علاقة القاهرة التاريخية بقادة «الشعبية» وحيادها يعززان دورها
ترحيب بمساعي مصر لوقف الحرب الأهلية في جنوب السودان
أعلنت مصر أخيراً عن عزمها إطلاق مساعٍ خاصة لحل أزمة الصراع السياسي المسلح، ذي الخلفية القبلية الدائر في جنوب السودان بين الرئيس سلفا كير (قبيلة الدينكا) ونائبه رياك مشار (قبيلة النوير)، الذي راح ضحيته 50 ألف قتيل، ومليونا مشرد، و243 ألف لاجئ، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على هامش الاجتماع الـ71 لهيئة الأمم المتحدة، عن استعداد بلاده لاستضافة كل الأطراف في جنوب السودان، كما أعلن السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن السيسي يسعى للتوصل إلى آلية فعالة لمساعدة كل الأطراف الجنوب سودانية على التمسك بخيار السلام ومساندتها على تنفيذ بنود اتفاق السلام، وإرساء أسس الأمن والاستقرار، وإيجاد حلول عاجلة للأزمة الإنسانية في جنوب السودان، والنهوض بالوضع الاقتصادى المتردي هناك، لتحقيق ما يتطلع إليه أبناؤه من آمال في السلم والاستقرار والتقدم. كما أشار إلى استعداد مصر أيضاً للمساهمة في بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، وذلك من منطلق مسؤوليات مصر الإفريقية، والتزامها كإحدى أكبر الدول المساهمة بقوات في عمليات حفظ السلام، مشيراً إلى أن مصر قد أخطرت إدارة عمليات حفظ السلام بسكرتارية الأمم المتحدة، بموافقتها على الدفع بمستشفى ميداني ضمن قوات البعثة الأممية في جنوب السودان، كما أنها على استعداد للتنسيق مع منظمة «إيجاد» للمشاركة في قوة الحماية الإقليمية.
تأتي المبادرة المصرية عقب تطورات داخلية مهمة، أبرزها اعلان حركة مشار (رسمياً) الكفاح المسلح ضد نظام جنوب السودان، في إشارة نهائية لسقوط اتفاق السلام، وتوحّد حركتي مشار ولام اكول، وإعلان منظمة الكوبرا بقيادة الفريق خالد بطرس عن انطلاق العمل المسلح مجدداً في جونقلي، في إسقاط للاتفاق الموقع عام 2014 بين الحركة وجوبا، وعقب تعثر سياسي في المبادرات الإقليمية، بدأ من مبادرة «إيجاد» واتفاق السلام في 2013، وحتى اتفاق «أروشا» لتوحيد فصائل الحركة الشعبية العام الماضي، بمجموعاتها الثلاث: سلفا كير - مشار - المعتقلين، ثم قبول جنوب السودان الرسمي قرار نشر مجلس الأمن قوات دولية على أراضيها، بعد أن طلبت من المجلس مهلة شهراً لاتخاذ تدابير تسهيل القرار، وفي ظل شعور الأطراف المختلفة بإمكانية لعب مصر دور مختلف في الأزمة، تعززه علاقاتها التاريخية بالحركة الشعبية لتحرير السودان، منذ أن كانت في المعارضة وحتى وصولها للسلطة.
من جهته، وجّه أمين عام «الحركة الشعبية لتحرير السودان - معارضة»، مارينو جون تبانق، الشكر لمصر حكومة وشعباً لوقوفها التاريخي إلى جانب شعب جنوب السودان.
وأكد تبانق في كلمة له خلال مؤتمر صحافي للحركة عقد في نقابة الصحافيين الثلاثاء الماضي، ضرورة وحدة وتماسك الحركة الشعبية والسير في خطى السلام والحوار، من أجل الوصول إلى سلام دائم يضع حداً للحرب والمعاناة في جنوب السودان، معرباً عن تأييد الحركة لاتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه أخيراً في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقال: «نعلن دعمنا ووقوفنا التام مع القيادة الجديدة للحركة الشعبية في المعارضة، برئاسة الفريق أول تعبان دينق قاي، لتمسكها بخيار الحوار والتفاوض كأساس لحل المشكلات في البلاد».
وشدد تبانق على وقوف الحركة مع حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة الفريق أول سلفاكير ميارديت في تحقيق السلام والاستقرار بالبلاد. وأشار إلى مساندة القيادة الجديدة في تصحيح مسار الحركة بما تتطلبه المرحلة الحالية، مضيفاً: «نعلن دعمنا التام للسلام العادل الذي يحقق طموحات أهلنا».
من جهتها، قالت أمين سر لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس الشعب المصري مي محمود، إن استضافة مصر مؤتمراً لحل الصراع القائم في جنوب السودان هو أمر محل دراسة داخل المجلس، كما أن هذه الخطوة ستجعل مصر طرفاً فعالاً في حل هذه الأزمة.
وأضافت مي محمود، أن مصر أصبحت خلال الفترة الأخيرة طرفاً قوياً في حل جميع النزاعات التي تشهدها دول إفريقيا، موضحة أن الصراع في جنوب السودان هو أمر مهم ولابد للدولة المصرية أن تتدخل لحل تلك الأزمة.
وأشارت محمود، إلى أن لجنة الشؤون الإفريقية تضع أزمة الصراع السوداني ضمن أولوياتها في البرلمان، وستكون مساهمة بشكل كبير في استضافة هذا المؤتمر.
في هذا الإطار قالت الناشطة الحقوقية والمحللة السياسية الجنوب سودانية سيسليا جوزيف لـ«الإمارات اليوم»، معلقة: «المبادرة المصرية لجمع الفرقاء من جنوب السودان على أرض القاهرة ممتازة، حتى لو كانت متأخرة بعض الشيء، فالجميع يعرف ان مصر على علاقة ممتازة وتاريخية مع جنوب السودان منذ أمد بعيد، خصوصاً على مستوى الجانب الإنساني، فكثير من قادة الحركة الشعبية لجنوب السودان تعلموا في مصر، ولهم ارتباط عاطفي شديد بها، حيث مازالت مصر تقدم 300 بعثة سنوياً لجنوب السودان، وتالياً يمكن أن يقابلوا تحرك مصر نحو الحل بارتياح.
بدوره، قال القيادي بالحركة الوطنية الديمقراطية المعارضة (أنصار مشار) مايكل دميان لـ«الإمارات اليوم» معلقاً: «نحن نرحب بكل قوة بدور مصري وبمبادرة مصر للعب دور لحل أزمة جنوب السودان، وارتباط مصر بنا كشعب جنوب السودان عميق جداً على كل الصعد، وهذا سيلقى ترحيباً من كل جنوبي محب لبلده متطلع للسلم، لكن المشكلة لن تكون في المعارضة، وإنما في حكومة سلفاكير، التي عرقلت كل توجه للسلام منذ اللحظة الأولى». وكان سفير جنوب السودان في القاهرة أنتوني لويس كون، قد طالب أخيراً من مصر وجامعة الدول العربية بمساعدة بلاده، من خلال رفض تدخل أي قوات أجنبية دولية أو أممية في جنوب السودان. وشدد على رفض بلاده أي تدخل لما سيكون له من تأثيرات سلبية على الأمن القومي المصري والعربي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news