التهديدات الأميركية والضغوط الصينية ستُجبر كوريا الشمالية على تقديم التنازلات
زيارة كيم يونغ أون للصين مؤشر إلى مركزية بكين في المنطقة
بعد الزيارة المباغتة التي قام بها رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون لبكين، يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم حول إمكانية نجاح استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالنسبة لكوريا الشمالية.
ولطالما كانت استراتيجية الرئيس الأميركي جلية منذ تسلمه مقاليد السلطة في البيت الأبيض، وتتمثل في محاولته ممارسة ضغوط قوية على كوريا الشمالية كي تتخلص من أسلحتها النووية، خصوصاً التي يمكن ان تهدد الولايات المتحدة بصورة مباشرة.
وللقيام بذلك لجأ ترامب إلى التهديدات المتكررة باستخدام الخيار العسكري ضد كوريا الشمالية، حيث تحدث عما سماه «النار والغضب» ضد كوريا الشمالية، ولكنه كان دائماً ينوي استخدام الصين، حليف كوريا الشمالية الوثيق، من أجل ممارسة أقصى أشكال الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية على نظام كوريا الشمالية. والهدف من ذلك أن تعمل التهديدات الأميركية والضغوط الصينية على إجبار كوريا الشمالية على تقديم التنازلات.
هدف قريب المنال
• سيتطلب التقدم الدبلوماسي الحقيقي مناقشات التوصل في نهاية الأمر إلى معاهدة سلام في شبه الجزيرة الكورية، والتي تضع بصورة رسمية حداً لجميع الحروب التي اندلعت هناك في خمسينات القرن الماضي. |
ويبدو أن هذا الهدف بات قريب المنال إثر زيارة كيم أون للصين. وقال الزعيم الكوري في تصريح له قبيل مغادرته كوريا الشمالية، إنه يتعهد بأن «قضايا نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية يمكن التوصل إلى حلها»، ولكن على الرغم من أن هذا البيان يبدو مشجعاً، إلا أن الالتزام النظري بالتخلص من الأسلحة النووية لايزال أمامه قضايا كبيرة ينبغي حلها. وأشار تصريح رئيس كوريا الشمالية أيضاً إلى «خطوات متزامنة من أجل السلام»، حيث يمكن أن ترمز هذه العبارة إلى مطالب قديمة وطويلة الأمد، وتتمثل في طلب كوريا الشمالية من الولايات المتحدة سحب قواتها من شبه الجزيرة الكورية. وبالطبع فإنه ليس هناك أي إدارة أميركية يمكن أن تفكر حالياً بسحب قواتها من كوريا الجنوبية. وربما يعتبر ترامب وجود القوات الأميركية في كوريا الجنوبية خطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه، على الرغم من أن أسلوبه في السياسة الخارجية غير تقليدي إلى درجة أنه لا يمكن اعتبار أي شيء قضايا مسلّم بها.
وعلى نطاق أوسع فإن مستقبل القمة الأميركية الكورية الشمالية، والقمة بين كوريا الشمالية والجنوبية التي ستحدث قبل ذلك، ستطرح وبوضوح، احتمال بدء حل كل أنواع القضايا المجمدة. وسيتطلب التقدم الدبلوماسي الحقيقي مناقشات التوصل في نهاية الأمر إلى معاهدة سلام في شبه الجزيرة الكورية، والتي تضع بصورة رسمية حداً لجميع الحروب التي اندلعت هناك في خمسينات القرن الماضي، ولكن في الوقت الحالي ببساطة هناك هدنة فقط. ويبدو أن حكومة كوريا الجنوبية التي يقودها الرئيس مون غاي إن، الذي يعتبر من الحمائم، متلهفة إلى إحياء علاقاتها الاقتصادية التي تتم عبر شعبَي البلدين فقط.
وأبدت الحكومة الصينية بقيادة تشي جينبينغ سعادتها بزيارة رئيس كوريا الشمالية كيم أون، لتؤكد على الدور الصيني المركزي في حل القضية الكورية. وبالنظر إلى أن الصين تشارك كوريا الشمالية حدوداً كبيرة، كما أن هناك معاهدة تحالف رسمية بينهما، فان احتمال اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية، يمثل تهديداً أمنياً كبيراً لبكين. ويمكن أن تشعر الحكومة الصينية ببعض المهانة إن تم تجاهلها خلال التحركات الدبلوماسية المتعلقة بكوريا الشمالية (ويمكن تشبيه ذلك كما لو أن المكسيك والصين تنخرطان في مفاوضات مباشرة حول الحرب والسلام بينهما، دون دور رسمي للولايات المتحدة).
مخاطر
ولكن إدخال الصين في العملية الدبلوماسية يمكن أن ينطوي أيضاً على مخاطر للرئيس تشي، اذ إن الخطاب الصيني الرسمي خلال الأشهر الماضية، كان يفيد بأن بكين ليس لها نفوذ كبير على نظام كوريا الشمالية. ولكن حقيقة أن رئيس كوريا الشمالية شعر بأنه من الضروري زيارة الصين قبل الاجتماعات التي سيعقدها مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، تلفت الانتباه إلى أن الصين هي لاعب حيوي في واقع الأمر. وهو واقع حقيقي ولا يمكن انكاره، فمن المعروف أن 90% من تجارة كوريا الشمالية تتدفق عبر الصين.
ويبدو أن المفاوضات الكورية المرتقبة ستكون أكثر تعقيداً نتيجة عاملين إضافيين، الأول الحرب التجارية الصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والثاني تعيين السياسي الأميركي المتشدد جون بولتون مستشاراً جديداً للأمن القومي للرئيس ترامب.
وتأمل الصين في أن الفرصة المتاحة من مساعدة كوريا الشمالية على الوفاء بالتزاماتها، بشكل يقنع إدارة ترامب على تخفيف العقوبات الاقتصادية ضدها. ولكن الفريق التجاري العامل مع ترامب لن يوافق الان على مثل هذا التخفيف. وأما بالنسبة لبولتون، فإنه من السياسيين الصقور الذين هددوا كوريا الشمالية، كما أنه دعا صراحة إلى الخيار العسكري، اذا لم يتم تحقيق نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية بالطرق السلمية. وربما يزيد تعيينه من الضغط على نظام كوريا الشمالية، ولكنه يمكن أن يكون مؤشراً الى أن الولايات المتحدة تتبنى موقفاً أكثر تشككاً نحو أي تنازلات تقدمها كوريا الشمالية.
من ناحية أخرى، فإن الرئيس ترامب المعروف بشغفه بـ«صفقة القرن» التي يمكن أن تكون مؤشراً الى قوة رئاسته، يمكن أن يضع حداً لبولتون ويمنعه من التصرف على هواه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news