تراجع مستوى التعبئة في التحرك الخامس لـ«السترات الصفراء» في فرنسا
تراجع مستوى التعبئة في التحرّك الخامس لمحتجّي «السترات الصفراء»، بعد ظهر السبت في فرنسا، إذ تظاهر نحو 66 ألف شخص في مختلف أنحاء البلاد، ما يمثل نصف المشاركين في التظاهرات قبل أسبوع، بينهم بضعة آلاف فقط بباريس، من دون تكرار مشاهد العنف الأخيرة، رغم تسجيل مواجهات محدودة في عدد من المدن.
وشكّل هذا السبت الخامس من الاحتجاجات اختباراً للرئيس إيمانويل ماكرون الذي تعرض لشتائم المحتجين، وكان وجّه الجمعة نداءً للعودة الى «الهدوء» و«النظام» والى «حياة طبيعية» للبلاد، بعد أن كان أعلن مطلع الأسبوع اتخاذ إجراءات لتحسين القدرة الشرائية، بهدف استيعاب أزمة اجتماعية غير مسبوقة.
وبعد مقتل أربعة أشخاص في ستراسبورغ، مساء الثلاثاء، في اعتداء تبناه تنظيم «داعش»، تزايدت الدعوات لعدم التظاهر في صفوف كل من الطبقة السياسية والجناح المعتدل في حركة «السترات الصفراء».
وشارك نحو 66 ألف شخص في التظاهرات في مختلف أنحاء فرنسا، على ما أعلنت وزارة الداخلية، ما يمثل نصف عدد المشاركين في التظاهرات قبل أسبوع. وقالت الوزارة إنّها قدّرت مشاركة 126 ألف شخص في الأماكن نفسها الأسبوع الفائت.
وأعلن وزير الداخلية، كريستوف كاستانير، أن ثمانية أشخاص لقوا حتفهم في أحداث مرتبطة بالتظاهرات، ودعا المتظاهرين الى وقف الحصارات التي يفرضونها في أنحاء البلاد.
وقال في تغريدة: «سلامة كل شخص يجب أن تكون القاعدة مجدداً»، مضيفاً «الحوار الآن يجب أن يوحّد كل هؤلاء الذين يريدون إحداث تحوّل في فرنسا».
ورحّب رئيس مجلس النواب الفرنسي، ريشار فيران، بتراجع التعبئة للاحتجاجات، وقال: «كان هناك تجاوب كبير مع مطالبهم»، وأضاف فيران «لقد حان وقت الحوار».
وخلافاً لما سُجّل في التحرّكات السابقة جرت التجمعات عموماً بهدوء، رغم تسجيل مواجهات متفرّقة في جادة الشانزيليزيه الباريسية، حيث حاولت قوات الأمن تفريق ما بين 300 و400 متظاهر.
صدامات في تولوز
كذلك سجّلت صدامات في جنوب غرب البلاد، لاسيما في تولوز، نانت، بوزانسون، نانسي، سانت اتيان وليون. وفي بوردو رشق المحتجّون قوات الأمن بمقذوفات فردّت بخراطيم المياه وإطلاق الغاز المسيل للدموع.
وبُعيد الظهر بلغت حصيلة الموقوفين في باريس 114 شخصاً أطلق سراح 32 منهم، مقابل توقيف 598 شخصاً ووضع 475 في الحبس الاحتياطي الأسبوع الماضي، بحسب الوزارة.
وفي بقية أنحاء فرنسا تراجع العدد بمقدار 10 مرات مقارنة بالسبت الفائت.
ففي ليون (وسط شرق)، إحدى أكبر مدن فرنسا، تجمّع فقط نحو 400 شخص أمام قصر العدل، مقابل ما بين 7 - 10 آلاف شخص السبت الفائت.
وقال المتظاهر فرنسيس نيكولا (49 عاماً)، وهو من سكان ليون: «إن الأمر مخيب بعض الشيء، كنا نتوقع مشاركة أكبر».
لكن في بوردو أحصت الشرطة مشاركة 4500 شخص في التحرّك، أي أن نسبة المتظاهرين في المدينة بقيت على حالها مقارنة بالسبت الماضي.
وقال لورينزو جينارو (34 عاماً)، الذي تظاهر مع نحو 150 شخصاً في غرونوبل (جنوب شرق): «ربما ستخفّ الحركة في الشوارع، لكن ليس في الرؤوس».
وحتى مع تراجع عدد المحتجين بقي أعضاء «السترات الصفراء» متشددين في مطالبهم، وقالت بريسيليا لودوسكي، أحد وجوه التحرك بباريس: «نحن غاضبون».
وكان الرئيس ماكرون قدّم سلسلة من التنازلات للسترات الصفراء، بينها زيادة بـ100 يورو للحد الأدنى للأجور اعتباراً من العام المقبل. لكن تلك الاجراءات لم تلقَ إجماعاً بين صفوف حركة الاحتجاج التي تطالب بتحسين القدرة الشرائية للفرنسيين بشكل أكبر. كذلك فإن المطلب الرئيس للحركة يتمثّل بإجراء استفتاء حول مطالب الحركة، أسوة بما شهدته إيطاليا وسويسرا.
ومن ساحة دار الأوبرا في باريس، قال مكسيم نيكول، وهو شخصية قيادية في التحرّك: «استمعوا إلى مطلب الشعب أعيدوا لنا حريتنا وسيادتنا».
لسنا مخرّبين
وفي باريس، حيث جابت صور العنف السبت الماضي العالم، تمركزت العربات المصفحة مجدداً في الشوارع، وتم نشر 8000 عنصر أمن، فيما تمت حماية واجهات البنوك والمتاجر بألواح.
وقال السائح الان بورغون (65 عاماً) القادم من منطقة بريتاني: «هذا محزن».
لكن في مؤشر إلى تراجع التوتر فتحت المعالم الأساسية في العاصمة، مثل برج إيفل، ومتحف اللوفر، وأورساي، وغران باليه، بعد غلقها الأسبوع الماضي، وكذلك المتاجر الكبرى مع اقتراب عيد الميلاد.
وقالت تريسي مونتاني، وهي سائحة بلجيكية (26 عاماً) وقفت أمام غاليري لافاييت الشهيرة: «الوضع هادئ بعكس ما تنقل قنوات التلفزيون».
كما فتحت المقاهي أبوابها في محاولة لكسب ما فقدته أيام السبت الماضية، التي أثرت بشدة في الاقتصاد.
وقال رئيس جمعية التجّار في فرنسا، فرنسيس بالومبي، لإذاعة راديو فرانس إنتر: «نشهد (تحرّكاً) يتّخذ نوعاً ما الاقتصاد رهينة»، داعياً حركة السترات الصفراء إلى «العودة إلى رشدهم».
وبعد الإجراءات التي أعلنها ماكرون، تأمل الحكومة الفرنسية تراجع التأييد لحركة «السترات الصفراء» التي انطلقت بزخم قوي قبل أن تتراجع وتيرتها، بعد أعمال عنف سُجّلت خلال التحرّكات السابقة.
بعد الإجراءات التي أعلنها ماكرون، تأمل الحكومة الفرنسية بتراجع التأييد لحركة «السترات الصفراء» التي انطلقت بزخم قوي قبل أن تتراجع وتيرتها، بعد أعمال عنف سُجّلت خلال التحرّكات السابقة.