منتجع سياحي.. واجهة لتهريب اللاجئين اليهود من السودان
أدارت المخابرات الإسرائيلية منتجعاً بحرياً مزيفاً في السودان، كواجهة للتمويه على عملياتها في ثمانينات القرن الماضي، حسب التحقيقات التي قامت بها محطة «بي بي سي». وكانت مجموعة من «الموساد» قد أسندت إليها مهمة تهريب آلاف اللاجئين السودانيين والإثيوبيين المعروفين باسم «بيتا اسرائيليز» من إثيوبيا إلى إسرائيل، في نهاية سبعينات القرن الماضي وبداية الثمانينات.
• تمكن العملاء من نقل 7000 إثيوبي يهودي، على الأقل، إلى إسرائيل خلال فترة عملياتهم في منتجع العروس. • كانت غرفة عدّة الغوص البعيدة عن متناول الضيوف، تحوي أجهزة اتصال لاسلكية مخفية، كان عملاء «الموساد» يستخدمونها للحفاظ على الاتصال مع قيادتهم في تل أبيب. |
وكان الآلاف من الإثيوبيين اليهود تائهين في السودان. وتعين على مجموعة «الموساد» القيام بتهريب اللاجئين عبر السودان، ومن ثم تم نقلهم عبر البحر الأحمر أو جواً إلى إسرائيل. ونظراً إلى أن السودان وإسرائيل كانتا على عداء، توجّب على كل من اليهود الإثيوبيين وعملاء «الموساد» إبقاء هوياتهم في حالة من السرية. وقال أحد العملاء، الذي لم يكشف عن هويته، والذي شارك في المهمة لمحطة «بي بي سي» معلقاً: «اثنان من أعضاء (الموساد) ذهبا إلى السودان بحثاً عن مناطق بحرية يمكن أن تكون قاعدة انطلاق. وعثرا مصادفة على قرية مهجورة على البحر في مكان يبدو مهجوراً أيضاً»، وأضاف «بالنسبة لنا كانت تلك المنطقة كمن وقع على كنز، فاذا استطعنا الحصول على مثل هذا المكان و تطويره، فإننا يمكن أن نجعل منه قرية للغوص، الأمر الذي يمنحنا السبب الكافي للبقاء في السودان والتنقل في البلد قرب البحر»، وأطلق على المنتجع اسم «العروس»، ويقع على الساحل السوداني للبحر الأحمر، ويتألف من 15 كوخاً سياحياً، ومطبخاً وصالة طعام تفتح على شاطئ البحر الأحمر.
وكانت شركة السياحة السودانية الدولية قد أنشأت هذا الموقع في عام 1972، لكنها لم تفتتحه بسبب افتقاره إلى إمدادات الماء والكهرباء، والطرق.
وكان عميلا «الموساد» يقدمان نفسيهما باعتبارهما موظفين في شركة سويسرية استأجرت المكان مقابل 320 ألف دولار في نهاية السبعينات من القرن الماضي. وعقدا اتفاقات لإمدادات الماء والوقود، وقاما بتهريب أجهزة تكييف مهربة، ومعدات الرياضة البحرية لإنشاء منتجع التدريب على الغطس.
وتظاهر عميلا «الموساد» بأنهما مديرا المنتجع، وتم تعيين عميلات في مواقع مسؤولات على العمليات اليومية في المنتجع، لجعله يبدو بعيداً عن الشبهات. واستأجرا 15 شخصاً من السكان المحليين، ولكن لم يكن أي منهم يعرف حقيقة هوية مديريهم وزملائهم.
وكان ضيوف المنتجع من الجنود المصريين، والقوات الخاصة البريطانية، والدبلوماسيين الأجانب، والمسؤولين السودانيين الحكوميين، الذين لم يعرفوا أيضاً حقيقة هوية أصحاب المنتجع ومديريه. وقال عميل «الموساد»، غاد شيمرون، الذي عمل في المنتجع لمحطة «بي بي سي» معلقاً: «أدخلنا رياضة التزلج الشراعي على السودان.
وأضاف «مقارنة بباقي السودان قدمنا خدمة بمعايير فنادق الهلتون، كما أن المكان كان جميلاً، لقد كان الوضع يبدو كأنه في ألف ليلة وليلة. لقد كان أمراً لا يصدق».
وكانت غرفة عدّة الغوص البعيدة عن متناول الضيوف، تحوي أجهزة اتصال لاسلكية مخفية كان العملاء يستخدمونها للحفاظ على الاتصال مع قيادتهم في تل أبيب. وكان العملاء يتحركون في الليل من أجل عمليات الإنقاذ من وقت لآخر.
وكان عملاء «الموساد» يتوجهون بالسيارات إلى مخيمات اللاجئين التي تبعد مئات الأميال، حيث كان أشخاص من «بيتا اسرائيلز» ينتظرونهم، ومن ثم ينقلونهم إلى فرق خاصة إسرائيلية تنقلهم إلى سفينة تقف بانتظارهم، ومن ثم تتجه بهم إلى إسرائيل.
وبعد أن كادت تنكشف إحدى العمليات، قررت إسرائيل إرسال طائرات لنقل الإثيوبيين سراً إلى إسرائيل.
وغادر العملاء الإسرائيليون المنتجع عام 1985، بعد سنوات من إدارته، حيث بدأت الحكومة العسكرية في البلاد بالبحث عن الجواسيس الإسرائيليين في السودان، ما دفع قائد «الموساد» في إسرائيل إلى إصدار أمر بانسحاب جميع العملاء.
وقام عملاء «الموساد» بإجلاء المنتجع على عجل، في الوقت الذي كان النزلاء موجودين فيه، حسبما ذكره أحد العملاء، الذي لم يكشف عن هويته لمحطة «بي بي سي»، الذي قال: «لقد استيقظ الضيوف ليجدوا أنفسهم لوحدهم في الصحراء. فقط كان معهم الموظفون المحليون، في حين أن المدربين والمديرين اختفوا جميعاً».
وتمكّن العملاء من نقل 7000 إثيوبي يهودي على الأقل إلى إسرائيل خلال فترة عملياتهم في منتجع العروس.