الرئيس الأميركي عزف على وتر الأمن القومي وقافلة المهاجرين القادمة من دول لاتينية
صراع الجدار الحدودي يكشف نقاط ضعف ترامب
اعتمدت حملة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على بناء الجدار الحدودي في عام 2016، لكنه خسر التصويت الشعبي عليه في الوقت الراهن. كما حاول أن يجعل الانتخابات النصفية في عام 2018 استفتاء على الجدار، وعزف على وتر الأمن القومي، وقافلة المهاجرين القادمة من دول لاتينية أميركية، باعتبارها حجر الزاوية في حجته النهائية بشأن بناء الجدار، ونشر القوات على الحدود الجنوبية. إلا أن الجمهوريين عانوا أكبر خسائر في مجلس النواب منذ فضيحة «ووترغيت»، على الرغم من ازدهار الاقتصاد، وانخفاض معدلات البطالة نسبياً.
لم يكن الجدار فكرة شعبية مطلقاً، وهذه حقيقة معروفة لدى معظم الجمهوريين في الكونغرس. وتظهر مجموعة من الاستطلاعات العامة والخاصة أن أكثر من 50٪ من الأميركيين يعارضون بناء الجدار. ويراوح الدعم الشعبي له بين 30 و50%، كما أن الدعم الشعبي لإغلاق الحكومة بغرض بناء جدار، في مستوياته الدنيا.
لم يكن ترامب نفسه رئيساً قوياً من الناحية التقليدية. وفي استطلاع رأي نظمته مؤسسة غالوب، لم ترتفع شعبية ترامب أبداً إلى أعلى من 49%. ولم يكن أكثر شعبية كرئيس من اليوم الذي تولى فيه هذا المنصب. وهذا هو السبب في عدم انشقاق الديمقراطيين للانضمام للحزب الجمهوري، مع تنامي معارضة اليسار لمفهوم الجدار من الناحية الأخلاقية. ولا ننسى أن ترامب لم يستطع الحصول على أموال لبناء جداره، حتى عندما كان الحزب الجمهوري يسيطر على الحكومة خلال العامين الماضيين - عندما كان 10 فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين في انتظار إعادة انتخابهم في الولايات التي كان يسيطر عليها.
كما تعرض ترامب لمعارضة من المحاكم حول الهجرة، مثلها مثل أي قضية أخرى، بما في ذلك القضاة المعينون من قبل الحزب الجمهوري، كما أن تهديده للمطالبة بفرض الطوارئ لبناء الجدار سيواجه تحديات قانونية معينة. ومن المتوقع أن يصبح هذا الإغلاق الحكومي الجزئي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، بغض النظر عن كيفية أو متى ينتهي، ويعكس هذا الجدار نقاط ضعف ترامب.
ونتيجة لذلك، يبدو ترامب أشد قلقاً بشأن فقدانه قاعدته أكثر مما يفهمه معظم الناس. لقد اعترف بذلك خلال لحظة صراحة مع الصحافيين في البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، عندما قال «في الوقت الحالي، إذا فعلت شيئاً أحمق، مثل التخلي عن أمن الحدود، فإن أول من سيضربني هو أعضاء مجلس الشيوخ، سيغضبون مني». ويمضي في تصريحاته «سيكون الثاني هو مجلس النواب، والثالث سيكون، بصراحة، هو قاعدتي والكثير من الجمهوريين هناك».
ورفض ترامب اتفاقاً توصل إليه مساعدوه وزعماء الحزب الجمهوري، بعد أن حذرته شخصيات إعلامية محافظة - وهددت المعلقة الإعلامية المحافظة، آن كولتر، بعدم التصويت له مرة أخرى في عام 2020.
إنه ينحني ليظهر لقاعدته أنه ذاهب لبناء الجدار، ولهذا السبب جلس ترامب مع مضيف برنامج قناة فوكس، سين هانتي، في وقت لاحق قبل ذهابه إلى الحدود. «أعتقد أنه لا يقبل الهزيمة، هذا ما لا يفهمه الديمقراطيون - أن يكون كل شيء أو لا شيء»، هذا ما قاله حليف ترامب الجمهوري، مارك ميدوز، وهو أحد زعماء تجمع حرية البيت. ويمضي قائلاً «يعتقد الديمقراطيون أننا على استعداد للانحناء»، أعتقد أن الجمهوريين هم من يعتقدون أن الديمقراطيين سينحنون، ولا أياً من هذين الأمرين دقيق بأي حال من الأحوال. لم يكن ترامب هو صانع الصفقة العظيم كرئيس، كما وعد بذلك عندما كان مرشحاً. نعم، لقد حصل على الملايين من تأليفه كتاب «فن الصفقة». يقول ترامب إنه من الأفضل أن يخاف منك الناس بدلاً من أن يحبونك، لكن الزعماء الديمقراطيين لا يخافون منه. وقد وصفته بيلوسي بأنه «مزعج» بعد الاجتماع به، ثم أخذت تشكك في حكاية ترامب الكاذبة بأنه رجل عصامي، مشيرة إلى أن العمال الفيدراليين على وشك أن يفوتهم راتب. وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر «الرئيس أصابته نوبة غضب أخرى». مع الاستفادة من الإدراك المتأخر، لا يمكن إنكار أن ترامب أخطأ في يناير وفبراير الماضيين، بعدم قبوله العروض الديمقراطية التي كانت ستجعله يبني الجدار في مقابل حماية «الحالمين» (أي المهاجرين). ويبدو أن ترامب قد استسلم للمتشددين الذين يدورون في فلكه، وتحديداً السيناتور، توم كوتون، ومستشار السياسة ستيفن ميلر، اللذين طالبا بتخفيضات هائلة في عدد المهاجرين القانونيين. كانت وصفة مسمومة، ولكن الانتخابات لها عواقب، والديمقراطيون يسيطرون الآن على مجلس النواب. بالطبع، لن يعرضوا الشروط التي كانوا على استعداد لعرضها عندما كانوا أقلية. ولماذا يفعلون ذلك؟ نهج ترامب علامة مميزة لرئيس يترك التخطيط والاستعداد الاستراتيجي لمصلحة المناورة التكتيكية اليومية والثقة ببدهيته. لكن بينما كان يحارب ضد معارضة ديمقراطية جريئة، وجد ترامب أن اللجوء إلى ترسانته الهائلة من التزوير والأكاذيب والتهديدات، قد كشف النقاب عن عيوبه كمفاوض، ومنعه ذلك من إيجاد مخرج مما قد يكون أكبر من ذلك، وهو «الأزمة السياسية في رئاسته». تنبأ حلفاء البيت الأبيض بارتباك حول تكتيكات الرئيس، وبالنسبة إلى الجمهوريين الذين حاولوا التمسك بالرئيس الزئبقي، فإن مراكز الأهداف المتغيرة كانت محبطة. قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، إنه لن يسمح بالتصويت على أي مشروع لإعادة فتح الحكومة، ما لم يتلق تأكيدات من البيت الأبيض بأن ترامب يدعمها. وقال السيناتور جون كورنين، «إن الأمر دائماً صعب عندما يكون الشخص الذي تتفاوض معه هو الشخص الذي يغير رأيه باستمرار». في عام 2013، مباشرة بعد أن أجبر الحزب الجمهوري حكومة الرئيس السابق، باراك أوباما، على الإغلاق، في محاولة فاشلة منه لمنع التمويل لسياسة أوباما الصحية، انتقد ترامب، باراك أوباما، لأنه سمح بحدوث ذلك. الرئيس المستقبلي أنكر على الإدارة الأميركية في ذلك الوقت، وخاطب أوباما قائلاً «أياً كان ما يحدث، فأنت مسؤول»، لكنه عكس الوضع الآن قائلاً للديمقراطيين «إذا لم يحدث ذلك، فأنتم مسؤولون».
الرئيس الأميركي يهدّد باستخدام القوة التنفيذية
أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن لديه «الحق المطلق» في إعلان حالة الطوارئ، وبناء الجدار دون إذن من الكونغرس. وقد قام العديد من المحافظين بالتشكيك علناً في هذا الموقف، وحذّر السيناتور ماركو روبيو، الأربعاء الماضي، على سبيل المثال، من أن ترامب الذي يعلن عن حالة طوارئ وطنية، من شأنه أن يخلق سابقة خطرة. وقال روبيو على قناة سي.إن.بي.سي، «يجب أن نكون حذرين بشأن تأييد الاستخدامات العريضة للقوة التنفيذية». ويضيف «إذا كانت الطوارئ الوطنية اليوم هي أمن الحدود، فغداً قد تكون حالة الطوارئ الوطنية هي تغير المناخ».
ترامب ضرب الطاولة في لحظة غضب
انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من اجتماع للبيت الأبيض مع زعماء ديمقراطيين، الأربعاء الماضي، واصفاً إياه بأنه «مضيعة للوقت بالكامل»، وقال إنه «بعد أن أصرّت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، نانسي بيلوسي، على أنها لن تتراجع عن قرارها بشأن الجدار. قلت وداعاً». وقال الرئيس ترامب في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «توقف كل شيء». وقال الديمقراطيون إن ترامب ضرب الطاولة بيده في لحظة غضب عندما خرج من غرفة العمليات. ونفى نائب الرئيس، مايك بنس، ذلك، وقال إن الرئيس وزع قطعاً من الحلوى على الديمقراطيين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news