رغم تحالفها مع واشنطن لمحاربة الإرهاب
أميركا تضيف تشاد إلى قائمة الممنوعين من دخول البلاد
دأبت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لسنوات عدة على دعم دولة تشاد والثناء عليها، وهي الواقعة في وسط القارة الإفريقية، باعتبارها شريكاً متعاوناً في الحرب على الإرهاب.
لكن أخيراً ظهرت أخبار صادمة للتشاديين والمحللين المحليين، إذ أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تشاد دخلت ضمن قائمة جديدة تتضمن الدول التي يمنع سكانها من دخول الولايات المتحدة.
• ما يزيد حيرة المرء أن تشاد أثبتت أنها واحدة من أفضل شركاء الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب بالمنطقة. • يعاني اقتصاد تشاد بالنظر إلى سعر النفط ــ الذي يعد أكبر مداخيلها ــ تراجعاً كبيراً في السنوات الماضية. |
وأوردت الحكومة الأميركية في بيانها المتعلق بالموضوع وجود مجموعات إرهابية في تشاد، وقالت: «تشاد لا تتمتع بالسلامة العامة المناسبة، كما أنها لا تقدم ما يكفي من المعلومات عن الإرهاب». وقال مدير الجمعية التشادية لحقوق الإنسان نور عبيدو: «دهشنا من الإعلان الأميركي، إذ إنه كان مثيراً للسخط، ونحن لا نفهم كيف لم تعد دولتنا أهلاً للثقة من قبل الولايات المتحدة».
وتم إضافة كوريا الشمالية إلى القائمة الجديدة التي أصدرتها الولايات المتحدة للدول الممنوع رعاياها من دخول الولايات المتحدة، كما فُرضت قيود على دخول القيادات السياسية في فنزويلا وعائلاتهم إلى الولايات المتحدة، وبقيت الصومال وليبيا واليمن وسورية في القائمة.
واستناداً إلى معهد الدراسات الأمنية الأميركي، فقد شنت مجموعة «بوكو حرام» أكثر من 120 هجوماً في نيجيريا العام الماضي، لكن أربعة فقط في تشاد. وقال البيت الأبيض في بيانه إن تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي» كان فاعلاً أيضاً، مضيفاً: «ضمن تشاد أو في المنطقة المحيطة به»، ولكن «القاعدة في المغرب الإسلامي» أكثر وجوداً في مالي، حيث تقوم الميليشيات بمهاجمة قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام هناك بصورة متكررة. وقال مدير وسط افريقيا في منظمة «المجموعة الدولية للأزمات» ريتشارد مونكريف: «ليس لدينا مؤشرات إلى حدوث نشاطات عنيفة قوية غير (بوكو حرام)، الأمر الذي يجعلنا نشعر بالارتباك نتيجة القرار الأميركي الأخير المتعلق بضم تشاد إلى قائمة الممنوعين من دخول الولايات المتحدة».
أفضل الحلفاء
وما يزيد في حيرة المرء أن تشاد أثبتت أنها واحدة من أفضل شركاء الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب في المنطقة. وفي شهر مارس الماضي قام نحو 2000 جندي أميركي بمناورات عسكرية في تشاد تهدف إلى دعم القوات الأمنية المحلية، وخلال الأعوام الماضية، استخدمت القوات الجوية الأميركية تشاد قاعدة تنطلق منها لمراقبة مهمات مجموعة «بوكو حرام». وقال السفير ألكساندر لاسكاريز نائب المسؤول عن المشاركة المدنية العسكرية في القيادة الأميركية الإفريقية، خلال زيارة له قام بها إلى هناك العام الماضي: «تعمل دولنا معاً من أجل بناء مستقبل أفضل ليس في تشاد فحسب، وإنما في جميع أنحاء المنطقة».
وتم استخدام العاصمة التشادية نجامينا أيضاً مقراً لقيادة القوات الفرنسية المؤلفة من 4000 جندي، التي مهمتها مكافحة الإرهاب، والتي أطلق على عمليتها «عملية بارخان»، حتى إن جيش تشاد ذاته تدخل عبر الحدود في دول إفريقيا الوسطى ومالي ونيجيريا. وفي عام 2013 ذكرت التقارير أن القوات التشادية قتلت قائد تنظيم «القاعدة» في مالي. وفي عامي 2014 و2015 وخلال معارك كبيرة ضد «بوكو حرام»، اعتبر الكثير من المراقبين أن القوات التشادية أكثر فاعلية من القوات النيجيرية، على الرغم من أن تشاد أشد فقراً من نيجيريا.
وكتب مونكريف، من مجموعة الأزمات الدولية، في بداية شهر سبتمبر، يصف الرئيس التشادي إدريس ديبي: «الاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة بصورة خاصة، يعتبرون الآن السيد ديبي شريكهم الرئيس في الحرب على الإرهاب في المنطقة»، وبناء على كل ما ذكر فما هو السبب المفاجئ الذي يجعل إدارة ترامب تُدخل تشاد في قائمة الممنوعين من دخول الولايات المتحدة؟
في الوقت الحالي يبدو الأمر في غاية الغموض والإرباك، خصوصاً بالنسبة للتشاديين، لكن يبدو الآن أن القرار الأميركي متعلق بمشكلات تتركز حول عملية تبادل المعلومات مع تشاد حسب البيان الأميركي. وقال مسؤولو الإدارة الأميركية إنهم أزالوا السودان من القائمة التي كانت فيها سابقاً بعدما حسنت تعاونها مع الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي، لكن ذلك يظل محيراً جداً، اذ إنه من غير الواضح أيضاً ما إذا كانت تشاد تفتقر إلى القدرة الإدارية على تبادل المعلومات المتعلقة بطلبات تأشيرات الدخول، أو أن الولايات المتحدة تحركت على هذا الشكل لتظهر مدى التوتر في العلاقات بين الدولتين.
ويعاني اقتصاد تشاد بالنظر إلى سعر النفط ــ الذي يعد أكبر مداخيلها ــ تراجعاً كثيراً في السنوات الماضية. وقال تقرير نشر العام الماضي إن وزارة الخارجية أشارت إلى أن المشكلات الاقتصادية المتفاقمة في هذا البلد أدت إلى تدهور وضع القوات الأمنية في تشاد. وقال التقرير الذي نشرته وزارة الخارجية العام الماضي: «تواصل حكومة تشاد جعل جهود محاربة الإرهاب في قمة أولوياتها، لكن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في هذا البلد تؤثر على قدرتها لسد التزاماتها المالية الأساسية، مثل دفع رواتب قوات الشرطة والجيش».
وقال مونكريف إن أي قصور في التعاون مع الولايات المتحدة ربما يرجع إلى الافتقار إلى القدرة الإدارية وليس نتيجة رفض تشاد تقديم المساعدة في قضايا محاربة الإرهاب. وأضاف: «تشاد تتميز بقدرة ضعيفة جداً جداً للدولة، ومع وجود أزمة اقتصادية في الوقت الحالي ازداد الوضع سوءاً».
وظهرت تشاد باعتبارها واحدة من أهم الدول المضيفة للاجئين في المنطقة، حيث يعيش فيها نحو 400 ألف لاجئ، بمن فيهم العديد الذين هربوا من دارفور في غرب السودان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news