أزمة مجاعة تضرب نيجيريا وتضعها أمام اختبار جديد
على الرغم من ثروتها النفطية الكبيرة، تكافح نيجيريا مع ثلاثة صراعات داخلها، إضافة إلى الركود الاقتصادي أخيراً. والآن تكتشف هذه الدولة الإفريقية الكبيرة مشكلة أخرى: هي عبارة عن نقص حاد في المواد الغذائية في شمال شرق البلاد، الذي يؤثر في نحو ثلاثة ملايين شخص، والناجمة عن الاضطرابات التي أحدثتها جماعة «بوكو حرام» المتطرفة. وانتبهت الأمم المتحدة، أخيراً، إلى هذه الأزمة في نيجيريا، حيث تعهد العديد من الدول الثرية بتقديم مساعدات سريعة الشهر الماضي.
تواجه نيجيريا الآن مشكلات كثيرة، تراوح بين انتشار الفساد وانخفاض عائدات النفط. |
وأسهمت المجموعات المتطرفة في خلق العديد من الأزمات الإنسانية، بيد أن أزمة نيجيريا قد تكون هي الأكثر حدة، إذ إن 65 ألف شخص يعيشون في ظروف مجاعة، حسب ما يقول مسؤولو الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن الجيش النيجيري حقق بعض النجاحات منذ عام 2015 في دحر مسلحي «بوكو حرام»، إلا أن العديد من البلدات في شمال شرق البلاد لاتزال معزولة. ولاتزال «بوكو حرام» تقود بضعة آلاف من المقاتلين، الأمر الذي يصعب على المنظمات الخيرية معرفة مدى احتياج المعوزين إلى المساعدات، وكذلك الوصول إليهم.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 17 ألف شخص قتلوا في نيجيريا منذ ظهور جماعة «بوكو حرام» في عام 2009. وكما هي الحال لدى تنظيم «داعش» في الشرق الأوسط، فإن «بوكو حرام» تريد إنشاء خلافة في غرب إفريقيا. وهذا الهدف تضاءل الآن إلى حد كبير، لكن على الرغم من ذلك يتعين على نيجيريا التعامل مع مجاعة محتملة.
وتواجه نيجيريا الآن مشكلات كثيرة تراوح بين انتشار الفساد وانخفاض عائدات النفط. ووعد رئيسها محمد بخاري بإجراء التغيير والقيام بحملة ضد الرشى، وذلك عندما وصل إلى السلطة العام الماضي. وينظر إلى الرئيس بخاري على نطاق واسع باعتباره شخصاً نظيفاً ومنضبطاً. ووعد الشهر الماضي بالقضاء على الجوع في بلاده، لكنه اعترف أيضاً بأن جهوده ربما تكون غير كافية للتعامل مع جميع المشكلات. وشن حملة إعلامية لتذكير المواطنين بأن معظم التغيرات في المجتمع تأتي من إصلاحات شخصية في القيم والعادات. وقال الرئيس «قبل أن تسألوني أين التغيرات التي وعدتكم بها، عليكم أن تسألوني أولاً إلى أي مدى غيرت سلوكي وأساليبي». وطلب الرئيس من الشعب تحسين سلوكياتهم، مثل احترام إشارات المرور، والتعامل مع الجيران بصورة حضارية، وإقامة علاقات طيبة في العمل. وكان الرئيس بخاري يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في حملته.
وعلى الرغم من أن الرئيس يستطيع فعل المزيد بالتأكيد، باعتباره زعيماً للدولة لحل المشكلات الكبيرة مثل أزمة الغذاء، إلا أن حملة «التغيير» يمكن أن تستند إلى جهود الإصلاح في شمال شرق البلاد، والتي ساعدت الشباب على مقاومة ظهور «بوكو حرام». وفي إحصائية أجريت بداية العام الجاري، قامت فيها منظمة «ميرسي كوربس» الخيرية بإجراء مقابلات مع 26 شاباً مسلماً كانوا قد رفضوا جهود «بوكو حرام» للتجنيد معها، حيث تركزت الأسئلة حول التأثير الإيجابي لقرارتهم. وكان الجواب المشترك بينهم أن القادة الدينيين المحليين كانوا قادرين على إقناع «بوكو حرام» بزيف مبادئهم وفساد أساليبهم. وتقول «ميرسي كوربس»، إن نتيجة هذه الإحصائية تقدم دليلاً على أهمية دور القادة الدينيين المحليين، الذين يستطيعون لعب دور مهم كصانعي سلام.
وبينما تندفع نيجيريا بقوة مع المجتمع الدولي، لتقديم المساعدات للجوعى في شمال شرق البلاد، تستطيع الحكومة استغلال هذه الأزمة لتحسين ثقتها بنفسها في ما يتعلق بحل المشكلات الوطنية. وحملة الرئيس التي عنوانها «إن التغير يبدأ من داخلنا» هي المؤشر على المكان الذي تكمن فيه الثقة.