تجربتان فاشلتان للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط

رهان أميركا الخاطئ على خصومها يتكرر للمرة الثانية

صورة

على مدى السنوات الخمس الماضية، وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما، رهاناً كبيراً على موسكو وطهران. في المقابل، ابتعد عن حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين في الشرق الأوسط ــ إسرائيل والسعودية وتركيا ــ لإعطاء مساحة للروس والإيرانيين في البنية الأمنية الإقليمية.

كان من المفترض أن يدخل الاتفاق النووي الإيراني في عصر جديد للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، بدلاً من ذلك، أدى ذلك إلى ميلاد تحالف روسي إيراني. القوات البرية في سورية التي تعمل جاهدة لإنقاذ الرئيس السوري بشار الأسد، هي تحت السيطرة المباشرة للحرس الثوري الإيراني، الذي يمارس أيضاً نفوذاً كبيراً، بشكل مباشر أو من خلال وكلاء، على القوات التي تحاصر مدينة الموصل العراقية. ونتيجة لذلك، فإن التحالف الروسي الإيراني في طريقه لبناء ممر من دول تابعة، تمتد من طهران إلى بيروت.

لقد غضّ الرئيس الأميركي الطرف عن المخاطر طويلة الأجل لهذا الممر، لأنه يأمل أن تعمل طهران وموسكو معه لبناء نظام متناغم في الشرق الأوسط: نادٍ للدول تتحد في عدائها لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، تتعاون من أجل احتواء أسوأ المشكلات في المنطقة.

• الاتفاق النووي الإيراني، الذي كان من المفترض أن يُدخل العلاقات بين الولايات المتحدة وطهران في عصر جديد، أدى بدلاً من ذلك إلى ميلاد تحالف روسي إيراني.

قال أوباما مباشرة بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، إنه يفترض أن يساعد النادي على مواجهة التحديات الأبعد من «داعش»، «بناء على هذا الاتفاق، فإن بوسعنا الاستمرار في الحوار مع إيران، لتحفيزها على التصرف بصورة أقل عدائية، وأكثر تعاوناً في حل قضايا مثل الأزمة في سورية أو العراق، فضلاً عن وقف دعمهم للحوثيين».

لكن طهران لم تصبح أكثر اعتدالاً، وحالياً يطلق الحوثيون الصواريخ الإيرانية وبدعم إيراني باتجاه السفن الأميركية في البحر الأحمر. أوباما ليس الرئيس الأميركي الأول في الدخول في مثل هذا الرهان في مواجهة خصوم قدماء. في 1953، سعى دوايت أيزنهاور، عندما تولى الرئاسة، إلى استقرار الشرق الأوسط بالتعاون مع قوة معادية للغرب في ذلك الوقت. اعتقد أيزنهاور بأن جعل مصر شريكة في الأمن الإقليمي سيلطف من سلوك الرئيس جمال عبدالناصر، وأن يغريه للعمل على وقوف العرب خلف الغرب في الحرب الباردة.

الاعتقاد بارتباط الولايات المتحدة مع الصهيونية والإمبريالية البريطانية أدى إلى تسميم العلاقة الأميركية مع العرب في الشرق الأوسط، وقد عمل دوايت أيزنهاور ليثبت لناصر بأن الولايات المتحدة ستساعده على تحقيق أهدافه القومية، وقد مارست واشنطن، بالفعل، ضغطاً هائلاً على البريطانيين لسحب قواتهم من مصر، حيث كانوا يتمتعون بوجود مستمر لعقود طويلة.

وصلت هذه السياسة إلى نتيجتها المنطقية في مثل هذا الأسبوع منذ 60 عاماً، عندما شنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدواناً منسقاً ضد مصر في ذروة أزمة السويس. معارضة أيزنهاور لحلفائه كانت كبيرة جداً. العمل بصورة متوازية مع الاتحاد السوفييتي، أدى إلى وصول الاقتصاد البريطاني إلى حافة الهاوية، وطالب بوقف هجماتهم والخروج من مصر مباشرة. وقد استجاب حلفاء الولايات المتحدة للضغط.

قدمت سياسة أيزنهاور لعبدالناصر، النصر الذي كان يريده طول حياته، وارتفعت سمعة الرئيس المصري إلى مستويات غير مسبوقة في العالم العربي. ولكن كيف قابل عبدالناصر مساعدة الرئيس الأميركي له؟ لقد رد الجميل بأن أصبح أكثر عداوة للغرب، وأكثر تحالفاً مع الاتحاد السوفييتي.

قبل عام من وفاته اعترف أيزنهاور بأن دعمه لمصر كان أكبر خطأ ارتكبه في سياسته الخارجية، واعتبر إنقاذ عبدالناصر في أزمة السويس «لم يساعد على تحقيق أي شيء في الشرق الأوسط». وأكد أن أسوأ تداعيات السويس إضعاف أفضل حلفائنا، بريطانيا وفرنسا، للقيام بدور رئيس في الشرق الأوسط أو في مناطق أخرى خارج أوروبا.

لقد أدرك أيزنهاور أن مغازلة الخصوم عمل محفوف بالمخاطر إلى أبعد الحدود. لقد فات الأوان ليتعلم أوباما من ذلك الدرس، لكن لم يفت بالنسبة للرئيس المقبل، الذي سيكون أمامه درسان ليتعلم منهما.

مايكل دوران  محلل سياسي أميركي

تويتر