إغلاق «الجزيرة».. ضرب البوق الدعائي للمتطرفين
الحكومة المصرية هي واحدة من أربع دول عربية تطالب حالياً بإغلاق قناة «الجزيرة». وقد هب الصحافيون الغربيون للدفاع عن هذه القناة، لكن قلة من هؤلاء المدافعين عن «الجزيرة» يفهم تماماً كيف يختلف الخط التحريري لقناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية عن تلك الناطقة باللغة العربية، فقد تم إنشاء قناة الجزيرة باللغة الإنجليزية لتضفي وضعاً يبدو جديراً بالاحترام لدى المشاهد الغربي، أو غير العربي.
- تقول أم أحد مهاجمي جسر لندن، إن ابنها اكتسب التطرف جزئياً من خلال مشاهدته قناة «الجزيرة». - بينما اجتذبت الأموال القطرية صحافيين محترمين لقناتها الإنجليزية، فإن القناة العربية يهيمن عليها الدعاة المتطرفون، مثل الزعيم الروحي للإخوان المسلمين يوسف القرضاوي. |
طوال الحرب العراقية، نشرت قناة الجزيرة العربية مقاطع فيديو خاصة بقيادة تنظيم «القاعدة» تحرض على العنف ضد القوات الأميركية وقوات التحالف. وظلت تبث صوراً مروعة عن الجنود الغربيين القتلى، ويصف مقدمو البرامج العمليات التفجيرية بأنها «عمليات مقدسة»، كما تعرض الأنشطة الإرهابية على أنها أعمال «مقاومة». وشاهد الناس على القناة للمرة الأولى أشرطة فيديو لأمراء الحرب الأفغان المنشقين، وانتحاريي لندن في 7 يوليو 2007. وقبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، كانت قناة الجزيرة تمثل المنصة المفضلة للإرهابيين.
واستهدفت قناة الجزيرة على وجه الخصوص بلدي مصر - الحديث للكاتب - وخلال حديثه لدار شاتام بلندن هذا الشهر ذكر وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أن قناة الجزيرة قدمت مادة إعلامية لا تنتمي لجهة حزبية، ووفرت الفرصة للجميع «دون تحيز». إذا كان هذا صحيحاً، فكيف يفسر لنا حقيقة أن 22 موظفاً من مكتب الجزيرة في القاهرة استقالوا عام 2013 احتجاجاً على تغطية متحيزة لصالح الإخوان المسلمين؟ ووصفت الجزيرة آنذاك بأنها «قناة مرسي الإعلامية في القصر». وعندما تدفق الناس في شوارع القاهرة في عام 2013 مطالبين برحيل حكومة مرسي، اتهمت الجزيرة، من قبل صحافييها، بإساءة فهم مدى حجم الاحتجاجات.
دعمت الشبكة الإخوان المسلمين لأن قطر راهنت على نجاحهم، ولكن هذه العلامة التجارية السامة لهذا الحزب الإسلاموي، والتي تسعى لزرع الفرقة والفتنة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، رفضها الشعب المصري. وعلى الرغم من هذه التجربة الفاشلة، تواصل قطر دعم الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط.
وبينما اجتذبت الأموال القطرية صحافيين محترمين لقناتها الإنجليزية، فإن القناة العربية يهيمن عليها الدعاة المتطرفون، مثل الزعيم الروحي للإخوان المسلمين يوسف القرضاوي. ويلقى القرضاوي خطبه أمام 60 مليون مشاهد. أما رجل الدين الآخر، وجدي غنيم، الذي حكم عليه بالإعدام غيابياً في مصر، فيظهر بانتظام على القناة، وقد احتفل بوفاة بابا الأقباط، وهو يشير إلى المسيحيين فقط بأنهم «صليبيون»، إضافة الى ذلك فإنه برر الاسترقاق الجنسي لليزيديين.
في فبراير من هذا العام، بثت قناة الجزيرة سيرة ذاتية متواصلة، وتأبيناً للزعيم الروحي للجماعة الإسلامية في مصر، وهي جماعة مسؤولة عن موت الآلاف في بلدي، وهو معروف في الغرب باسم «الشيخ الأعمى»، الذي حكم عليه في عام 1995 بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة عن جرائم إرهابية. وأشادت قناة الجزيرة بدور عبدالرحمن في «تعليم الشباب المسلمين الذين أصبحوا جوهر أيديولوجية الجهاد للدفاع عن الأمة الإسلامية، القائل إنه إذا فقدت هذه الأمة شبراً واحداً من أراضيها يصبح الجهاد إلزامياً على كل مسلم».
ينبغي ألا نسمح لهذا النوع من البث أن يستمر في الشرق الأوسط، نحن نعيش في منطقة متقلبة، وتتحمل وسائط الإعلام التي تعمل فيها مسؤولية تعزيز روح الاعتدال والتسامح. إن عدم الاهتمام بذلك سيترتب عليه عواقب حقيقية في هذا الجزء من العالم الذي نعيش فيه، وعلى الغرب بالضرورة.
وتقول أم أحد مهاجمي جسر لندن، إن ابنها اكتسب التطرف جزئياً من خلال مشاهدته قناة الجزيرة. هذه ليست قضية حرية تعبير، إنما هي قضية منع المتطرفين من الحصول على منبر لنشر الكراهية والتحريض على العنف، فقد أظهرت قناة الجزيرة مراراً أنه لا يمكن الوثوق بها.
لقد أكد وزراء خارجية كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين، الذين اجتمعوا في القاهرة هذا الشهر، وبصوت عالٍ وواضح: لم يعد بإمكاننا أن نسمح لقطر بتعزيز التطرف والسعي إلى زعزعة استقرار منطقتنا.
«الجزيرة» هي إحدى أدوات السياسة الخارجية الخطيرة في دولة قطر، هذه السياسة الخارجية التي دعمت جماعة الإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» و«جبهة النصرة» و«الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة». إن أولئك الذين يدافعون عن «الجزيرة» يدافعون عما لا ينبغي الدفاع عنه.
أسامة هيكل نائب برلماني، رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار في البرلمان المصري (ووزير الإعلام المصري السابق 2011-12)