دعوى إسقاط «جنسية حسانين» تفتح مجدداً ملف الجالية المصرية في إسرائيل
قررت محكمة مصرية أخيراً، تأجيل دعوى إسقاط جنسية المواطن المصري هيثم حسانين، بعد أن كرمته جامعة إسرائيلية في تل أبيب، إلى 24 ديسمبر المقبل، وفتحت القضية مجدداً ملف الـ12 ألف مصري، الموجودين في إسرائيل، ويقيم معظمهم بمدينة الناصرة، حيث دعا البعض لإسقاط جنسيتهم، بينما يطالب آخرون بالتفريق بين نوعين من «مصريي إسرائيل»، أولهما المتزوج من إسرائيليات يهوديات صهيونيات، وعددهم لا يتجاوز الـ12 حالة، والآخر هم المتبقون من المتزوجين من فلسطينيات مسلمات أو مسيحيات، ولايزالون متمسكين بالثقافة العربية، فيما حدث تطور نوعي لوضعهم داخل إسرائيل، حيث اعترفت السلطات العبرية رسمياً بجاليتهم، مقدمة لهم بعض التسهيلات القانونية، في الوقت الذي لم يتلقوا فيه رداً بعد من السفارة المصرية في إسرائيل.
وكانت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المصري، برئاسة المستشار سامي عبدالحميد، قد نظرت الدعوى المقامة من المحامي سمير صبري، التي تطالب بإسقاط الجنسية عن الطالب هيثم حسانين، بعد أن تم تكريمه في جامعة تل أبيب في حفل تخرجها السنوي لطلاب الماجستير الدوليين، وألقى كلمة اعتبرتها الدعوى مستفزة للرأي العام العربي، في مديح الكيان العبري، وديمقراطيته، وإيمانه بالسلام، واختصمت الدعوى رقم 72421 لسنة 71 قضائية وزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء، وانتهت الدائرة إلى التأجيل.
كان هيثم حسانين قد قال في كلمته أمام جامعة تل أبيب «لاتزال نزعة معاداة السامية حاضرة في مصر، وقد بدأت هذه الظاهرة مع استمرار المسلسلات الدرامية المصرية التي أطلقت شرارة الولع بالنساء اليهوديات، عبر إظهارهن بحلّة النساء (الإسرائيليات) الفاتنات اللواتي تصعب مقاومتهن، ووظيفتهن الوحيدة هي إرغام الرجال العرب على خداع بلدانهم. وهناك العديد من القصص التي عزّزت الصورة النمطية التقليدية المعادية للسامية، عبر إظهار اليهود على أنهم فاحشو الثراء، ويسيطرون على العالم. وتخللت بعض المشاهد متجراً يحمل اسم أدولف هيتلر، وقد يعود السبب في ذلك إلى تمجيد أفعاله».
إسقاط الجنسية
• ينقسم مجتمع المصريين في إسرائيل إلى ثلاث مجموعات: الأولى من المهاجرين غير الشرعيين، الذين يتمثل هدفهم الأساسي بادخار أكبر قدر ممكن من الأموال، والثانية من المقيمين الدائمين الذين يدفعون الضرائب، ويتمتعون بالحقوق والمزايا الكاملة، على غرار الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، والمشاركة في الانتخابات البلدية. والثالثة أولئك الذين قرروا أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين رغم الوصمة المحيطة بهذا القرار في مصر، بما فيه حظر محتمل مدى الحياة على العودة إلى بلدهم. • قضية المصريين في إسرائيل معقدة، ومصدر التعقيد شكل العلاقة مع إسرائيل الذي هو سلام على المستوى الحكومي، لكنه رفض لسياسات الاحتلال والاغتصاب والاستيطان والإجرام على المستوى الشعبي. |
يذكر أن السلطات المصرية أسقطت في نوفمبر 2015 جنسية ملكة جمال العرب في إسرائيل نجلاء سليمان، المولودة لأب مصري وأم من فلسطينيي 1948، والتي كانت تحمل الجنسيتين المصرية والإسرائيلية، بعد أن شنّ الإعلام المصري حملة واسعة ضد استمرار حملها الجنسية المصرية، رغم محاولتها الانحناء لعاصفة الهجوم، ورفض تمثيل إسرائيل دولياً، كما أسقطت الجنسية المصرية أيضاً عن دينا عوفاديا، التي التحقت بجيش الاحتلال الإسرائيلي.
من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أستاذ العبري الحديث والفكر الصهيوني بجامعة الإسكندرية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، لـ«الإمارات اليوم» إن «ملف المصريين الموجودين في إسرائيل معقد جداً، ولم يتم حسم توثيق تفاصيله، فهناك رابطة لهم ترى أن عددهم يصل إلى 12 ألف شخص، وهناك من يرى أن هذا العدد انخفض إلى 5000، والعدد المسجل في السفارة لا يزيد على 1000 شخص، وسر التضارب في الأرقام أن الجميع وصلها عبر ستار السياحة، وربما من خلال جهة ثالثة هي قبرص، ومن ثم أصبح هناك مجال للتخبط في التقديرات». وتابع فؤاد «لابد أن نوضح أن العلاقة بين مصر وإسرائيل لاتزال على المستوى الشعبي مرفوضة، وأن من سافر وأقام بعد الزواج أو العمل في إسرائيل، يعبر عن تجارب ومغامرات شاذة، وثمة نماذج تورطت بعد أن راهنت على نجاح مسيرة السلام واستقرار الأمور في المنطقة، رغم أن العلاقات الرسمية ذاتها شهدت أجواء غير طبيعية، مثل سحب السفير من الجانبين، وعدم وجود ملحق عسكري لمصر في إسرائيل».
وقال فؤاد أنور «إن رفع دعاوى قضائية للمطالبة بسحب جنسية مصريين يعيشون في إسرائيل أمر منطقي، لأن إسرائيل ليست دولة طبيعية، وجرائمها واحتلالها وعنصريتها تمثل استفزازاً للمشاعر المصرية والعربية بشكل دائم».
وأشار إلى أن المصريين في إسرائيل لا يمكنهم بأي حال الانتخاب أو الترشح، لخطورة تقييم مواقفهم وأنشطتهم وتأثيرها في الأمن القومي المصري.
وأكد فؤاد أنور انه «من واقع مستندات موثقة، تبين أن إسرائيل بالتعاون مع قطر وتركيا تسعى إلى تعطيل تصدير منتجات مصرية ناجحة، وإضعاف العملة المصرية، وأن هناك شركات لها شراكات إسرائيلية، تعمل في مجال الأعشاب الطبية (طيفاع)، مارست التدليس، وهناك محاولات التخريب المعروفة في الزراعة المصرية، وهناك قضية التجسس الصناعي والاقتصادي من قبل عزام عزام والقائمة لا تنتهي». وختم فؤاد «أن الأمر يحتاج إلى وعي وسد الثغرات القانونية، بما في ذلك ما يتماس مع وضع المصريين في إسرائيل».
7000 مصري
في السياق ذاته، قال ناشط في تجمع المصريين في الناصرة، في تصريحات إعلامية «إن هناك ما بين 3000 و7000 مصري يعيشون في إسرائيل. ومعظمهم متزوجون من إسرائيليات (فلسطينو 1948)، مسلمات أو مسيحيات، بينما لا يتجاوز عدد المتزوجين من يهوديات الـ12 شخصاً. وينقسم هذا المجتمع إلى ثلاث مجموعات، الأولى من المهاجرين غير الشرعيين، الذين يتمثل هدفهم الأساسي بادخار أكبر قدر ممكن من الأموال، والثانية من المقيمين الدائمين الذين يدفعون الضرائب، ويتمتعون بالحقوق والمزايا الكاملة، على غرار الرعاية الصيحة، والضمان الاجتماعي، والمشاركة في الانتخابات البلدية، والثالثة أولئك الذين قرروا أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين، رغم الوصمة المحيطة بهذا القرار في مصر، بما فيه حظر محتمل مدى الحياة على العودة إلى بلدهم.
رسالة للرئيس
وكانت الجالية المصرية في إسرائيل قد وجهت رسالة إلى الرئاسة المصرية، نشرتها وسائل الإعلام في مايو الماضي، قالت فيها «نحن اقترنّا بزوجات فلسطينيات من أسر عربية حافظت على أرضها ووطنها، وبحكم الجغرافيا يحملن الجنسية الإسرائيلية، وأبناؤنا يفتخرون بين ذويهم بأنهم مصريون، ولكن فوجئنا في الآونة الأخيرة بالتضييق المستمر عليهم بدءاً من عدم السماح لهم بالتعلم في مصر، ثم تأخير استخراج التأشيرة من السفارة، كما تم سحب الجنسية المصرية من بعضهم».
من جهته، قال الصحافي المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي، أحمد صالح لـ«الإمارات اليوم»، إن «قضية المصريين في إسرائيل معقدة، ومصدر التعقيد شكل العلاقة مع إسرائيل، الذي هو سلام على المستوى الحكومي، لكنه رفض لسياسات الاحتلال على المستوى الشعبي، كما أن هناك جانباً يتعلق بظروف هجرة المصريين إلى الخارج، وتوجههم من هناك لإسرائيل، وهناك أيضاً التحام المصريين بفلسطيني 1948، وزواجهم من أسر مسلمة ومسيحية، وبالتالي وجودهم في الثقافة العربية، بحيث لا تستطيع أن تتهمهم بـ(الأسرلة)، وهناك قضية التطبيع، وقضية محاولات الاختراق المخابراتي الإسرائيلي».