60% من السكان لا يقدرون على شراء متطلبات شهر الصيام
غزة تستقبل «رمضان الأصعب» منـذ عقود
يأتي شهر رمضان على أهالي قطاع غزة للعام الحادي عشر على التوالي في ظل أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية تمر على القطاع المحاصر منذ عقود، وذلك بفعل استمرار وتشديد الحصار، وتعمّق حالة الانقسام الداخلي، وكذلك تفاقم أوضاع وأزمات المواطنين.
41 % معدلات البطالة في غزة، وارتفعت بشكل جنوني وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية، فيما يقدّر عدد العاطلين عن العمل بما يزيد على 200 ألف شخص خلال الربع الأول من عام 2017. انعدام الحركة التجارية في أسواق غزة، على الرغم من التجهيزات التي اتخذها التجار، وطرحهم العروض الخاصة على المواد الغذائية التي يحرص الأهالي على تناولها خلال رمضان. |
وقد تسبّب تشديد الحصار بمنع إدخال احتياجات الأهالي كافة من السلع والبضائع الأساسية، التي تعد عصب الحياة، والمحرك الرئيس للعجلة الاقتصادية، إذ إنه وفقاً لتقارير إحصائية حديثة صدرت عن دائرة الإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ عدد الذين مازالوا من دون مأوى جراء الحرب الأخيرة أكثر من 6700 أسرة، أي ما يقارب 35 ألف مواطن مشرّد، فيما تقدّر الفجوة البالغة في من يحتاجون إلى تقديم دعم مالي نحو 6000 عائلة نازحة.
وتعليقاً على ذلك، يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة، ماهر الطباع: «من المتعارف عليه أن معدلات الاستهلاك ترتفع من قبل المواطنين في شهر رمضان، ما يشكل عبئاً اقتصادياً إضافياً على كاهل المواطنين محدودي ومعدومي الدخل، حيث تزداد احتياجات المواطنين وتتضاعف المصروفات، من خلال الموائد الرمضانية المختلفة، والتزاماتهم من النواحي الاجتماعية والعائلية في ظل تفاقم أزمة البطالة والفقر».
ويشير الطباع لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن معدلات البطالة في غزة ارتفعت بشكل جنوني وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية، حيث بلغت 41%، فيما يقدّر عدد العاطلين عن العمل ما يزيد على 200 ألف شخص خلال الربع الأول من عام 2017، لافتاً الى أن نسبة الفقر والفقر المدقع تجاوزت 65%، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي بين العائلات الفقيرة.
ويوضح أن ما يزيد على مليون شخص في غزة (60% من إجمالي السكان) باتوا من دون دخل يومي، حيث يعتمدون على المساعدات الإغاثية المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
حالة ركود
ويأتي شهر رمضان والأسواق تشهد حالة من الكساد والركود في الأنشطة الاقتصادية كافة، وأهمها القطاع التجاري الذي يعاني ضعفاً في المبيعات، نتيجة ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين.
ويقول مدير العلاقات والإعلام في غرفة غزة التجارية: «إن استمرار الوضع على ما هو عليه سيكبد التجار والمستوردين ورجال الأعمال خسائر فادحة في الفترة المقبلة، خصوصاً من يتعامل بالبضائع الموسمية الخاصة بشهر رمضان والأعياد، ولن يستطيعوا تغطية مصروفاتهم الجارية والثابتة نتيجة الانخفاض الحاد في مبيعاتهم اليومية، فيما تزداد الأمور تعقيداً مع أزمة الكهرباء الطاحنة الخانقة التي تضرب قطاع غزة».
ويشير إلى أن الحصار الإسرائيلي أدى إلى تدمير البنية الاقتصادية والصحية والبيئية، ليعيش مليونا شخص في أكبر سجن بالعالم.
ويلفت الطباع إلى أن قطاع غزة في ظل الأوضاع الحالية دخل مرحلة ما بعد الموت السريري، حيث أصبح نموذجاً لأكبر سجن بالعالم من دون إعمار ومعابر، وهو خالٍ من الماء والكهرباء ومقومات الحياة الأساسية.
من جهة أخرى، يقول المدير التنفيذي لشركة أبوحميد للمواد الغذائية، مدين أبوحميد: «إن شهر رمضان يأتي على غزة في ظل وجود خشية كبيرة لدى التجار وأصحاب المحال من شراء كميات بضائع كبيرة، خصوصاً في شهر رمضان والعيد، خوفاً من عدم المقدرة على بيعها، وتعرّضها للتلف، في ظل الأوضاع المادية المتردية للأهالي».
ويؤكد انعدام الحركة التجارية في أسواق غزة، على الرغم من التجهيزات التي اتخذها التجار، وطرحهم للعروض الخاصة على المواد الغذائية التي يحرص الأهالي على تناولها خلال رمضان.
ويشير إلى أن أسعار السلع في الأسواق ارتفعت إلى النصف مقارنة مع الأعوام الماضية، لافتاً إلى أن ارتفاع كلفة الإنتاج بفعل تفاقم أزمة الكهرباء والضرائب المضافة أدى إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع الاستهلاكية، سواء المحلية أو المستوردة.
ويقول أبوحميد إن «الأوضاع في أسواق غزة سيئة للغاية، في عدم وجود قدرة شرائية لدى الغزيين، وتفاقم الأزمات الاقتصادية بشكل واضح، فالأهالي سيضطرون هذا العام إلى تقليص معدل شرائهم، والاكتفاء بالاحتياجات الضرورية والأساسية فقط».
أزمة الرواتب
يحل رمضان على أهالي غزة تزامناً مع أزمة خصم رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، التي بلغت نسبتها 30% من إجمالي راتب كل موظف، الأمر الذي شكل ضربة قاتلة للأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
ويقول الطباع «إن قرار خصم الرواتب تسبب في تداعيات خطيرة وكارثية على كل مناحي الحياة في القطاع، فالجزء الأكبر من الموظفين مدينون للبنوك، حيث يبلغ مجمل ما يتقاضونه شهرياً 40% من إجمالي الراتب، وبذلك لا يتبقى لهم ما يمكنهم من الإنفاق على عائلاتهم، وتسديد التزاماتهم المادية.
ويضيف أن «القرار أحدث خللاً كبيراً في حركة دوران السيولة النقدية وتسبّب في نقصها من الأسواق، كما فاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فقيمة الخصم تعد هي القوة الشرائية التي تم إعدامها من السوق».
من جهته، يقول التاجر علاء حبوش: «إن أزمة خصم رواتب أكثر من 200 ألف موظف في غزة تسببت في كارثة اقتصادية، فغالبية عملنا قائم على استهلاك الموظفين، بالإضافة إلى قائمة الديون الطويلة التي لم يقدروا على سدادها بفعل خصم جزء كبير من راتبهم الشهري».
ويوضح أن أزمة الرواتب أدت إلى انخفاض الحركة التجارية والقدرة الشرائية للمواطنين بشكل واضح، خصوصاً على صعيد شراء المواد الغذائية التي تعد الأساس لدى العائلات في رمضان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news