دعوى باطلة على أسرة روسية لجأت إلى غواتيمالا
لدى الدولة الروسية ذراع طويلة، تستخدمها عندما تريد إظهار قوتها، فكلنا يعلم عن رجل الأعمال الروسي، إيغور بيتكوف، وزوجته إيرينا، وابنتهما أنستازيا، البالغة من العمر 26 سنة، الذين قاسوا مثل تجربة مرة. فر بيتكوف وأسرته من روسيا عام 2008، وهم يقبعون الآن في السجون الغواتيمالية، بسبب إدانات مبنية على ادعاء أحد البنوك الحكومية الروسية بأن هذه الأسرة تدين له بالمال.
وقع آلاف الأجانب في غواتيمالا فريسة لمخططات الهجرة الاحتيالية المرتبطة بالوكالات الحكومية. قام بنك «في تي بي»، وهو أحد البنوك الروسية الدائنة لبيتكوف، والمملوك للدولة، بتعقُّب بيتكوف، وحاول توجيه اتهام إلى السيد والسيدة بيتكوف في المحكمة الجنائية، تتعلق بالاحتيال وغسل الأموال، واستخدام وثائق مزورة للتهرب من القانون. |
ولم يقدم البنك أي أدلة معقولة للمحكمة الغواتيمالية لإثبات هذا الادعاء، بيد أن المدعية العامة في غواتيمالا، ثيلما ألدانا، وجهت الاتهام إلى الأسرة في أبريل 2015، اعتماداً على ادعاءات الحكومة الروسية، وبناءً على تشجيع من لجنة الأمم المتحدة الدولية لمناهضة الإفلات من العقاب في غواتيمالا، المعروفة بالأحرف الأولى الإسبانية (CICIG)، وصدر حكم على الأسرة بالسجن في يناير.
وتتضمن القصة حلقة من استراتيجية مألوفة، يستخدمها اللصيقون بالدولة الروسية، وهم زمرة من المقربين من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذين يلجؤون إلى مثل هذه الأساليب لتدمير خصومهم. كما أدينت العائلة بدعم من ادعاءات بعض الديمقراطيين الغواتيماليين، الذين هم أبعد ما يكونون عن تعزيز حكم القانون في بلادهم، وأصبحت CICIG، التي تمولها الولايات المتحدة، جزءاً من المشكلة.
كان بيتكوف مالكاً لشركة «نورث ويست تيمبر»، التي تتخذ من سان بطرسبرغ مقراً لها. في عام 2005 اقترض بيتكوف المال من مجموعة من البنوك الحكومية الروسية، لتطوير بعض مصانعه، وفي الوقت نفسه تقريباً، طلب أحد كبار التنفيذيين في أحد البنوك التي أقرضته المال شراء 51٪ من أسهم الشركة. وأخبرني بيتكوف (الحديث للكاتب) من السجن عبر محاميه الغواتيمالي، رولاندو ألفارادو، الأسبوع الماضي، أنه رفض العرض.
خلال الفترة من عام 2005 إلى عام 2007، ارتفعت إيرادات شركة «نورث ويست تيمبر» بنسبة 30٪، وفقاً للبيانات المالية للشركة. وفي عام 2007، قيمت الشركة بمبلغ 428 مليون دولار. وبحلول عام 2008، سدد بيتكوف 71٪ من القرض، إضافة إلى الفوائد المستحقة، وبلغت قيمة الشركة 2.7 مرة مقدار المبلغ المستحق المتبقي، وقدره 158 مليون دولار. ومع ذلك، يقول بيتكوف، طالبت البنوك في أبريل 2008 بسداد المبلغ على الفور، فلم يستطع بيتكوف الامتثال لذلك، وتم إجبار الشركة على إعلان إفلاسها. ويدعي بيتكوف أن مدير وحدة الإفلاس باع أصول الشركة بسعر زهيد، إلى كيانات يسيطر عليها مديرون تنفيذيين عديدون للبنوك. وخشيت عائلة بيتكوف على حياتها، فهربت من البلاد. ويقول بيتكوف إنه تلقى في المنفى مكالمات هاتفية من المخابرات الروسية تحاول ابتزازه مالياً، وتهدده بالقتل.
في عام 2009، استجابت العائلة، في تركيا، لإعلان على الإنترنت، يعرض جوازات سفر وبطاقات هوية غواتيمالية صادرة عن المكاتب الحكومية. وقد ثبت في المحكمة أن عائلة بيتكوف دفعت مبلغ 150 ألف دولار نظير هذه الخدمة، ودخلت غواتيمالا بجوازات سفرها الروسية، وحصلت على وثائقها الجديدة من مكتب الهجرة، ومن السجل الوطني في مدينة غواتيمالا. وفي يناير 2012 أنجبت السيدة بيتكوف ابناً، أطلقوا عليه اسم فلاديمير.
قام بنك «في تي بي»، وهو أحد البنوك الروسية الدائنة لبيتكوف، والمملوك للدولة، بتعقُّب بيتكوف، وحاول توجيه اتهامات إلى السيد والسيدة بيتكوف في المحكمة الجنائية، تتعلق بالاحتيال وغسل الأموال، واستخدام وثائق مزورة للتهرب من القانون. وتولت لجنة CICIG، والمدعية، ألدانا، قضية البنك. وفي 15 يناير 2015، اعتقلت الشرطة الغواتيمالية بيتكوف وإيرينا وأناستازيا، للاشتباه في استخدامهم وثائق مزيفة، وتم تسمية بنك «في تي بي» مدعياً في القضية.
ومع اعتقال بيتكوف، أعلن مفوض روسيا لحقوق الأطفال، بافل أستاخوف، من موسكو، أنه يريد نقل فلاديمير، المولود في غواتيمالا، إلى روسيا. لم ينجح في ذلك، إلا أن محكمة غواتيمالية رفضت محاولة بيتكوف اختيار وصي لابنه، ونتيجة لذلك ألقي به في إحدى دور الأيتام سيئة السمعة في غواتيمالا. وعندما تم إنقاذه بعد 42 يوماً، كان مصاباً بالتهاب الملتحمة في كلتا العينين، وعدوى في الجهاز التنفسي العلوي، وندبة فوق حاجبه الأيسر، وأسنان أمامية مائلة.
في عام 2013، منح رئيس بنك «في تي بي»، أندريه كوستين، وكيل إحدى الشركات القانونية الغواتيمالية، وهو هنري فيليب كومت فيلاسكيز، وكالة قانونية في القضية. وأخبرتني شركة المحاماة، عبر البريد الإلكتروني، الأسبوع الماضي، بأن مثل هذه الخطوة هي معتادة بالنسبة للعميل المتقاضي، وأن السيد كومت قد فوض تلك السلطة إلى محامين آخرين في شركته، وأنه «لم يتصرف شخصياً نيابة عن البنك لدى أي جهة قضائية. لكن لعدم وجود أدلة، لم يتابع المدعون تهمة غسل الأموال»، وفشل بنك «في تي بي» في إثبات تهمة الاحتيال، ولهذا السبب أسقطت محكمة الاستئناف في مايو 2017 دعوى البنك، ومع ذلك، استمرت CICIG والمدعية العامة في الدفع بقوة من أجل إدانة آل بيتكوف جنائياً.
في ديسمبر 2017، قضت محكمة استئناف أخرى بأن أي انتهاك لأي وثيقة هو عبارة عن مخالفات إدارية، يعاقب عليها فقط بالغرامة، وأن آل بيتكوف لم يرتكبوا أي جريمة. وتجاهلت المحكمة والسيدة ألدانا ومحكمة أخرى أدنى درجة، هذا القرار، برئاسة إيريس ياسمين باريوس أغيلار، وهي قاضية يسارية معروفة بنشاطها السياسي. وفي الخامس من يناير حكمت المحكمة على أيرينا وأناستازيا بالسجن لمدة 14 عاماً، بينما صدر حكم على بيتكوف بالسجن 19 عاماً، أي أكثر من العقوبة بالقتل غير العمد في غواتيمالا.
وقع آلاف الأجانب في غواتيمالا فريسة لمخططات الهجرة الاحتيالية المرتبطة بالوكالات الحكومية، وتمت مقاضاة آل بيتكوف كما لو كانوا جزءاً من عصابة جريمة منظمة.
ومن ناحية أخرى، عارض ملياردير النفط الروسي، ميخائيل خودوركوفسكي، بوتين، ليمضي 10 سنوات في السجن. وفي غواتيمالا، من الممكن أن يتعرض آل بيتكوف لأسوأ من ذلك، بفضل اليد الطولى لـ«الكرملين» في غواتيمالا.
ماري أنستازيا أوغرادي محررة عمود أسبوعي تحت عنوان «الأميركتان» يظهر كل يوم اثنين في الصحيفة.