«الصحافيين المصريين» تختار «الطـريق القانوني» لمواجهة أزمتها

اختارت نقابة الصحافيين المصريين، بحسب متابعين وخبراء، «الطريق القانوني» لمواجهة أزمة صدور حكم بحبس نقيبها، يحيى قلاش، واثنان من أعضاء مجلسها، هما جمال عبدالرحيم وخالد البلشي، لمدة عامين مع الشغل، وكفالة 10 آلاف جنيه، بتهمة إيواء مطلوبين أمنياً، هما الصحافيان عمرو بدر ومحمود السقا (تحت التدريب)، الصادر ضدهما أمر بالضبط والإحضار، على خلفية اتهامهما بالتحريض في مظاهرات تيران وصنافير أمام النقابة، ودفع محامي النقابة، سيد أبوزيد، الكفالات المطلوبة واستأنف الحكم، وتمت الإجراءات من دون تباطؤ، على عكس ما حدث في بداية الأزمة أثناء دفع الكفالات للنيابة، وعقد الصحافيون، أخيراً، اجتماعاً مفتوحاً حضره أعضاء النقابة وشيوخ المهنة، بديلاً عن عقد «جمعية عمومية»، في بادرة تهدئة تستهدف إعطاء وقت ومساحة لحل غير تصادمي، فيما نادت أصوات داخل الاجتماع بترك الباب مفتوحاً لاقتراحَي عقد جمعية عمومية ومؤتمر عام للصحافيين، حال إخفاق الجهود لإنهاء الأزمة.

من حيثيات حكم حبس نقيب الصحافيين وزميليه

قالت المحكمة في حيثياتها إن الركن المادي توافر بعنصرية المادي والنفسي، حيث علم المتهمون بأمر الضبط الصادر لعمرو بدر ومحمود السقا، ومع ذلك سمحوا لهما باللجوء والإيواء داخل مقر نقابة الصحافيين، وثبت ذلك من أقوال بدر والسقا في القضية رقم 4564 لسنة 2016 قسم شبرا الخيمة.

وقرر عمرو بدر، بحسب الحيثيات، أنه اتفق مع نقيب الصحافيين على الاحتماء بديوان النقابة لحين تواصله مع السلطات التنفيذية والقضائية للدولة، وهو ما فعله المتهم يحيى قلاش بالاتصال بالمقدم حازم رشوان ضابط الأمن الوطني لتنفيذ ما اتفق عليه مع سالفي الذكر، بدر والسقا، من التوصل لحل مع السلطات التنفيذية والقضائية بالدولة.

واستندت المحكمة إلى شهادة كل من حاتم زكريا، عضو مجلس نقابة الصحافيين، وفتحي علي يوسف، السفير السابق ومدير عام اتحاد الصحافيين العرب في التحقيقات، بأنه بتاريخ 30 أبريل 2016 في نحو الساعة الواحدة والنصف مساء، وأثناء وجود المقدم حازم رشوان ضابط الأمن الوطني بمكتب الأول وفي حضور الثاني، تلقى المقدم حازم رشوان اتصالاً تليفونياً من نقيب الصحافيين، أبلغ فيه المقدم حازم رشوان يحيى قلاش بصدور أمر ضبط وإحضار عمرو بدر ومحمود السقا.

وأضافت الحيثيات أنه ثبت علم المتهمين الثلاثة أيضاً من شهادة وليد سيد، مندوب أمن النقابة، من قيام المتهم الثاني وحضور المتهم الأول باستدعائه، وطلب منه تجهيز قاعة بكار في الدور بالنقابة لمبيت شخصين، ثم توجه لتنفيذ ذلك الطلب وبصحبته المتهم الثالث جمال عبدالرحيم للتأكد من جاهزية تلك القاعة للمبيت. وأيضاً شهادة محمد عبدالعليم، مدير أمن النقابة، في التحقيقات بحضور عمرو بدر والسقا يوم 30 أبريل، ومشاهدته لهما صباح أول مايو 2016. واستندت المحكمة إلى شهادة المقدم حازم رشوان بأن تحرياته توصلت إلى أن المتهمين بدر والسقا صادر ضدهما قرار من النيابة العامة بضبطهما، وقد توجها إلى نقابة الصحافيين صباح يوم 30 أبريل للاعتصام، ونشر ذلك على مواقع الإلكترونية ومنها موقع البداية، الذي يرأس تحريره المتهم الثالث خالد البلشي.

وقال يحيى قلاش في كلمته أثناء اللقاء «إن لقاء الصحافيين اليوم (اللقاء الأخير) لا يحكمه الغضب، لأنه إذا ساد الغضب ستتوه القضايا الرئيسة، وإن اللقاء يحمل عناوين عدة؛ أولها تداعيات القضية التي بدأت باقتحام نقابة الصحافيين في مايو الماضي، والثاني مناقشة مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد، والثالث تداعيات القرارات الاقتصادية الأخيرة على المؤسسات الصحافية والصحف وأوضاع الصحافيين»، وشدد قلاش «لن نكون في أحد الأيام في مواجهة القضاء على أي نحو، لأن هذه النقابة طوال عمرها تساند القضاء، وتقف في ظهره مهما كانت الأسباب»، واستطرد: «إن النقابة ليست في مواجهة مع السلطة أو النظام، لأنها تعمل في إطار الدولة المصرية، وهي إحدى مؤسساتها التي تعمل مع بقية المؤسسات، وإن أي أحد يتصور أن هذه معركة نظام بين نقابة الصحافيين والسلطة فهو يقرأ المشهد خطأ». وتدخل قلاش بحدة لمنع هتافات سياسية في القاعة، أثناء كلمة الصحافي المفرج عنه، عمرو بدر، وقال «لا نريد فرض أجندات أخرى، ولا تنحرفوا عن أجندة أعمال المؤتمر، وأرجو عدم المزايدة لأننا نحترم كل الآراء ولا نريد لأجندتنا أن تتوه».

وقال وكيل نقابة الصحافيين السابق، عبدالعال الباقوري، لـ«الإمارات اليوم» معلقاً «أتصور أن الحل السياسي أغلقت أبوابه، وأن الحل الواقعي ارتسم حالياً في الطريق القانوني، وعلى النقابة أن تبحث عن محامين على أعلى مستوى من المهنية ونذهب إلى الاستئناف، على أن يكون دفاعنا ليس عن الزملاء، النقيب وأعضاء المجلس، فحسب، بل وعن النقابة وحصانتها، لأنني واثق بأن صحيح القانون في نهاية الأمر، إن تم تمحيصه جيداً، لن يقبل بفكرة اقتحام النقابة».

ونوه الباقوري «إنني لا أعرف ما إذا كان الأمر سينتهي بمسار النقض، لكن علينا أن نستعد له ونرتب أمورنا على معركة طويلة».

وقال نقيب الصحافيين السابق، ضياء رشوان «إن الحل يتحدد في وجوب وجود تحرك قضائي سليم ومحترف، مع احترامنا الكامل لكل المتطوعين الذين يكونون في مثل هذه القضايا، أما الحل السياسي فأول نقطة فيه ألا يتكرر ما حدث في اجتماع الجمعية العمومية الأول، وأن يتم التضامن مع النقيب والمجلس عبر عريضة يوقع عليها أعضاء الجمعية العمومية بأرقام عضويتهم، حتى يكون الأمر واضحاً».

وقال مدير تحرير «العالم اليوم»، الكاتب الصحافي د.محمد فرج أبوالنور، في صفحته على «فيس بوك» إنه «ليس صحيحاً علي الإطلاق أن مجلس نقابة الصحافيين دعا لعقد جمعية عمومية طارئة يوم 23 نوفمبر، إذ إن بيان المجلس ذكر بوضوح تام أنه قرر (دعوة الصحافيين لاجتماع مفتوح)، الفرق بين الجمعية العمومية الطارئة والاجتماع المفتوح كبير جداً، فانعقاد الجمعية العمومية يحتاج إلى حضور نصف الأعضاء، وهذا أمر صعب في الظروف الحالية، وفشل الدعوة للجمعية العمومية أمر سيئ وسيكون محبطاً للزملاء، وسيُستغل ضدنا أسوأ استغلال، لذلك فإن موقف مجلس النقابة صحيح تماماً».

وقال مساعد رئيس تحرير صحيفة «الكرامة»، الكاتب الصحافي جمال أبوعليوة، لـ«الإمارات اليوم» إن «أداء اللقاء الصحافي هذه المرة اتسم بالنضج والعقلانية وإدراك خطورة الموقف، فقد غابت الهتافات القافزة نسبياً عن القاعة، كما تم ترتيب المنصة بطريقة تسمح بالسيطرة على الموقف، حيث كان النقيب وحده ومن تطلب منه الكلمة هو الموجود، كما اتسم أيضاً اللقاء بسيطرة واضحة للنقيب على القاعة، أتصور أننا بهذا الأداء يمكن أن نفوت الفرصة على الأطراف المتربصة بالصحافة والصحافيين للفتك بهما».

وقال الصحافي بجريدة «الأهالي»، خالد أبوالروس، لـ«الإمارات اليوم» «إنني أختلف مع من يقولون إن الحل قانوني، الحل سياسي بامتياز، وقد بدا فعلاً ـ من حيث ميل النقابة لتحاشي الصدام مع مؤسسات الدولة، عبر الاكتفاء باللقاء المفتوح بدلاً من الجمعية العمومية، وبتهدئة النقيب للهجته وتصريحه أكثر من مرة ـ أننا لا نسعى للصدام، وبترشيد هتافات وخطابات القاعة، وبترتيب المنصة، من الوارد أن تتعاطى بقية الجهات في البلد مع هذه الإشارات الإيجابية، وتقدم على الدخول في تفاهمات لحل الأزمة».

وقال الكاتب الصحافي رئيس تحرير «الدستور» السابق، أيمن شرف، لـ«الإمارات اليوم» «أظن أن الأمر أعقد مما يتخيله البعض، فالمعركة الحقيقية في أزمة نقابة الصحافيين هي في سلم النقابة، ومظاهرات 25 مايو زادت من مخاوف السلطات تجاهها، ولا أتصور أن النقيب ومجلس النقابة يملكان قراراً بشأنها، ولا منع قطاعات سياسية أو شعبية من اللجوء إليها، ولا أظن في المقابل أن السلطة ستتسامح تجاه ذلك، لذلك فإن الأزمة ستتعقد»، وزاد شرف أن الأزمة برمتها سياسية وليست قانونية، مهما اتخذت من أقنعة، وعليه فالحل سياسي.

وقال الصحافي ببوابة «الطريق»، ايمن حسين «إن المعركة أشمل من أزمة حبس النقيب وزميليه، بل وأكثر من السلم، فهناك تصور شامل وجديد للصحافيين، ودورهم يعد في مرحلة جديدة، وهناك نقابة للإعلاميين يتم التجهيز لها، وهي غالباً ستتسع وتهيئ لتكون أوسع من الصحافيين، وهناك قانون إعلام يتم إقراره في مجلس الشعب، وعليه فلا أتصور أن الحل، سواء كان سياسياً أو قانونياً، هو الأزمة، لأن ما سيواجهه أبعد من التحديات المطروحة».

من جهتها، قالت صحيفة «اليوم السابع» إن خلافاً نشأ داخل مجلس النقابة بعد أن فوجئ خمسة أعضاء في المجلس بإرسال البيان الصادر عن اجتماع الثلاثاء الماضي، من دون إضافة جملة «ولا تقبل المساس بأي من مؤسسات الدولة» التي اتفقوا على وضعها في البيان، الأمر الذي أثار غضبهم وأدى إلى تعديل البيان وإضافة تلك الجملة وإرساله مرة أخرى للصحافيين في اليوم التالي، وقال أحد أعضاء مجلس النقابة للصحيفة إن عضوين بالمجلس قاما بتعديل البيان عقب مغادرتهما مقر الاجتماع وإرساله لمندوبي النقابة.

الأكثر مشاركة