بعد دحر تنظيم «داعش».. العراق يواجـه تحديــــات ضخمة
رغم إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أمس، «انتهاء الحرب» ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في البلاد، يبقى هذا «النصر الكبير» هشاً في حال لم يتم القضاء على الأسباب التي أدت إلى بروزه، وفق ما يشير خبراء.
وقد خاض العراق معركة عنيفة ضد المسلحين الذين هددوا وجوده في عام 2014، لكن النجاح العسكري لا يعد كافياً.
يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد «إيريس» للشؤون الدولية والاستراتيجية في باريس، كريم بيطار، معلقاً: «لايزال يتعين القيام بالكثير لتجفيف المصادر التي أتاحت بروز تنظيم (داعش). حرموا من الظهور وهزموا عسكرياً، لكن المنبع الذي خرجوا منه لايزال خصباً».
ويعتبر بيطار أنه يجب «أولاً تعزيز قوة السلطات المركزية مع اتباع سياسات شاملة لا تهمش أي طائفة». ويضيف انه بعد ذلك «سيكون من الضروري معالجة مشكلات إعادة الإعمار، والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، ومحاربة الفساد، وضمان التوزيع العادل للإيرادات النفطية، بالطبع من دون نسيان استئناف المفاوضات مع حكومة إقليم كردستان».
ويبدو العراق اليوم في حالة ضعف، بانتظار يد العون التي تساعده على النهوض مجدداً.
ويشير الخبير في الشؤون العراقية والأستاذ في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف، محمد ولد محمدو، إلى أن «حل مشكلة تنظيم (داعش) ليس عسكرياً فحسب».
إعادة الإعمار والمصالحة
يقول ولد محمدو إن «مسألة تنظيم (داعش) لن تختفي، والجانب العسكري بعيد عن النهاية. ففي نزاعات مماثلة، تبقى الأعمال العدائية قائمة لفترة طويلة على مستوى يتطلب التزاماً كبيراً».
لذا يلفت ولد محمدو إلى أنه «يضاف إلى ذلك أن عملية إعادة الإعمار ستكون في هذه الحالة، اجتماعية أكثر منها مسألة بنى تحتية».
بالنسبة إلى كريم بيطار «طالما أن المشكلات الأساسية لم تحل، والشعور بالاضطهاد والإذلال مستمر لدى بعض العراقيين السنة، فإن خطر تحول أو تمرد جديد للحركة المعارضة ليس مستبعداً».
ويضيف أن «الحروب الإقليمية بالوكالة وضعف الحكومات المركزية، لن تسمح في هذه المرحلة بقلب صفحة التطرف المسلح نهائياً».
ويتابع أن «العراق شهد عنفاً خلال سنوات من الدكتاتورية الشرسة، ثم الغزو الأميركي الكارثي، وبعدها وحشية (داعش)، وحوصر بجميع الصراعات الإقليمية. لقد تم تهميش المجتمع المدني والمعتدلين لفترة طويلة، وكانت اليد العليا للأصوات الأكثر تطرفاً».
يرى بيطار أن «ما يسمى بالنظام التأسيسي الذي وضعه الأميركيون بعد عام 2003، قد عمد إلى تعميق خطوط الصدع، ما يعني أن التوازن السياسي للسلطة أصبح الآن منحرفاً تماماً بالانتماءات الطائفية».
مستقبل الحشد الشعبي
الملف الآخر الذي سيكون محط جدل كبير، هو مستقبل قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل غالبيتها شيعية، وتأسست في عام 2014 بدعوة من علي السيستاني، أكبر مرجع شيعي في البلاد لمواجهة تقدم تنظيم «داعش».
يقول ولد محمدو إن «هذا الكيان الحكومي شبه العسكري، نما إلى حد أنه حل تقريباً محل الجيش العراقي النظامي، وقواته الخاصة الأخرى».