الاحتلال حرم سكان منطقة وادي سرة من جني ثمار الزيتون. الإمارات اليوم

قطف الزيتون.. موسم لتزايد اعتداءات المستوطنين

مع إشراقة شمس كل يوم خريفي، يغادر مزارعو القرى الشرقية لمدينة نابلس منازلهم، في طريقهم إلى حقول الزيتون القريبة من المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضيهم، لجني ثمار الزيتون، فالزائر إلى تلك المنطقة يندهش من إصرارهم على تخطي العقبات، للوصول إلى مزارعهم وأشجارهم، التي يحاول الاحتلال دائماً منعهم من الوصول إليها.

وما إن يقترب المزارعون من أراضيهم، حتى يبدأ فصل آخر من مسلسل المعاناة التي يتعرض لها سكان الضفة الغربية في موسم قطف ثمار الزيتون، الذي يبدأ منتصف شهر أكتوبر حتى نهاية العام، حيث ينفذ المستوطنون العديد من الاعتداءات المباشرة، لمنع الفلسطينيين من دخول حقولهم، وجني ثمار زيتونهم، حيث يحرقون الأشجار، ويقطعون الأغصان، كما يسرقون الثمار، ويسكبون المواد الكيماوية على المحاصيل الزراعية. المزارع حسين عمران، من بلدة دير الحطب شرق نابلس، أحد المزارعين الذين يتعرضون بشكل مباشر لاعتداءات المستوطنين، فكلما أراد الوصول إلى أرضه هو وعائلته لقطف ثمار الزيتون، وجد نفسه أمام شكل من أشكال المعاناة، نتيجة ممارسات قطعان المستوطنين التي تنفذ يومياً بحماية جنود الاحتلال الإسرائيلي، ليعود أدراجه وهو محمل بخفي حنين، دون أن يجني ثماراً طال انتظارها على مدار العام.

مجاري المستوطنات تتلف يومياً الآلاف من أشجار الزيتون، في مختلف مناطق الضفة الغربية.

ويقول المزارع عمران، لـ«الإمارات اليوم»، بصوت مختنق: «أتوجه إلى أرضي القريبة من مستوطنة ألون موريه، في بداية موسم القطاف لجني ثمار الزيتون وحتى انتهائه، لكن لا أتمكن من دخول الأرض أو قطف الثمار، لينتهي العام دون الاستفادة من الموسم الذي ننتظره 12 شهراً متواصلاً».

وأضاف: «ونتعرض، خلال محاولتنا دخول الأرض، لاعتداءات المستوطنين، فقد هاجمونا مرتين منذ بداية موسم القطاف، ولولا وجود عدد من الأقارب والأصدقاء معنا، لتكرر المشهد ذاته في كل مرة نحضر فيها».

ولا تقتصر اعتداءات المستوطنين على المزارعين فقط، بل تمتد لتطال الأرض ومحاصيلها، حيث سرق المستوطنون - بحماية من الجنود - جزءاً من محصول الزيتون الذي زرعه المزارع عمران داخل أرضه.

ويتكرر المشهد ذاته مع مزارعي قرية بيت فوريك، الذين يعانون الأمرين، نتيجة ممارسات المستوطنين وجنود الاحتلال، كلما اقتربوا من أراضيهم المحاذية لمستوطنة إيتمار، التي باتت مصدر شؤم لهم، كما يقول المزارع سائد مليطات. ويقول المزارع مليطات إن «مستوطنة إيتمار مصدر معاناة وشؤم وظلم لكل المزارعين، الذين بات موسم الزيتون بالنسبة إليهم مغموساً بالذل والمعاناة، ففي أكثر من مرة هاجمنا جنود الاحتلال، وأجبرونا على ترك أراضينا الزراعية، وإرغامنا على الابتعاد عنها، وأشهروا السلاح بوجهنا، وهددونا بإطلاق النار علينا إذا صممنا على البقاء في حقولنا».

وعلى التلال الشرقية من قرية فرعتا، ينشط المزارعون خلال هذه الفترة من كل عام لجني ثمار الزيتون، لتجابههم قطعان المستوطنين سكان مستعمرة جلعاد زوهر بأعمال عربدة واستفزاز، تنفذ يومياً في المنطقة المعروفة بوادي سرة.

وقد حرم الاحتلال ما لا يقل عن 23 عائلة من سكان منطقة وادي سرة، في قرية فرعتا، من جني ثمار الزيتون.

ولا يترك المستوطنون في الضفة الغربية وسيلة معروفة لمحاربة المزارع الفلسطيني في مواسمه الزراعية إلا ويستخدمونها، ليصل بهم الأمر لاستخدام أسلوب سكب المجاري على الأراضي الزراعية، لتدمير الأرض، وتلويث البيئة في المناطق الفلسطينية.

ففي كل يوم، تتلف مجاري المستوطنات آلاف الأشجار في مختلف مناطق الضفة الغربية، خصوصاً في وادي المطوي بسلفيت وقرية بروقين، كما تهلك مجاري الصرف الصحي لمستوطنة ألون موريه، وبشكل متعمد أشجار الزيتون التي يملكها سكان قرية دير الحطب، جنوب نابلس.

وزارة شؤون البيئة في الحكومة الفلسطينية، وفي تقرير لها حول الانتهاكات الإسرائيلية للبيئة الفلسطينية، بينت أن 90% من مساكن المستوطنات متصلة بشبكات صرف صحي، إلا أن نسبة ما يعالج منها لا تتجاوز 10% من كمية المياه المنتجة، أما المياه العادمة للمستوطنات فإنها تصب في الأودية الفلسطينية، وفي حوض نهر الأردن، بل تتجاوز ذلك إلى الأراضي الزراعية الفلسطينية.

ومن الأماكن التي تنصرف إليها المياه العادمة للمستوطنات: وادي قانا بين نابلس وقلقيلية، ووادي المطوي قرب سلفيت، وتتصرف فيه المياه العادمة الناتجة عن مستوطنة إريئيل، ومجموعة المستوطنات في المنطقة.

يقول المهندس الزراعي الفلسطيني باسل سعيد إن «المياه العادمة، والمجاري الآتية من المستوطنات في الضفة، تلوث البيئة، فهي تتسرب إلى الأودية والأراضي الزراعية متسببة في ضرر كبير للمزارعين».

ويضيف: «لا يتوقف خطر مجاري المستوطنات على المزارعين، بل يمتد إلى مياه الشرب الجوفية، التي يشرب منها الفلسطينيون».

الأكثر مشاركة