شبح اللجوء يطارد 6000 فلسطيني في اللد
بعد شهور طويلة من ترميم وبناء منزله الذي جمع ثمنه بشق الأنفس، ليضمه هو وزوجته وأولاده الخمسة تحت سقف واحد، عاد الفلسطيني، عمر غازي شعبان، ليقطن في منزل والده مرة أخرى، من دون أن يحظى بلحظة واحدة بالعيش في بيته الجديد.
ففي الوقت الذي أصبح منزله جاهزاً للعيش، أقدمت الجرافات الإسرائيلية على تحويل طبقاته الثلاث إلى كومة من الركام على مرأى نظره هو وأفراد عائلته، رغم حصوله على قرار قضائي إسرائيلي في اليوم ذاته يقضي بوقف الهدم.
ما حلّ بعائلة عمر شعبان بمدينة اللد، داخل الخط الأخضر، يعانيه سكان البلدة كافة، الذين يقدر عددهم بـ35 ألف نسمة، ويتمركزون في أحياء شنير والمحطة والسكة والواحة الخضراء، فيما يعد حي شنير، الذي يوجد فيه منزل شعبان، الأكثر تعرضاً للتشرد واللجوء، إذ تسلم أفراده، الذين يقدر عددهم بـ6000 نسمة، قرارات بهدم منازلهم البالغة 2000 منزل.
هدم بالقوة
«الإمارات اليوم» كانت في حي شنير بمدينة اللد، لنقل صورة مباشرة وحية لحالة التشرد واللجوء، التي تعرضت لها عائلة شعبان، وتنتظرها عائلات الحي في أي لحظة بعد تسلم إخطارات الهدم.
يقول صاحب المنزل المدمر، عمر شعبان، لـ«الإمارات اليوم»: «إن المنزل، الذي طالما حلمت بأن يجمعني أنا وزوجتي وأبنائي الذين بلغ اثنان منهم سن البلوغ، أصبح كومة من الركام، لقد قصموا ظهري بهذا القرار، فأنا لم أرتكب أي جريمة، فقط رممتُ وأعدتُ بناء منزلي على أرض تعود لوالدي منذ عشرات السنين».
ويكمل حديثه: «جهزت المنزل بكل الأثاث والاحتياجات، وبدأنا العيش فيه ونحن فرحين، لكن فوجئنا بقدوم الجرافات الإسرائيلية، معززة بقوات الشرطة التي أخرجتنا جميعا بقوة السلاح من المنزل، وقد اعتدوا علي شخصياً واعتقلوني لاعتراضي على قرار الهدم، وخلال ذلك هدمت الجرافات المنزل وأتلفت كل ما بداخله من أغراض وقطع أثاث جديدة لم نستخدمها بعد».
ويشير شعبان إلى أن بلدية إسرائيل في اللد والمحكمة الإسرائيلية تتفقان معاً وتتحايلان على القانون، فقد رفضت البلدية احترام قرار قضائي بتجميد أمر الهدم، لافتاً إلى أن الشرطة استخدمت العنف لتطبيق الهدم الذي أحضرت قراره بأيديها.
يذكر أن محامي عائلة شعبان كان قد حصل في يوم الهدم (22 نوفمبر الماضي)، على قرار قضائي يقضي بتجميد الهدم إلى حين البت في ملف القضية، في جلسة المحكمة المقررة بتاريخ 18 من شهر ديسمبر الجاري.
ويقول المحامي ضرغام سيف: «استصدرنا قراراً من المحكمة المركزية الإسرائيلية في اللد بوقف الهدم، لنظر القضية في جلسة أخرى بعد شهر، لكن بعد نصف ساعة من ذلك حضرت الجرافات الإسرائيلية وقوات كبيرة من الشرطة، وشرعت في عملية الهدم، متجاهلة قرار المحكمة».
ويشير سيف إلى أن الجرافات سارعت إلى هدم حتى الطابق الأول من المنزل، الذي لا يشمله الإخطار، لتكمل بعد ذلك تدمير بقية طبقاته بشكل كامل.
سياسة ممنهجة
في الوقت الذي تمنع إسرائيل البناء لـ35 ألف فلسطيني في اللد، فإنها تصادر أراضيهم وتضمها من أجل التوسع الاستيطاني لـ50 ألف مستوطن يسكنون اللد، إذ تتبع سياسة ممنهجة لتفريغ المدينة من الفلسطينيين، وتغيير طابعها من مدينة عربية إلى يهودية.
وتلفت الناشطة ومخططة المدن عضو المجلس البلدي في اللد، فداء شحادة، إلى أن ما حصل في قضية هدم بيت عمر غازي شعبان، مخالف للقانون وقانون الإنسانية، إذ شردت العائلة المكونة من أب وأم وأطفال، وباتت بلا مأوى بقوة مخالفة لقرار قضائي.
قضية التخطيط والبناء
وتوضح الناشطة شحادة، لـ«الإمارات اليوم»، أن المشكلة الأساسية في اللد هي قضية التخطيط والبناء التي تنتهجها إسرائيل، لتسليط سيفها، المتمثل في ذريعة عدم وجود تراخيص للبناء، على رقاب الفلسطينيين، مشيرة إلى أن أهالي حي شنير جميعاً معرضون للبقاء في الشارع في أي لحظة، بعد تسلمهم إخطارات هدم، ليكون مصيرهم كما حدث مع عائلة شعبان.
ويتركز التهديد بالهدم، بحسب شحادة، على مناطق البلدة القديمة في اللد، وحي شنير تحديداً، الذي أحيط بجدار إسمنتي ليفصله عن مستوطنة يهودية أقيمت على أطرافه، ليعزله عن بقية الأهالي في البلدات الأخرى. وتشير إلى أن السلطات الإسرائيلية وضعت مخططات لتنظيم البناء الخاصة بالفلسطينيين، ومنح التراخيص اللازمة لذلك، التي تصدرها بشروط شبه مستحيلة.
وتقول مخططة البناء وعضو المجلس البلدي في اللد «إن مدينة اللد كونها منطقة حيوية ومهمة استراتيجياً، من حيث موقعها القريب من خط التماس مع الأراضي المحتلة عام 1967، ووقوع أكثر من خمس مستوطنات على أراضيها، إضافة إلى مطار اللد الحيوي، فإن إسرائيل تستغلها لعمليات التهويد المستمرة، وتثبيت الوجود الإسرائيلي فيها، ليفوق السكان، اليهود والمستوطنون، عدد الفلسطينيين.
- بلدية إسرائيل في اللد والمحكمة
الإسرائيلية تتفقان معاً، وتتحايلان
على القانون، إذ رفضت البلدية
احترام قرار قضائي بتجميد
أمر هدم بيت شعبان، تاركة المجال
للشرطة لاستخدام العنف
لتطبيق الهدم الذي
اصطحبت قرار تنفيذه معها.
- ما حلّ بعائلة عمر
شعبان بمدينة اللد
داخل الخط الأخضر،
يعانيه سكان البلدة كافة،
الذين يقدر عددهم
بـ35 ألف نسمة، ويتمركزون في أحياء
شنير والمحطة
والسكة والواحة الخضراء.