الاحتلال منحهم القرار بتشكيل بلدية الحي اليهودي لتعزيز سيطرتهم
«الجيب الاستيطاني» في الخليل يتوسع بعد امتلاك المستوطنين إدارة شؤونهم
في خطوة لإحكام السيطرة على مدينة الخليل المحتلة، عززت السلطات الإسرائيلية من تواجد المستوطنين في الجيب الاستيطاني (تجمع المستوطنات الإسرائيلية) الواقع وسط مدينة الخليل المحتلة، جنوب الضفة الغربية، بمنحهم سلطة إدارة شؤونهم البلدية.
بلدية الخليل مسؤولة عن كل الخدمات في البلدة القديمة، لكن القرار الجديد يتيح للمستوطنين تشكيل مجلس بلدي مسؤول عن الخدمات، بما فيها صلاحيات إصدار رخص البناء. |
فقد أصدرت السلطات الإسرائيلية لاحقاً قراراً عسكرياً بمنح المستوطنين الذين استولوا على أحياء وعقارات وسط البلدة القديمة في الخليل السلطة لإدارة شؤونهم، وتشكيل مجلس خاص بهم أطلق عليه اسم «بلدية الحي اليهودي»، التي ستوفر خدمات بلدية للمستوطنين في كل المجالات.
ويعد هذا القرار الأول من نوعه منذ احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، ومؤشراً خطيراً إلى بداية مرحلة ترسيخ دولة المستوطنين بصيغة قانونية، وبشكل مؤسساتي، فيما تنظر إليه الجمعيات الإسرائيلية المناهضة للاستيطان على أنه تعزيز للفصل العنصري للمدينة المحتلة، التي صنفتها الأمم المتحدة في يوليو الماضي ضمن قائمة التراث العالمي المهدد بالزوال.
الجيب الاستيطاني
يقول الخبير في شؤون الاستيطان في الخليل عبدالهادي حنتش، لـ«الإمارات اليوم»: «إن الجيب الاستيطاني يعد قصة التجمعات الاستيطانية في الخليل التي بدأت فصولها بإنشاء مستوطنة كريات أربع عام 1968، وذلك عندما أقامت مجموعة من المستوطنين أسابيع عدة بفندق بارك في الخليل، الذي كان معروفاً بفندق (النهر الخالد)، وبعد احتجاج آل القواسمي أصحاب الفندق، خرج المستوطنون وأقاموا في بناية بجانب مقر الحكم العسكري في قلب الخليل».
ويضيف: «في عام 1969 سيطر اليهود على منطقة جبلية مرتفعة شرق الخليل تقع بالقرب من وادي الغروز والبويرة والبقعة، تبلغ مساحتها (4940 دونماً)، وأقاموا عليها مستوطنة كريات أربع بقرار من حكومة حزب العمل، حيث قدم المشروع (شمعون بيريز وإيغال الون) وكان بيريز يشغل منصب وزير البنى التحتية».
ويشير حنتش إلى أن إقامة المستوطنات في الخليل توالت بعد كريات أربع، حيث أنشأت بعدها مستوطنات الدويا، وتجمع بيت هداسا الذي يعد كالسرطان؛ لأنه يقع في قلب البلدة القديمة، حيث استولى المستوطنون على البناية التي كانت تستخدم مستشفى للفلسطينيين، بعد ذلك اتسعت المستوطنات لتشمل تل رميدي، والحسبة، وإبراهيم أفينو على مشارف الحرم، وبيت رومانو.
ويلفت حنتش إلى أن بلدية الخليل هي المسؤولة عن كل الخدمات ورخص البناء في البلدة القديمة، موضحاً أن القرار الجديد يتيح للمستوطنين تشكيل مجلس بلدي مسؤول عن الخدمات، بما فيها صلاحيات إصدار رخص البناء في الأحياء الفلسطينية، التي يستوطنون في داخلها.
ويقول الخبير في شؤون الاستيطان: «إن المجلس البلدي الذي منحته إسرائيل للمستوطنين القاطنين في البلدة القديمة سيخدم فكرة إنشاء الحي اليهودي في قلب المناطق الفلسطينية، حيث عرفته الخرائط الإسرائيلية بأنه المساحة التي تشمل السكان الفلسطينيين والمستوطنين الذين يسكنون بين 22 حاجزاً عسكرياً إسرائيلياً في البلدة».
ويضيف أن «ذلك يعني أن 40 ألف فلسطيني يعيشون في المنطقة التي يطلق عليها الحي اليهودي، و250 آخرين يعيشون في المدينة، سيواجهون سلطة حقيقية يديرها 800 مستوطن مدججون بالسلاح، ويسيطرون على أجزاء من البلدة القديمة بمنطق القوة».
تسريع الاستيطان
ويرى مسؤول شباب ضد الاستيطان في الخليل عيسى عمرو، أن إسرائيل من خلال قرارها إنشاء مجلس محلي للمستوطنين، قررت التقدم بشكل سريع نحو إنهاء عملية الصراع الدائرة في الخليل، عبر إنشاء بلدية للمستوطنين، مضيفاً: «هذا يعني أن يكون لتلك البلدية صلاحيات بامتلاك أراضٍ ومساحات وعقارات للمصلحة العامة، أي أن التوسع الاستيطاني سيتم من خلال هذه البلدية».
ويقول مسؤول شباب ضد الاستيطان: «إن الحي اليهودي حسب ما يزعمون يمتد من عمارة قفيشة، وتربة اليهود، ومنطقة تل الرميدة، ومنطقة الزيتون، بما فيها حاجز الكونتينر، وشارع الشهداء، ومحيط مدرسة قرطبة والعين الجديدة، ومنطقة البركة والسهلة، ومحيط المسجد الإبراهيمي، وحارة السلايمة وغيث، وجزء من حارة جابر والجعبري، ووادي النصارى والحصين، وشارع عثمان بن عفان، وجميع تلك المناطق التي يسكنها 40 ألف فلسطيني ستكون تحت ولاية بلدية المستوطنين الجديدة».
ويلفت إلى أن القرار يفتح الطريق أمام المستوطنين للاستيلاء على مزيد من البيوت والممتلكات في البلدة القديمة، وتوسيع الحي الاستيطاني، وصولاً إلى ضمه لإسرائيل.
التنصل من بروتوكول الخليل
كانت إسرائيل قد قسمت مدينة الخليل بموجب اتفاق بروتوكول الخليل الموقع مع السلطة الفلسطينية عام 1997 إلى منطقتين: (H2) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، والتي تشكل ثلث مساحة المدينة، وفي القلب منها البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي الشريف، ومنطقة (H1) الخاضعة للسلطة الفلسطينية.
ويقول مسؤول شباب ضد الاستيطان: «إن ما يجري داخل البلدة القديمة من إنشاء مجلس بلدي للمستوطنين هو إلغاء فعلي لبروتوكول الخليل، فالقرار الأخير سيحول السيطرة الأمنية الإسرائيلية إلى بلدية، ما يعني تكريس انقسام المدينة، وذلك يخالف ما ذكره البروتوكول بأن الخليل هي مدينة مفتوحة وليست مغلقة».
ويضيف أن معظم الأراضي الفلسطينية في الخليل محمية قانونياً أمام المحاكم الإسرائيلية، لذلك فإن شراءها أو مصادرتها ليس بالأمر السهل، فجاؤوا بمخرج قانوني يضمن التوسع الاستيطاني عبر التنصل من بروتوكول الخليل وتقسيماته (H1) و(H2)، والتملص من الالتزامات الإسرائيلية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news