علاقتهما «متذبذبة» منذ أشهر عدة
تيلرسون يخسر معركته الأخيرة أمـــام «مزاجية» ترامب
في غرفة خاصة تابعة للقاعة العظيمة الشعبية في الصين، جلس وزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى جانب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إضافة إلى عدد من المسؤولين الأميركيين، مع مضيفيهم الصينيين، وأمامهم أطباق سلطة القيصر. وشعر ترامب، الذي كان في جولة بقارة آسيا تستغرق خمسة أيام، بالقلق من أن عدم تناول أطباق السلطة من شأنه أن يثير غضب الصينيين، حسب ما ذكره أشخاص مطلعون على الزيارة. وبناء عليه أمر، وزير الخارجية تيلرسون أن يبدأ بالأكل، قائلاً: «ريكس تناول السلطة».
- في وزارة الخارجية ظل ثلث الوظائف، التي تتطلب موافقة الكونغرس، وعددها 152، بلا ترشيحات. - الرئيس وعد تيلرسون بأن يكون له الحق في اختيار موظفي «الخارجية».. لكنه أخلف وعده. |
وأخذ تيلرسون المسألة بأنها مزحة، لكن تلك اللحظة توضح العلاقة السيئة بين وزير الخارجية ورئيسه، التي وصلت إلى نهايتها يوم الثلاثاء الماضي، عندما أعلن ترامب، في تغريدة له، أنه أقال وزير الخارجية تيلرسون.
في البداية، كان الرئيس ترامب متحمساً لوصول مدير تنفيذي سابق إلى إدارته، إذ إن تيلرسون كان الرئيس التنفيذي لشركة «أكسون موبيل» الروسية العملاقة لإنتاج النفط. ورغم أنه طرح خيارات عدة، مثل محافظ نيويورك السابق رودي جيلاني، وحاكم ماساتشوستس السابق ميت رومني، فإن ترامب اختار تيلرسون بتوصية من وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس، ووزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس، وملياردير النفط هارولد هام، حسب ما ذكره المطلعون على الموضوع.
وقال أحد الأشخاص المقربين من الرئيس إن هام أخبر الرئيس الجديد بأنه «عندما تكون هناك فائدة كبيرة في إحدى الدول، فلن يكون لأحد فرصة للحصول عليها إذا كان ريكس موجوداً، لأنه سيحصل عليها فوراً». فأجابه ترامب «هذا ما نريده».
ومثل تعيين تيلرسون في منصب وزارة الخارجية، مجيء مدير تنفيذي إلى واشنطن للعمل كأول رئيس رجل أعمال. ولم يتمكن أحد قبل ترامب من الفوز بالبيت الأبيض دون أن تكون لديه خبرة في الحكم أو تجربة عسكرية. لكن تيلرسون وجد نفسه فوراً في مكان غير ملائم، فأمامه عبء دبلوماسي كبير، مع اقتراح بتخفيض ميزانية الوزارة البالغة 55 مليار دولار، بنسبة 40%، كما أنه بعيد عن البيت الأبيض.
ومنذ البداية، حاول تيلرسون أن يحسن العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس، عن طريق محاولة القيام باجتماعات بين الفينة والأخرى، برئيس مجلس الأمن القومي في وزارة الخارجية، وذلك حسب ما ذكره شخص مطلع على هذه الفكرة، لكن ذلك تم رفضه. وفي داخل البيت الأبيض وجد نفسه مضطراً للمرور عبر ثلاثة أشخاص، لم يكونوا قد ولدوا عندما عمل في «أكسون» عام 1975.
واصطدم تيلرسون (65 عاماً)، بسياسة الهجرة أمام الرئيس مع مستشار الرئيس ستيفن ميلر، البالغ عمره 32 عاماً. وبعد أن حاول ميلر أن يتذاكى على تيلرسون، صرخ فيه هذا الأخير بغضب شديد، وهو الأمر الذي اعتبره ترامب تجاوزاً للحدود من قبل وزير الخارجية، وذلك حسب ما ذكره أحد المطلعين على هذا الموقف.
ساعد جوني ديستيفانو، البالغ من العمر 38 عاماً، والمسؤول عن موظفي البيت الأبيض، على إلغاء العديد من مواعيد تيلرسون، كما أنه كان يتم التدخل في الأولويات الدبلوماسية الرئيسة من قبل صهر الرئيس، وكبير مستشاريه جاريد كوشنر (37 عاماً)، والذي يسيطر على قضية السلام في الشرق الأوسط.
وكان الرئيس قد وعد تيلرسون بأنه سيكون له الحق في اختيار موظفي الوزارة، لكنه أخلف وعده سريعاً. ولم يكن تيلرسون يلعب دوراً مركزياً في عملية اتخاذ القرار بالبيت الأبيض، والمتعلق بحظر السفر إلى الولايات المتحدة من قبل بعض الدول. ويبدو أنه حصل تغيير كبير في عمل تيلرسون، الذي كان يأمر الجميع في شركة «أكسون».
لست مضطراً للحديث
وكان تيلرسون قد أثار إرباك وحيرة المستشارين في البيت الأبيض، لعدم استعداده للانخراط في وسائل الإعلام. وفي مقابلة أجريت مع تيلرسون أكتوبر الماضي، مع وول ستريت جورنال، عندما سئل: لماذا لا يتحدث كثيراً مع الإعلام خلال سنته الأولى في الإدارة، قال: «لست بحاجة إلى الحديث لمجرد الحديث، وسأتحدث عندما تكون هناك حاجة لذلك».
ورغم صعوبة الفترة التي قضاها في المنصب، فإن تيلرسون ساعد على تنفيذ حملة ترامب، المتمثلة في فرض أقصى الضغوط على كوريا الشمالية، حيث طرح القضية مع العديد من المسؤولين الأجانب. وتحركت نحو 20 دولة استجابة له، إذ قام بعضها بإغلاق السفارات، وطرد عمال كوريا الشمالية، وما شابه ذلك من خطوات للضغط على النظام الكوري الشمالي.
وكان تيلرسون مسؤولاً عن تحسين العلاقات بين العراق والسعودية، الأمر الذي مهد لقيام أول زيارة لوزير خارجية السعودية عادل الجبير لزيارة بغداد منذ سنين، كما قال مسؤولون. وساعد تيلرسون على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، عبر التفاوض مع روسيا والأردن في جنوب غرب سورية، رغم أن مسؤولين حذروا من أن المنطقة يمكن أن تصبح في خطر، نتيجة العنف المتزايد.
وإضافة إلى ما سبق، كافح تيلرسون من أجل الحصول على موظفين في وزارة الخارجية، بعد أن شعر عدد من موظفي الوزارة بأن تيلرسون يتجاهل استشارتهم في السياسة، في حين أن العديد من كبار الموظفين تركوا الوزارة، كما أن العديد من المناصب الكبيرة، التي تتطلب موافقة الكونغرس، بقيت شاغرة.
وظل ثلث الوظائف الرئيسة، البالغ تعدادها 152 في وزارة الخارجية، التي تتطلب موافقة الكونغرس، بلا ترشيحات. ومن ضمن مساعدي الوزير البالغ تعدادهم 28، والذين يديرون الوزارة برمتها، تمت الموافقة على 10 فقط، ولم ترشح إدارة ترامب أي شخص لملء المناصب الباقية.
ومع اقتراب تيلرسون من إكمال عامه الأول في الوزارة، قال المساعدون المقربون منه «إنه سيبقى»، أي أنه نجا من كل التوترات والاضطرابات التي مر بها. لكن مع قيام البيت الأبيض بمبادرات دبلوماسية مهمة، بما فيها موافقة ترامب على لقاء زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون، قرر الرئيس أنه حان الوقت للتغيير.
وكان رئيس موظفي البيت الأبيض، جون كيلي، قد أيقظ تيلرسون في وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي، بينما كان في رحلة إلى إفريقيا، ليبلغه بأنه من المرجح أن يفصل من منصبه، حسب ما ذكره مسؤولون. فقطع تيلرسون زيارته، وعاد إلى واشنطن في وقت مبكر من يوم الثلاثاء. وفي ذلك اليوم نشر ترامب تغريدة، قال فيها إنه عين مدير المخابرات المركزية مايك بومبيو وزيراً للخارجية، وشكر تيلرسون على الخدمات التي قدمها، وعندها قام أحد المساعدين بإبلاغ تيلرسون بأنه فقد منصبه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news