نتيجة توقف عملية السلام في طريق مسدود
حلّ السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى أهداف مفيدة
يبدو أن الكيان المعروف باسم السلطة الفلسطينية، الذي تشكل قبل ربع قرن كمرحلة انتقالية مفترضة، قد تجاوز تاريخ صلاحيته. وكانت الذكرى السنوية في بداية العام الجاري لاتفاق أوسلو، الذي تمخضت عنه السلطة الفلسطينية مناسبة لتقييم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي لم يتم حله بعد. ومن غير المرجح أن تشهد السنوات الـ25 المقبلة أي تغير في حالة هذا الصراع، طالما أن الصرح العظيم المعروف باسم «عملية السلام»، الذي تمثل السلطة الفلسطينية جزءاً منه لايزال موجوداً.
وتلقت السلطة الفلسطينية إشارات دعم دبلوماسي من المتعاطفين معها، من وقت لآخر، حيث تجري معاملتها من قبل بعض المنظمات الدولية باعتبارها دولة. وخلال الجلسة الأخيرة للجمعية العمومية للأمم المتحدة على سبيل المثال، تم انتخاب السفير الفلسطيني في المنظمة الدولية، رياض منصور، رئيساً لمجموعة الـ77، وهي أكبر كتلة تتضمن الدول النامية. لكن السلطة الفلسطينية ليست دولة، كما أن فلسطين لا يمكن أن تكون دولة، طالما أن دولة أخرى تحتل أراضيها، التي يمكن للمواطنين الفلسطينيين أن يمارسوا أهم وظائف السيادة عليها.
عين التقدير
وينظر الفلسطينيون بعين التقدير إلى كل هذه الإشارات، مثل رئاسة مجموعة الـ77، لكنها تظل مجرد إشارات. وتشتكي الحكومة الإسرائيلية، دائماً، التحركات الفلسطينية «الأحادية»، وهو تصرف بالنظر إلى مشاركة أطراف مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو كتلة دول الـ77. لكن إسرائيل ستواصل الشكوى والتذمر، في الوقت الذي تقوم فيه بخطواتها الأحادية الحقيقية، لترسيخ حقائق جديدة على الأرض في الضفة الغربية. وتتظاهر إسرائيل بأن هدف تحقيق المصير للشعب الفلسطيني، قد تحقق من خلال أوسلو. لكن التظاهر بأن هدفاً مثل تقرير المصير قد تحقق، لم يسفر عن اقتراب الفلسطينيين من إنجازه في الواقع، بل إن ذلك ربما يمكن أن يحافظ على خطاب يهدف إلى منع تحقيق هذا الهدف.
وهدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بين الفينة والأخرى، بحل السلطة، إذا لم تسفر عملية السلام عن أي تقدم. لكن عباس لم يعمد في الواقع إلى تنفيذ تهديداته، وقلب الطاولة على الجميع. ويرجع ذلك إلى أن السلطة قد تحولت إلى منظمة ذاتية الاستدامة، كما أنها أصبحت مصدر توظيف للفلسطينيين.
وفي هذه الغضون، ومع مرور السنوات، أصبحت السلطة أقل قدرة على الادعاء أنها تمثل الشعب الفلسطيني. ولايزال عباس في السلطة منذ 14 عاماً، على الرغم من أنه انتخب لفترة أربع سنوات عام 2005.
سلطة بلا معنى
ويمكن أن يكون للسلطة الفلسطينية معنى، باعتبارها آلية انتقالية مؤقتة، كما ارتأت اتفاقية أوسلو. لكن ليس لها معنى كمؤشر ثابت إلى فشل أوسلو في التوصل إلى تسوية سلمية حقيقية. لذلك يمكن أن يكون حل السلطة ملائماً حالياً. وتقوم منظمة التحرير الفلسطينية، التي وقعت اتفاق أوسلو، بحل السلطة، وهو الأمر الذي سيخدم العديد من الأهداف المفيدة.
واجهة زائفة
وسيؤدي ذلك إلى إزالة الواجهة المزيفة للاحتلال الإسرائيلي، إذ إن وجود السلطة يشجع إسرائيل على التظاهر بأنه ليس هناك احتلال. وعلى الرغم من أن المناطق التي من المفروض أن تكون السلطة الفلسطينية هي السلطة المحلية الرئيسة فيها، حسب أوسلو، فإنها لا تستطيع ممارسة وظائف السيادة، حتى في المناطق الصغيرة. وانبثقت عن أوسلو تقسيمات ثلاثة، هي: منطقة «أ» التي من المفروض أن تكون تحت إدارة السلطة الفلسطينية، وتشكل 18% من الضفة الغربية. وهناك المنطقة «ب» التي تقع تحت إدارة مشتركة إسرائيلية فلسطينية وتشكل 22% من مساحة الضفة الغربية. أما في المنطقة الثالثة المعروفة باسم المنطقة «سي»، وتشكل 60% من الضفة الغربية، لا يمتلك الفلسطينيون أي سلطة فيها.
التمييز
وحل السلطة الفلسطينية يمكن أن يسفر عن التمييز بين ما هو مؤقت، وما هو دائم ومبرر. ويمنح الفلسطينيين فرصة للتخلص من القيادة القديمة، ويقضي على التقنية التي تستخدمها إسرائيل ومن يدعمها، والمتمثلة بتأجيل تقرير المصير إلى أجل غير مسمى، والمطالبة بـ«الأداء» من الفلسطينيين كشرط مسبق للتقدم نحو حل الدولتين.
والأمر الأكثر أهمية، هو أن حل السلطة الفلسطينية من شأنه أن يجعل إسرائيل تشعر بالتكاليف الباهظة لعملية احتلالها الأراضي الفلسطينية. وربما كان هذا الشعور ضرورياً، لإحراز أي تقدم نحو السلام. وفي الواقع عندما تمارس السلطة الإدارة على الأراضي الفلسطينية، فإنها تكون في الحقيقة تساعد المحتل. لكن إذا كان عبء الاحتلال يقع برمته على كاهل إسرائيل، فإن الاحتلال إلى ما لا نهاية لن يكون مسألة مريحة أو مستدامة، كما تبدو الآن للعديد من الإسرائيليين.
ويعتبر إلقاء عبء الاحتلال، أو استمرار السيطرة على الأراضي الفلسطينية، جزءاً من الاستراتيجية للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، للحفاظ على سيطرتها على الأراضي الفلسطينية إلى ما لا نهاية. وهذا ما تقوم به السلطة في أجزاء من الضفة و«حماس» في قطاع غزة. وتساعد هذه الاستراتيجية على تفسير القرار الأخير، الذي اتخذه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعدم استمرار قصف «حماس» حتى تدميرها بالكامل، بعد أن قامت قوات إسرائيلية بغزوة سرية على غزة وانكشفت، ونجم عن ذلك تبادل النيران بين الطرفين، وحتى وزير الدفاع الإسرائيلي اليميني المتطرف، أفيغدور ليبرمان، حاول تسجيل نقاط ضد نتنياهو، عندما اتهمه بالتساهل ضد «حماس». وكان نتنياهو مستعداً لخسارة بعض النقاط، مقابل تجنب تحمل إسرائيل عبء إدارة غزة بصورة مباشرة. وبالطبع.. فإنه من الأسهل بكثير القيام بحصار غزة، وإلقاء اللوم عن الوضع البائس فيها على «حماس».
وبغض النظر عن التحديات العملية التي قد تنشأ عن حل السلطة الفلسطينية، إذ سيتم التغلب عليها، كما توضح 26 سنة كانت إسرائيل خلالها تدير الضفة الغربية، قبل أن تكون هناك سلطة فلسطينية.
وننتظر رؤية آثار خطة السلام الصادرة عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المعروفة باسم «صفقة القرن» على الفلسطينيين. وإذا كانت هذه الخطة متحاملة بشدة ضد مصلحة الفلسطينيين، مثل بقية القرارات الصادرة عن هذه الإدارة حول القضية الفلسطينية، فعندها ربما ستقدم لعباس ما يكفي من محفزات لحل السلطة، وإلغاء وجودها بالكامل.
بول بيللر : كاتب في «ناشونال إنترست»
- محمود عباس يهدد ، بحل السلطة الفلسطينية،
إذا لم تسفر عملية السلام عن أي تقدم.
لكنه لم يعمد في الواقع إلى تنفيذ تهديداته،
وقلب الطاولة على الجميع.
- يمكن أن يكون للسلطة الفلسطينية معنى، باعتبارها
آلية انتقالية مؤقتة، كما ارتأت اتفاقية أوسلو. لكن
ليس لها معنى كمؤشر ثابت على فشل أوسلو
في التوصل إلى تسوية سلمية حقيقية. لذلك
يمكن أن يكون حل السلطة ملائماً حالياً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news