الخيارات الانتخابية في البلدين أدخلتهما في تجربة صعبة
بريطانيا وأميركا تواجهان موقفاً صعباً
مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، انضمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى تجربة جريئة. ويفسر محللون اختيار المرشح الجمهوري المثير للجدل، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أو ما يسمى الـ«بريكست»، على أنهما رمزان لثورة شعبية ضد العولمة. كان خروج المملكة المتحدة وانتخاب الملياردير الأميركي فرضيتين صعبتي التحقيق. في الواقع، لقد توقع العديد من التقارير الإخبارية أن الهزيمة ليست حتمية فحسب، بل تلقائية. وكانت وسائل الإعلام تؤكد مراراً أن الانتخابات سوف تظهر أن شكلاً معيناً من السياسة قد مات، وأن الخاسرين يتعين تكييف أنفسهم مع الفائزين. لكن الأمور لم تتحول بهذه الطريقة.
•تعيين موظفين في إدارة جديدة، يعتبر أمراً صعباً على أي فريق انتقالي، لكن بالنسبة لترامب الأمر صعب للغاية، فلم يكن الدعم بين المسؤولين الجمهوريين حقيقياً أو عميقاً، كما أن ترامب ليست لديه القدرة على جذب أفضل عقول السياسة على اليمين، أما مستشاروه للسياسة الخارجية، خلال الحملة الانتخابية، فقد كانوا سياسيين من الدرجة الرابعة. |
وهذا يطرح مشكلة جديدة، فبعد أن تغلبوا على العقبات الانتخابية، يواجه قادة الـ«بريكست» في بريطانيا، والرئيس المنتخب في أميركا، الآن، تحدياً أكثر خطورة، يتمثل في «توظيف» من يدير المرحلة المقبلة.
ويدير الولايات المتحدة وبريطانيا نخبة معادية للشعبوية، بشكل عام، ولقد تلقى الخروج من الاتحاد الأوروبي دعماً وهمياً، أيضاً، من قبل ساسة محافظين متمردين، أخفوا شكوكهم ليقدموا أنفسهم ضمن الاتجاه الشعبي العام، وهم يعتقدون أن مساعي الخروج ستفشل بالتأكيد.
في بريطانيا، تتزعم تيريز ماي حكومة ما بعد الـ«بريكست»، لكنها تحاول أن تتجاوز العقبات الدبلوماسية التي فرضتها نتائج الاستفتاء. ومن أهم هذه العقبات عمدة لندن السابق بوريس جونسون، الذي يبدو أنه انضم إلى حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي لتحقيق مكاسب سياسية وحسب، وحتى يتم احتسابه على هذه الحركة المتهورة، وبعد تكليفه بمهام وزير الخارجية، وعد بأن يحقق «نجاح التيتانيك» في إشارة إلى صعوبة المهمة. وكان أحد المحللين البريطانيين قد حذر دعاة الـ«بريكست» من أنهم قاموا بخطأ قاتل، بفوزهم في استفتاء شعبي دون تشكيل وانتخاب حزب سياسي ملتزم بهذا الهدف.
أما في الولايات المتحدة، فقد فاز ترامب بالانتخابات بوعود اقتصادية شعبوية، وبعض التلميحات إلى سياسة خارجية أكثر سلمية. لكنّ شركاءه الجمهوريين في «الكونغرس» يعملون على أجندة مختلفة، تهدف لتخفيضات ضريبية هائلة لصالح الأثرياء، وليست لديهم خطط في ما يخص وعود ترامب الانتخابية؛ «رعاية الأميركيين»، الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الرعاية الصحية، أو إعادة تصنيع حزام الصدأ - مصطلح يطلق على المنطقة العليا من شمال شرق الولايات المتحدة والبحيرات الكبرى وولايات الغرب الأوسط، التي تعاني التدهور الاقتصادي.
إن تعيين موظفين في إدارة جديدة يعتبر أمراً صعباً على أي فريق انتقالي، لكن بالنسبة لترامب الأمر صعب للغاية، فلم يكن الدعم بين المسؤولين الجمهوريين حقيقياً أو عميقاً، كما أن ترامب ليست لديه القدرة على جذب أفضل عقول السياسة على اليمين، أما مستشاروه للسياسة الخارجية، خلال الحملة الانتخابية، فقد كانوا سياسيين من الدرجة الرابعة.
وهذه أوقات عصيبة بالفعل، فالقوة الاقتصادية والسياسية البريطانية اعتمدت، على مدى قرون، على كونها قوة بحرية وتجارية كبرى. ومن شأن أي اتفاق سيئ على التجارة مع الاتحاد الأوروبي أو مع الشركاء التجاريين الرئيسين الآخرين أن يسبب كارثة اقتصادية. وشيء واحد قد يؤذي وضع لندن كمركز مالي كبير؛ هو انتقال البنوك العالمية الكبرى إلى فرانكفورت أو باريس أو دبلن.
والرهانات أكبر بالنسبة لأميركا، إذ إن فوز ترامب بالانتخابات يضع حلف شمال الأطلسي في موقف أكثر بعداً عن الاستقرار، وسقوط حكومة أستونيا الأسبوع الماضي، في أيدي الحزب الموالي لموسكو ينذر بزيادة التوتر؛ ما يجعل أي تحول جوهري في التحالف الأوروبي عملاً خطيراً، وقيام أشخاص غير مؤهلين بهذه المهمة سيكون مجازفة خطيرة.
على كل حال، نحن مقبلون على تجربة جديدة، فالحركة الشعبوية طالبت بالتغيير، وسنرى ما إذا كانت المكاتب المليئة بالإداريين الأكفاء، وبعض الثائرين الهواة، تستطيع أن تحقق هذا التغيير!
مايكل براندن محلل وكاتب رأي أميركي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news