حمام بخار وجاكوزي ومسبح لمزار ديني بـ 30 مليار تومان
الصراع السياسي في إيران يكشف فضيحة الضريح السياحي
فجر عضو مجلس الشورى الإيراني (البرلمان)، قاسم ميرزائي، فضيحة جديدة عن الفساد الذي يضرب عاصمة ملالي إيران، حيث كشف أن ميزانية بلدية طهران التي اعتمدها مجلس بلدية العاصمة في عهد عمدة طهران السابق، محمد باقر قاليباف، الشهير بـ«جنرال الكماشة»، تضمنت إنشاء حمام بخار وجاكوزي ومسبح في سرداب ضريح ديني في منطقة «فاناك» شمال غرب العاصمة طهران، بكلفة بلغت 30 مليار تومان إيراني، أي نحو تسعة ملايين دولار، ما حوله لضريح سياحي.
تسليط الضوء على فضيحة الضريح السياحي يأتي ضمن السياق السياسي وتصفية الحسابات بين روحاني ورجاله وبين قاليباف، الذي كان يعد أقرب منافسي روحاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. |
ووفقاً لموقع «خبرأونلاين»
https://www.khabaronline.ir/detail/752458/society/urban فإن ميرزائي، وهو عضو «جبهة التدبير والأمل» البرلمانية التي تعمل ضمن التيار المؤيد للدولة (جريان حاميان دولت)، الذي انضوت تحت رايته جميع الفصائل السياسية المؤيدة بشكل كامل للرئيس الحالي حسن روحاني، استند إلى تقرير أصدره عمدة طهران الحالي الذي ينتمي للتيار نفسه، محمد علي نجفي، الذي انتقد فيه ميزانية المجلس البلدي السابق برئاسة قاليباف وأوجه الإنفاق ومصادره.
وانتقد نجفي، وهو المستشار السابق للرئيس روحاني للشؤون الاقتصادية ووزير التربية والتعليم الأسبق، في تقريره طريقة الحصول على المساعدات المالية المخصصة للمؤسسات الثقافية الخاصة، وطريقة صرف هذه المساعدات خارج القنوات المتبعة في رعاية الفعاليات الدينية والثقافية والأضرحة الدينية والمساجد.
وأكد ميرزائي، أن كتلته البرلمانية ستتابع هذا الملف الذي سيراجع فترة تولي قاليباف منصب عمدة لطهران على مدى 12 عاماً.
ويبدو أن ميرزائي التقط طرف الخيط ليشن حملة على قاليباف من خلال تقرير صديقه في التيار (نجفي)، وليصعد من محاولات اغتيال قاليباف سياسياً عبر البرلمان والإعلام، في إطار الصراع بين المحافظين بزعامة المرشد الإيراني، علي خامنئي، الذي ينتمي لهم قاليباف، والإصلاحيين الذين ينتمي إليهم نجفي وميزرائي والرئيس روحاني. إذاّ، تسليط الضوء على فضيحة الضريح السياحي يأتي ضمن السياق السياسي وتصفية الحسابات بين روحاني ورجاله وبين قاليباف، الذي كان يعد أقرب منافسي روحاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وخلال الانتخابات الرئاسية قبل الأخيرة التي جرت في 2013، وقع تراشق إعلامي ومناظرة شهدت تجريحاً متبادلاً بين روحاني وقاليباف، حيث عمد روحاني إلى تذكير قاليباف بتاريخه الأمني والعسكري العنيف، بعد أن حاول قاليباف النيل من روحاني باتهامه بمنع إصدار تراخيص نشاطات سياسية عندما كان أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني، وهو ما ردّ عليه روحاني، بقوله «أنتم من قال: اسمحوا بتقدم الطلاب. نحن لدينا استراتيجية الكماشة. نحن قلنا ليس طريقة مناسبة أن نصدر ترخيصاً لكي تقوموا باعتقالات بالجملة».
وبعد هذه المناظرة أصبح لقب قاليباف «جنرال الكماشة»، الأمر الذي أضره سياسياً ولاحقه منذ تلك المناظرة حتى الآن، وربما كان السبب وراء انسحابه في الانتخابات الرئاسية في مايو الماضي لمصلحة المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، الطامع في منصب المرشد الإيراني، ضد روحاني. وهذه الفضيحة ليست جديدة ضد قاليباف، فيبدو أن الرجل تعوّد ذلك خلال توليه منصب عمدة طهران على مدى 12 عاماً خلفاً لأحمدي نجاد، حيث يعتبر نفسه محصناً، خصوصاً أنه اشتهر بأنه فتى الحرس الثوري القوي والمدلل منذ عهد الخميني وحتى عهد خامنئي، ما سهل له صعوده الصاروخي في أجهزة الحرس وأجهزة الدولة، وتم فتح العديد من ملفات فساده، إلا أنه ظل قابعاً في منصبه، بل ترشح للرئاسة ثلاث مرات بدعم من المرشد الإيراني.
تجدر الإشارة إلى أن موقع «دويتشه فيلله» الألماني كشف أن كلفة بناء الضريح والمراكز الدعائية والدينية التابعة لمقبرة مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله الخميني في أول سنتين من وفاته (1989) بلغت ملياري دولار، إلا أنه لا توجد تقارير تكشف المبالغ التي خصصت لهذه المقبرة خلال الـ26 سنة الماضية، ما يكشف حجم الإهدار والفساد.
وتأتي فضيحة الضريح السياحي الأخيرة عقب تظاهرات اجتاحت عموم المدن الإيرانية، ضد الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشها الشعب الإيراني، والتي سريعاً ما تم وأدها وقمعها لمصلحة بقاء رجال خامنئي وبقية المعممين الذين يسخرون ميزانية الدولة لمصالحهم الشخصية، ولمصلحة تأسيس ودعم الميليشيات المسلحة في دول المنطقة ودعم الإرهاب، كما يحدث في العراق وسورية واليمن وغيرها من دول المنطقة.
وتبقى التساؤلات حول هذه المرحلة الجديدة من الصراع: ما سبب إثارة هذه الملف غير الجديد على قاليباف من قبل رجال روحاني؟ ولماذا الآن؟ وهل لذلك علاقة برصد الإصلاحيين لمساعي رجل الدين والقضاء إبراهيم رئيسي لخلافة خامنئي، ومن ثم دعم قاليباف مستقبلاً للرئاسة؟>
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news