قال إنها دمرت دليل عدم انتسابه إلى أي جماعة سياسية
محمد فهمي: «الجزيرة» خدعتني وأطالت أمد اعتقالي
عام 2014، بدأ رئيس مكتب قناة الجزيرة القطرية السابق بالقاهرة، محمد فهمي، تنفيذ عقوبة بالسجن لمدة 438 يوماً، بتهمة الإرهاب وممارسة صحافة غير مرخصة، ما جعل القناة تتخذ من سجنه أداة قوية لتوجيه انتقادات لاذعة للحكومة المصرية.
- كلما زادت الشبكة تنسيقها مع حكومة قطر، وأخذت توجيهات منها، أصبحت الناطق باسم مخابرات الدوحة. - ذكر اللواء المتقاعد ريكاردو سانشيز، الذي قاد القوات الأميركية في الحملة الأولى للحرب في العراق، علناً، أنه يبدو أن صحافيي «الجزيرة» على علم مسبق بالهجمات الإرهابية التي تقع. |
إلا أن فهمي رفع، الآن، دعوى قضائية ضد أرباب عمله السابقين، وهي قناة الجزيرة. وعلى الرغم من أنه لايزال ينتقد بشدة الحكومة المصرية لسجنه، لكنه يقول أيضاً إن الحكومة المصرية محقة، عندما أكدت أن قناة الجزيرة هي حقاً قناة دعائية تخدم الإسلاميين، وذراع للسياسة الخارجية القطرية.
قناة مخابراتية
وذكر، في مقابلة أواخر الشهر الماضي، أنه «كلما زادت الشبكة تنسيقها مع الحكومة القطرية وأخذت توجيهات منها، أصبحت الناطقة باسم المخابرات القطرية». ويضيف: «هناك العديد من القنوات التي تتميز بالانحياز، لكن الجزيرة تجاوزت كل خطوط الانحياز، وهي الآن بمثابة صوت للإرهابيين».
وتعتبر شهادة فهمي ذات أهمية كبيرة، خصوصاً في الوقت الراهن، حيث تستقر قناة الجزيرة في قلب أزمة تمزق دول الخليج العربي. ففي وقت سابق من الشهر الماضي، فرضت السعودية والإمارات ومصر والبحرين مقاطعة سياسية ودبلوماسية على قطر. وكجزء من هذه المقاطعة، تم طرد الجزيرة من تلك البلدان.
إن معاملة قناة الجزيرة كذراع للدولة القطرية، بدلاً من أن تكون مؤسسة إخبارية، أمر قد لا يفهمه البعض، وهذا ناتج عن طبيعة البث باللغة الإنجليزية، الذي يتناول الموضوعات بشكل مختلف نسبياً عن البث باللغة العربية. فالبث العربي لقناة الجزيرة لم يلبِّ معايير الحيادية في السنوات الأخيرة. فالشبكة دأبت لسنوات على بث برنامج حواري أسبوعي للأب الروحي لـ«الإخوان المسلمين»، يوسف القرضاوي. وقد استخدم برنامجه ليشير إلى أن الشريعة الإسلامية تجيز الهجمات الإرهابية ضد الإسرائيليين والجنود الأميركيين. وذكر قادة عسكريون أميركيون، مثل اللواء متقاعد الجنرال ريكاردو سانشيز، الذي قاد القوات الأميركية في الحملة الأولى للحرب في العراق، علناً أنه يبدو أن صحافيي الجزيرة على علم مسبق بالهجمات الإرهابية التي تقع. وأخبرني فهمي بأن التعليمات تصدر للصحافيين بعدم الإشارة إلى فرع «تنظيم القاعدة» في سورية، وهو «جبهة النصرة»، كمنظمة إرهابية.
وقال لي إن جيران قطر لديهم كل المبررات لحظر قناة الجزيرة. وأضاف أن «الجزيرة انتهكت المعنى الحقيقي لحرية الصحافة، التي أدافع عنها وأحترمها، وذلك برعايتها لهذه الأصوات الإرهابية، مثل يوسف القرضاوي». ويمضي قائلاً «إذا استمرت قناة الجزيرة في مثل هذا المنهاج، فهي مسؤولة مباشرة عن العديد من الذئاب الوحيدة، في إشارة إلى الإرهابيين الذين يعملون منفردين، والكثير من هؤلاء الشباب الذين يتم غسل أدمغتهم».
تنسيق مع «الإخوان»
لم يكن لدى فهمي مثل هذا الرأي من قبل، عن أرباب عمله السابق، لكنه بدأ تغيير وجهة نظره، أثناء قضائه فترة العقوبة في سجن طرة بمصر، حيث احتك خلال إقامته هناك ببعض الإسلاميين الأكثر شهرة في مصر. فيقول «عندما بدأت التقي وأتحدث مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والمتعاطفين معهم، قالوا لي إنهم كانوا يقومون بتصوير الاحتجاجات وبيعها لقناة الجزيرة، والتعامل بسلاسة مع شركات الإنتاج في مصر المرتبطة بالشبكة».
أحد الأمثلة على تنسيق قناة الجزيرة مع جماعة الإخوان المسلمين، كان حول اعتصامات أفراد الجماعة والمنتمين إليها في صيف عام 2013، بعد إطاحة الرئيس «الإخواني» السابق، محمد مرسي.
وكجزء من قضيته ضد الجزيرة، طلب فهمي شهادة حارس أمن سابق للشبكة، ورئيس مجلس أمناء التلفزيون الحكومي المصري. وشهد كلاهما بأن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين استولوا على سيارة البث، التي كانت تستخدمها القناة في البث خلال الاعتصامات في الصيف. وبعبارة أخرى، أوعزت قناة الجزيرة لجماعة الإخوان المسلمين ببث احتجاجاتهم الخاصة.
وقد وقع هذا الحادث، في الأسابيع التي سبقت تعيين فهمي رئيساً لمكتب الشبكة في القاهرة. ويقول إنه لم يكن على علم بهذه العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، إلى أن تم ذلك من خلال بحثه وتنقيبه الخاص، عندما كان في السجن.
وتملك فهمي الغضب عندما علم بهذه الترتيبات، لأن ذلك تسبب في تقويض قضيته أمام المحاكم المصرية، وركيزتها عدم انتسابه لأي حزب سياسي أو جماعات إرهابية داخل مصر. وقال: «كان هذا بالنسبة لي صفعة كبيرة». ويمضي قائلاً «لكن بعد ذلك لم يعد هذا مقبولاً، إذ أصبحت في خطر، لأنني لن أستطيع إقناع القاضي بأنني مجرد ممارس للصحافة».
لا فضل لـ «الجزيرة»
في نهاية المطاف، تم إطلاق سراح فهمي من السجن عام 2015، ولم يكن إطلاق سراحه ناتجاً عن الجهود التي بذلها محامو الجزيرة بهذا الخصوص، لكن لأن محامية حقوق الإنسان، أمل كلوني، استطاعت إطلاق سراحه، وترحيله في نهاية المطاف من البلاد إلى كندا.
الآن يلفت فهمي الانتباه إلى قناة الجزيرة، فهو يعمل حالياً على إقناع محكمة في كولومبيا البريطانية بسماع قضيته في يناير ضد الشبكة، حيث يسعى من خلال هذه القضية إلى الحصول على تعويض بقيمة 100 مليون دولار، عن الأضرار التي تعرض لها جراء الإخلال بالتعاقد معه، والتحريف والإهمال.
وتعتبر قضية فهمي دليلاً آخر على أن الجزيرة التي يشاهدها الناطقون بالإنجليزية، ليست الجزيرة التي يشاهدها الناطقون بالعربية، في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وهذا يعتبر أيضاً دليلاً آخر على أن السياسة الخارجية لدولة قطر لعبة مزدوجة: فهي تستضيف قاعدة عسكرية تستخدمها الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، بينما تمول منصة إعلامية للمتطرفين.
إلي ليك كاتب عمود في «بلومبيرغ»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news