معركة بين الناصريين وعمرو موسـى بعد اتهامه ناصر بجلب طعامه من ســويسرا
فتح الأمين العام السابق لجامعة الدول الدول العربية المرشح الرئاسي المصري في انتخابات 2012، عمرو موسى، معركة جديدة في المشهد السياسي المصري مع الناصريين والقوى القومية، بانتقاده الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والقول إنه «كان يستورد طعامه من سويسرا»، ورد ناصريون ومسؤولون بالدولة المصرية في الستينات على اتهامات عمرو موسى، وربط آخرون بين الهجوم المفاجئ واحتمالات ترشح عمرو موسى مجدداً في انتخابات 2018، ورغبة موسى في تقديم نفسه بصورة مناهضة للتجربة الناصرية لقوى عالمية.
حكاية مراسل روى الكاتب الناصري، سليمان الحكيم، في صفحته على الـ«فيس بوك» حكاية ذكرها في كتابه «حوارات عن عبد الناصر»، قال فيها إن «قائد الحراسات في بيت عبدالناصر، العميد فاروق أبوزيد حكى له أن الإجراءات الأمنية كانت تقضي بتفتيش الداخلين إلى البيت أو الخارجين منه، وذات يوم خرج عم محمد، وكان محل ثقة الرئيس، فقد اختاره ليكون مراسله الخاص لقضاء حاجياته خارج البيت، فرفض عم محمد الخضوع للتفتيش، خصوصاً أنه كان يحمل لفافة من ورق الصحف بها شيء مثير للانتباه، وأصر الرجل بشدة أمام توسلاتنا له أن ينصاع للتعليمات حتى أنه بكى، الأمر الذي زاد شكوكنا، ولم نجد أمامنا من مخرج سوى إبلاغ الرئيس ليتصرف بنفسه مع الرجل، وحين جاء الرئيس انتحى جانباً بعم محمد، وقبل أن يفض اللفافة للرئيس الذي ضحك حين رأى محتواها، وربت علي كتف الرجل ثم عاد إلينا ليقول: هذان قميصان أعطيتهما له ليركب لهما ياقات عند خياطي الخاص جنيدي، ولم يشأ أن يفضح رئيسكم إذا علمتم أنه يلبس قمصاناً قديمة». على صعيد مقابل، دعت أصوات على مواقع الاتصال الاجتماعي الناصريين إلى قبول كل الشهادات المتعلقة بعهد عبدالناصر بصدر رحب، وعدم الانجرار إلى إغراء مرض «عبادة الفرد» السياسي، خصوصاً أن عمرو موسى في ذكره واقعة استيراد الأطعمة من سويسرا، شدد على أنها «أطعمة بسيطة» و«لأسباب صحية»، وأردف ذلك بقوله «لا أستطيع أن أسيء إلى عبدالناصر، أحفاده هم أحفادي، ولا أقصد الإهانة أو العيب في شخصه». وعنونت جريدة «المصري اليوم» ردة فعل الناصريين بالقول «عمرو موسى في مصيدة الناصريين»، وعنونت جريدة «الفجر» «ثورة ناصرية ضد عمرو موسى». عبدالحكيم عبدالناصر: الاختلاف مع الرؤساء أمر ممكن، لكن ما يتم مع عبدالناصر ليس خلافاً ولكنه حقد، كنا نشرب الماء من الصنبور، والمياه التي نشربها الآن لم تدخل بيتنا يوماً. الإعلامية فريدة الشوباشي: ما الذي جعل عمرو موسى يصحو من نومه بعد 47 عاماً من وفاة جمال عبدالناصر ليقول مثل هذه التصريحات؟، وما هذا التوقيت الغريب الذي خرج فيه العديد لمهاجمة عبدالناصر؟ - اعتبر موسى أن هزيمة 1967 نهاية صولجان عبدالناصر وبداية لتدهور الأحوال المصرية. |
وأثار موسى في مذكراته التي أصدر الجزء الأول منها، الأسبوع الماضي، عن «دار الشروق» وحملت اسم «كِتابيَه»، ضجة واسعة لما تضمنته من معلومات وشهادات ورؤى جديدة، حيث قال إن «عبد الناصر كان يستورد طعاماً خاصاً لاهتمامه بنظام غذائي معين، وكان يرسل من وقت لآخر من يأتي له بأصناف معينة من الطعام، خاصة بالريجيم، من سويسرا، وكان يأتي لإحضارها رجل ضخم الجثة، وكان هو المسؤول عن تسليمها له».
كما هاجم عمرو موسى عبدالناصر سياسياً، بشأن مسؤولية الأخير عن هزيمة 1967، وقال موسى «إن القرار السياسي الذي أدى إلى الحرب كان بالقطع خاطئاً، وحساباته غير دقيقة، وتوقعاته غير سليمة، تكاد تصل إلى حد المقامرة، ولم يكن يصح أن نعرّض بلدنا لهذا التحدي المدمر»، ووصف موسى جمال عبدالناصر بالديكتاتور الذي قاد مصر للهزيمة، مضيفاً أن مظاهرات التنحي مسرحية، وأن عبدالناصر اختصر مصر في شخصه، فكل ما هو جيد له جيد لها».
نهاية الصولجان
واعتبر موسى أن «هزيمة 1967 نهاية صولجان عبدالناصر، وبداية لتدهور الأحوال المصرية، فقبل بدء الحرب قرر عبدالناصر إغلاق خليج العقبة، وسحب القوات الدولية من سيناء، وأغرق البلاد في أجواء تعبوية كبيرة، ومن بين الشعارات التي تم ترديدها في الإعلام خلال هذه الفترة (العقبة قطع رقبة)، في إشارة لمصير أي قوة إسرائيلية تحاول المرور من خليج العقبة بالبحر الأحمر».
ونوه موسى إلى أن ما حدث من هزيمة في 1967 كان طبيعياً من وجهة نظر النخبة «فقد كانت الأنباء تترى عن وجود صراعات بين القيادة السياسية الممثلة في عبدالناصر، والقيادة العسكرية المتمثلة في المشير عبدالحكيم عامر، كانت هذه من الأمور التي تبعث على قلق النخبة (على الأقل)، فضلاً عما تواتر عن قمع أي بصيص للمعارضة، وما عرف عن تدجين الصحافة»، لكنه اعترف أيضاً بعضوية «التنظيم الطليعي» وهو التنظيم السري الذي كان يسيطر على الوضع في مصر في الحقبة الناصرية، ويكتب المنتمون إليه تقارير عن كل ما يجري في البلاد.
ولم يكتفِ موسى بتحميل عبدالناصر المسؤولية عن حقبته حتى وفاته عام 1970، بل اعتبره السبب في ما يجري اليوم، وقال موسى في المذكرات إن «سياسات عبد الناصر هي سبب اندلاع ثورة 25 يناير2011».
وقال موسى في مطلع مذكراته إنه «ولد لأسرة وفدية بحي المنيل، حيث كان والده مقرباً للزعيم التاريخي مصطفى النحاس، وجده لأمه برلماني يحمل البكوية من أسرة عريقة هي بيت الهرميل، تمتلك سرايا في طنطا، ويخصص لهم جناح كامل حين يزورونها، وإنه وقف وهو طفل أمام زعيم الكتلة الوفدية، فكري مكرم عبيد، ينشد شعراً حين جاء لزيارتهم، كما خطب في جماهير الوفد وسنه ثماني سنوات، كما قابل النحاس باشا وهو طفل، حيث ظل الأخير يلاطفه».
واعترف موسى في المذكرات بأنه رسب في الصف الأول الثانوي، وسبّب صدمة واسعة للأسرة.
انتقادات
وقد أثارت هجمة عمرو موسى المفاجئة على عبد الناصر ردة فعل واسعة في أوساط الناصريين، واعتبروا أن انتقادات موسى تحمل خلفيات وراءها وحسابات تتم تصفيتها، كما اعتبروها رسالة يوجهها موسى لأطراف داخلية ودولية.
فقد أصدر الحزب الناصري عبر مكتبه الإعلامي بياناً دان فيه اتهامات موسى، وأعلن عضو المكتب السياسي والإعلامي للحزب الناصري، هشام حبابير أن «الحزب يستعد لمقاضاة عمرو موسى، حيث ستتقدم اللجنة القانونية في الحزب ببلاغ ضده، نظراً إلى ما تضمنته مذكراته الصادرة أخيراً تحت عنوان (كتابيه) من تجاوزات في حق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر».
وأضاف حبابير «من حق أي شخص التعبير عن رأيه كما يشاء، لكن تزوير التاريخ مرفوض، وهناك فرق بين سرد التاريخ ووجهات النظر»، مؤكداً أن هناك تعمداً لتشويه التاريخ وجمال عبدالناصر لمصلحة رجال الأعمال، على حد تعبيره. وتابع أن «تيار الإسلام السياسي ورجال الأعمال هم أكثر كرهاً وحقداً على التجربة الناصرية التي أصابتهم في مقتل، وكل فترة يخرج علينا مدَّعو الثقافة، ومن كانوا مستفيدين من نظام مبارك، ليهاجموا عبدالناصر». وختم بالقول إنه يتوجب على عمرو موسى أن ينظر إلى تاريخه أولاً، المثبت بوثائق وحقائق، حيث حقق لقطر مبتغاها بموافقة الجامعة العربية على ضرب الناتو لليبيا قبل رحيله، وإسقاط نظام القذافي.
من جهته، نفى مدير مكتب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، سامي شرف، على الفور اتهامات موسى، وقال شرف في بيان إعلامي «لم يحدث مطلقاً أن استورد عبدالناصر طعامه من سويسرا، الدواء فقط كان يستورده من الخارج، أتحدى عمرو موسى أن يثبت تلك الادعاءات»، وتابع شرف «أما أزمة 67 فأعتقد أنه لا يمكن تسطيحها في (كلام فارغ) مثل الذي قاله موسى، إنني أدعوه لمراجعة آلاف الوثائق عما جرى في حرب يونيو 1967».
وقال نجل الزعيم جمال عبدالناصر، الدكتور عبدالحكيم عبدالناصر، لبرنامج «العاشرة مساء» إن «الاختلاف مع الرؤساء أمر ممكن، لكن ما يتم مع عبدالناصر ليس خلافاً ولكنه حقد، كنا نشرب الماء من الصنبور، والمياه التي نشربها الآن لم تدخل بيتنا يوماً».
بدوره قال الكاتب الصحافي الناصري، فتحي الشوادفي، لـ«الإمارات اليوم» إن تصريحات عمرو موسي بخصوص جبنة سويسرا، من حيث كونها معلومات، تم تكذيبها من أكثر من طرف أقرب للزعيم الراحل من عمرو موسي، حتي وإن حاول موسي تلطيف ما جاء في مذكراته، وفي اعتقادي الشخصي أن موسي، لغرض في نفسه، يحاول إعادة تقديم صورة عبدالناصر من الزعيم المتقشف إلى الزعيم المرفه، تمشياً مع الحالة الرأسمالية المسيطرة علي الحالة العربية، والمصرية في القلب منها، وحتي لا يكون تقشفه مدخلاً لانتقاد سلوكيات من خلفه، وحتي رجال الأعمال والوزراء في زمن الفشخرة الرأسمالية».
وقال الكاتب الصحافي، مصطفى بكري، في تغريدة له على «تويتر» «لا أعرف مصدر المعلومات التي استند إليها السيد عمرو موسى في ادعائه الكاذب عن استيراد عبدالناصر لطعامه من سويسرا، ولا أعرف سنده في هذا»، وأضاف «الادعاء استهدف الإساءة إلى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، المعروف ببساطته، والذي عاش فقيراً ومات فقيراً، لقد نفى السيد سامي شرف هذا».
وقالت الإعلامية فريدة الشوباشي «ما الذي جعل عمرو موسى يصحو من نومه بعد ٤٧ عاماً من وفاة جمال عبدالناصر، ليقول مثل هذه التصريحات؟ وما هذا التوقيت الغريب الذي خرج فيه العديد لمهاجمة عبدالناصر مثل رئيس حزب المصري الديمقراطي السابق، محمد أبوالغار، وأسامة غريب وصلاح منتصر، ثم الآن عمرو موسى؟».
وتابعت الشوباشي «لماذا لم يحدثنا أحد من هؤلاء، وفي مقدمهم عمرو موسى، عما فعله من جاؤوا بعد عبدالناصر؟ وما فعله هؤلاء في حكمهم لمصر بداية من أنور السادات وحتى محمد مرسي».