته على صفحته بصياغات مختلفة في وسائل الإعلام، قرر تكتل «نائبات البرلمان»، الذي يضم أكثر من 60 نائبة برلمانية، تقديم مذكرة رسمية للجنة القيم فور انعقاد البرلمان بدور الانعقاد الثاني للمطالبة بإسقاط عضوية النائب، مؤكداً أنه يشوه صورة البرلمان».
يذكر أنه وفقاً للدستور المصري الأخير (2014) فإن المادة 110 تقول «لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه».
على صعيد موازٍ، تقدم أمين عام ائتلاف دعم مصر، طارق محمود، ببلاغ إلى المحامي العام الأول لنيابات استئناف الإسكندرية، ضد إلهامي عجينة، اتهمه فيه بسب وقذف الشعب المصري، كما تقدمت أيضاً الوحدة القانونية بمركز هليوبوليس للتنمية السياسية وأبحاث حقوق الإنسان، ببلاغ ثانٍ ضد عجينة أيضاً باسم المحامين تامر الشريف ومهاب محمد ومصطفى فؤاد وعلي عادل، يحمل رقم 12470 لسنة 2016.
اللافت للنظر أن برلمانياً آخر، يدعى يسري المغازي، صرح لجريدة «اليوم السابع» المصرية، أول من أمس، عن اعتزامه تقديم مشروع قانون جديد إلى مجلس النواب، خاص بإلزام الدولة المصرية بتوقيع كشف العذرية على الطالبات في الجامعات، مؤكداً أن هذا الأمر ضروري للغاية، ولن يتراجع عن هذا المشروع، مضيفاً «لا أعلم لماذا كل الضجة على النائب إلهامي عجينة، فأنا أؤيد فكرته تماماً، وهو مظلوم ولا أعلم لماذا كل هذا الهجوم ضده».
وزاد المغازي «سأطالب خلال مقترحي الجديد بتوقيع الكشف الطبي على الفتيات، ليس في الجامعات فقط، وإنما في مدارس الدبلومات أيضاً».