رجل البشير القوي والمخابرات يعود إلى منصبه بعد 9 سنوات
الفريق «قوش» يثير موجة ترقب وتساؤلات
قرار الرئيس السوداني عمر البشير إعادة الفريق أول صلاح عبدالله صالح الشهير بـ«قوش»، مديراً لجهاز الأمن والمخابرات، كان مفاجئاً لجميع الأوساط السياسية والرأي العام السوداني، بعد إقالته ثم اتهامه بمحاولة انقلابية، وأثار موجة ترقب وتساؤلات، خصوصاً أنّ القرار تزامن مع تفاقم الأزمات الداخلية، والإخفاقات في إصلاح الوضع الاقتصادي، وتذبذب العلاقات بين البشير ورموز المعارضة، في ظل موجة الغلاء والارتفاع الحاد في أسعار السلع الغذائية.
عُرف قوش بقبضته الأمنية القوية، وأنه صاحب ذاكرة «حديدية»، يجيد المناورات ويطبّق استراتيجية الغموض والتمويه. |
ومثلت عودة «قوش» إلى منصبه السابق، بعد إقالته ثم اتهامه بمحاولة انقلابية، مفاجأة من العيار الثقيل، بعد تسع سنوات من إبعاده عن رئاسة الجهاز في أغسطس عام 2009.
وحسب صحيفة «سودان تربيون»، فإن قرار إعفاء «قوش» من رئاسة الجهاز وقتها، ووفق معلومات قوية كان يقف وراءه المدير السابق لمكتب رئيس الجمهورية الفريق طه عثمان، وذلك بعدما أقنع الرئيس البشير بضرورة إبعاد «قوش» عن رئاسة جهاز الأمن، وكان سبباً بحسب دوائر مقربة من القصر الرئاسي في إقالته، وتعيين نائبه الفريق محمد عطا المولى مديراً للجهاز.
بعدها أوكل البشير إلى «قوش» مستشارية الأمن القومي، لإدارة حوار مع القوى السياسية المعارضة، لكن خلافات متعاظمة نشبت بينه وبين مساعد الرئيس وقتها نافع علي نافع، حتمت إقالته من المستشارية وتجريده من مناصبه التنفيذية والتنظيمية، وفقاً للموقع السوداني.
وفي نوفمبر عام 2012، اعتقل «قوش» مع عدد من كبار الضباط المنتمين للإسلاميين في جهاز الأمن والمخابرات والقوات المسلحة، أبرزهم العميد محمد إبراهيم عبدالجليل الشهير بـ«ود إبراهيم»، لكنْ الأخير وعدد آخر من الضباط أفرج عنهم بعد وقت وجيز، عقب إدانتهم أمام محكمة عسكرية خاصة، بموجب عفو رئاسي.
وظل «قوش» في الحبس نحو ثمانية أشهر، بتهمة التخطيط لقلب النظام، وهو ما نفاه قطعياً. ثم أفرج عنه بعدها بموجب عفو رئاسي، بعد وساطات تبنتها قيادات رفيعة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، كما أن الادعاء أشار إلى نقص الأدلة في مواجهته، ما يحتم إسقاط الاتهام عنه، بحسب «سودان تربيون».
وبعد إخلاء سبيله، قال «قوش» إنه «لايزال ابن (الإنقاذ) (انقلاب البشير العسكري عام 1989)، منها وإليها وفيها، ولم تتغير مبادئه، وابن المؤتمر الوطني»، وظل بعيداً عن عداء النظام وقيادته، وانخرط في العمل البرلماني، نائباً عن دائرة مدينة مروي، التي فاز بانتخاباتها عام 2015.
وأشارت تحليلات، وقتها، إلى أن «قوش»، الذي يوصف بأنه أحد رجال «الإنقاذ» الأقوياء، خرج من جهاز الأمن بعد أن مكث فيه 10 سنوات، وتمكن من الاحتفاظ داخله بعلاقات وثيقة ومتشابكة، وتكمن خطورته في هذه العلاقات التي كونها في الجهاز، بحسب «سودان تربيون».
ويحتفظ رجل المخابرات الغامض، أيضاً، بعلاقات وثيقة مع دوائر وأجهزة استخبارات إقليمية ودولية، وبعلاقة وثيقة مع الاستخبارات الغربية، لاسيما المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أيه)، التي تعاون معها جهاز الأمن السوداني في مجالات مكافحة الإرهاب، إبان إدارته له.
عرف «قوش» بقبضته الأمنية القوية، وقد شهد جهاز الأمن السوداني إبان توليه تطورات كبيرة، وقفزة نوعية في مقدراته.
ويحظى «قوش» بتاريخ طويل في العمل الأمني والاستخباري داخل السودان، وذلك منذ فترة دراسته في كلية الهندسة بجامعة الخرطوم، حيث كان زملاؤه في الدراسة يطلقون عليه اسم «قوش»، أو الرجل الذكي، نسبة إلى عالم رياضيات هندي شهير كان يتسم بالنبوغ.
كانت خبرته في العمل الاستخباري وجمع المعلومات وتحليلها، كما يقول متابعوه، سبباً في التحاقه بجهاز المخابرات عام 1999، بعد عام من قدوم حكومة «الإنقاذ» عبر الانقلاب العسكري، وتقلد منصب مدير العمليات الخاصة بجهاز الأمن، قبل أن يصبح مديراً لمجمع اليرموك الصناعي للأسلحة عام 1995، ثم أصبح نائباً لمدير جهاز الأمن الداخلي عام 2000، ثم تولى منصب مدير جهاز الأمن عام 2002، حتى أصبح مديراً لجهاز الأمن والمخابرات بعد دمج الجهازين عام 2004.
من يعرفونه جيداً يقولون إنه صاحب ذاكرة «حديدية»، ويجيد المناورات ويطبق استراتيجية الغموض والتمويه، وإنه طموح للغاية، رغم أن البعض وصف «قوش» بأنه كان دائماً موجوداً في منطقة الظل.وتأتي عودة «قوش» إلى جهاز المخابرات السوداني، في وقت تقود فيه السلطات الأمنية حملة ضد تظاهرات معارضة، اندلعت بداية العام الجاري، احتجاجاً على ارتفاع أسعار السلع الغذائية وفي مقدمتها الخبز، حيث ينظر إلى «قوش» باعتباره رجل النظام القوي القديم العائد إليه مجدداً بـ«كاريزمته» الخاصة، وتأثيره الواضح في العمل العام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news