صواريخ ترامب تهز جبهة بوتين الداخلية
ثمة أسباب عدة جعلت الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتخذ قراراً بضرب قاعدة جوية في سورية بالصواريخ. وإضافة إلى التبريرات التي قدمها حول المصالح القومية للولايات المتحدة، والحاجة لإثبات أن استخدام السلاح الكيماوي لن يمر دون دفع الثمن، والرد العاطفي على صور الأطفال الموتى، كانت ثمة اعتبارات أخرى تتعلق بالسياسة الداخلية.
خلال الأشهر الماضية، حقق الروس بعض النجاح في إقناع عدد كبير من الأطراف، بأن مصلحتهم في الصراع السوري تكمن في الانضمام إلى محادثات استانا العاصمة الكازاخية. لكن الأميركيين لم يكونوا موجودين في هذه المفاوضات، نظراً لأن محاولاتهم السابقة ومحادثاتهم الثنائية مع روسيا من اجل التوصل الى وقف لإطلاق النار قد فشلت. |
وتتضمن هذه الاعتبارات الرغبة في المقارنة بين حاله المبدئي وفشل سلفه في فرض «الخط الأحمر»، وهي فرصة لإظهار أن كل ما قيل عن علاقته بروسيا غير صحيح.
ومن المعروف غالباً الافتراض بأنه يتعين على القادة الغربيين الأخذ في اعتبارهم الآثار المرجحة على الجبهة الداخلية لأي تحركات يقومون بها في الخارج، إلا أن ذلك غير صحيح بالنسبة لقادة روسيا، الذين يشعرون بأنهم أحرار في التصرف كما يشاؤون. ولكن ذلك غير صحيح، إذ إن ضربة ترامب بالصواريخ على قاعدة الشعيرات، تشكل خطراً قوياً على القيادة الروسية، وهو الأمر الذي يمكن قراءته من لهجتهم ومن بين السطور التي كتبوها.
وكانت الكلمات الخارجة من موسكو في الساعات والأيام الأولى التي تلت الضربة الأميركية تبدو قاسية، بيد أنها معتدلة مقارنة باللغة التي كانت تستخدم سابقاً، وهذا الأمر بحد ذاته مهم. ولم تأتِ الإدانة الأقوى من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو من وزير خارجيته، وإنما من رئيس الحكومة ديميتري ميدفيديف، ومسؤولي وزارة الدفاع. وهذا له مغزى قوي بالنظر إلى الآثار السلبية المحتملة في روسيا خصوصاً الناجمة عن الضربة الأميركية، وهي تتعدى مجرد تقويض قدرات الحليف السوري.
وخلال الأشهر الماضية، حقق الروس بعض النجاح في اقناع عدد كبير من الأطراف، بأن مصلحتهم في الصراع السوري تكمن في الانضمام إلى محادثات استانا العاصمة الكازاخية. لكن الأميركيين لم يكونوا موجودين في هذه المفاوضات، نظراً لأن محاولاتهم السابقة ومحادثاتهم الثنائية مع روسيا من اجل التوصل الى وقف لإطلاق النار قد فشلت.
ونظراً لأن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد تخلى عن الدبلوماسية المتعلقة بسورية، ازدادت التوقعات بأن يتبنى الرئيس ترامب الموقف نفسه، ويصرح بأن الولايات المتحدة ليس لها مصالح حيوية في الدفاع عن سورية.
وخلال تطور الأحداث اقتنعت تركيا وإيران بالعمل معاً لإيجاد تسوية في سورية، كما أن سقوط حلب الشرقية أضاف شيئاً من الواقعية لدى بعض المعارضين اليائسين، وأصبح هناك نوع من القبول الضمني بالأسد للتوصل إلى نهاية للصراع.
وكل هذه الحسابات التي منحت روسيا الأمل بقيادة حل نهائي للصراع، والظهور بمظهر صانع السلام وليس مفجر الحروب، قد ذهبت الآن أدراج الرياح. وعلى الرغم من كل التطمينات الأميركية بأن الضربة ستكون واحدة فقط، إلا أن موسكو تشعر بالقلق. فهل تريد الولايات المتحدة مكاناً على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يمثل تحدياً للدور الروسي، وسيؤدي الى تشجيع المعارضات بمواصلة القتال؟
وبغض النظر عما قيل عن تلاعب روسيا بالانتخابات الأميركية، فإن الضجة الكبيرة التي اثيرت في واشنطن حول وجود اتصالات بين أعضاء من إدارة ترامب وموسكو، أدت إلى تأجيل التقارب بين الطرفين، كما أنها جعلت ترامب يعين أشخاصاً معروفين بعدم حبهم لروسيا لسهولة موافقة الكونغرس عليهم. وبلا ريب فإن الضربة الأميركية على سورية، وضعت عقبة أمام وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون وهو يحاول التقارب مع موسكو.
ونظراً إلى أن الانتخابات الرئاسية في روسيا مقررة العام المقبل، كما أن حالة الاقتصاد تبدو كئيبة، في حين أن التظاهرات المنددة بالفساد كثرت في العديد من المدن الروسية، يبقى آخر شيء يفكر فيه بوتين، هو الفشل في الحرب بسورية، أو المواجهة مع الولايات المتحدة.