مايك بنس.. همزة وصل بين الرئيس الأميركي والعالم السياسي

يستعد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لقلب المعادلة فور تسلّمه مهامه في الـ20 من يناير الجاري، وتوحي التعيينات التي أجراها بأنه حقاً سيفي بوعوده التي قطعها في الحملة الانتخابية الصاخبة والمثيرة للجدل، ما يجعل أميركا أمام سنوات من المتغيرات العميقة ابتداء من الواجهة السياسية في البيت الأبيض، إلى التفاصيل اليومية للشعب الأميركي. وفي خضم الفوضى التي خلفتها تصريحات ترامب، تلتفت الأنظار إلى صوت في الإدارة القادمة يتسم بالهدوء والاعتدال، إنه لنائب الرئيس مايك بنس. لقد بدأ عضو الكونغرس وحاكم ولاية إنديانا، سابقاً، تجربته الجديدة بتواضع شديد في وقت جذب ترامب كل الاهتمام.

يقول محللون إن بنس هو بمثابة الوجه الآخر للرئيس المنتخب، فمواقفه ووجهات نظره تتطابق في الكثير من القضايا مع ترامب، الأمر الذي يشير إلى أنه سيكون نائباً مؤثراً يسد «ثغرات» الرئيس المتعددة. ويتوقع أعضاء في الكونغرس أن يكون حلقة الوصل بين الاثنين.

مع تقدم الحملة الانتخابية، أصبح بنس، 59 عاماً، شخصية أكثر أهمية من أي وقت مضى. وقبل أيام من غرق أميركا في مستقبل مرتجل تماماً، بات نائب الرئيس شيئاً أغلى بكثير في حزب جمهوري مشوش، ناهيك عن بقية الأميركيين. إنه ببساطة حبل لا غنى عنه يربط بين ترامب والعالم السياسي المعروف.

من الصعب التكهن بمدى تأثير نائب الرئيس القادم في السياسة الداخلية أو الخارجية، إلا أن الوضع تغير بشكل كبير في 1976، عندما منح الرئيس السابق جيمي كارتر صلاحيات واسعة لنائبه آنذاك وولتر مونديل. في حين استفاد الرئيس السابق جورج بوش الابن من خبرة نائبه ديك تشيني الذي عمل في الجيش، والبيت الأبيض، والكونغرس لسنوات طويلة. لقد كان تشيني يعرف خبايا واشنطن كما يعرف تفاصيل منزله.

يبدو بنس مثالياً في حالة ترامب، فقد خدم في الكونغرس 12 عاماً، ليعود بعدها إلى ولايته انديانا ويصبح حاكماً لها. إنه ليس مجرد جسر بين الجنون والعقل، فهو من المرجح أن يكون همزة وصل بين البيت الأبيض والكونغرس، كما أظهرت أحداث الأسبوع الماضي مرة أخرى، مدى عدم الثقة بين المؤسستين، وأنهما يميلان إلى التنافر عوضاً عن التعاون. وعلى هذا النحو يمكن أن يكون بنس واحداً من اكثر نواب الرؤساء أهمية ونفوذاً في تاريخ الولايات المتحدة.

«مسيحي ومحافظ وجمهوري» على هذا النحو والترتيب وصف نائب الرئيس المنتخب نفسه، وقد وقع بنس قانوناً ينظم الإجهاض في ولاية انديانا، ووصفه معارضوه بأنه التشريع الأكثر صرامة. وأوقف قاضٍ فيدرالي تطبيق القانون لأنه «ربما» يخالف الدستور. لاشك أن بنس يتصرف بشكل أفضل بكثير من رئيسه الذي يكبره 13 عاماً. ويتميز الرجل بالحنكة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتوضيح مسألة خلافية مع ترامب، ويتهرب من الآخرين عندما يوجد خلاف خطير، مثل الجدل حول القرصنة الروسية، إذ من المعروف أن بنس ليس من مؤيدي التقارب مع الروس أو فلاديمير بوتين.

ويقول محللون إن بنس هو بمثابة الوجه الآخر للرئيس المنتخب، فمواقفه ووجهات نظره تتطابق في الكثير من القضايا مع ترامب، الأمر الذي يشير إلى أنه سيكون نائباً مؤثراً يسد «ثغرات» الرئيس المتعددة. ويذهب أعضاء في الكونغرس بعيداً، إذ يتوقعون بأن يكون بنس أحد أكثر نواب الرؤساء نشاطاً في تاريخ أميركا الحديث.

ويذكر أن بنس كان ضمن المؤيدين لتدخل الولايات المتحدة في العراق، ودعم أيضاً المشاركة في التحالف الدولي لإطاحة نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2011. ويعد هذا الجمهوري المحافظ أحد الداعمين للتجارة الخارجية، إذ صوت لصالح جميع القوانين في هذا الصدد في الكونغرس. إلا أنه لم يُخفِ معارضته لمواقف ترامب في بعض القضايا، ففي ديسمبر 2015، صرح بنس بأن الدعوات إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة «غير مقبولة وغير دستورية».

ومهما يكن فإن بنس قبل بأن يكون نائباً لرئيس قليل الخبرة في المجال السياسي، وعليه أن يسد هذا الفراغ، وأن يعمل مع بقية أعضاء الكونغرس من الجمهوريين لتحقيق التوازن المطلوب وتجنب المواجهة مع الديمقراطيين.

الأكثر مشاركة