«عودة ليوم واحد».. لاجئون يحتضنون قراهم المهجرة في ذكرى النكبة
كان الـ15 من مايو عام 1948 يوماً ملبداً بغيوم اللجوء والتهجير لأكثر من 800 ألف فلسطيني، كانوا يقطنون البلدات الفلسطينية التي تعرف اليوم بأراضي الداخل المحتل، حيث اقتحمت العصابات الصهيونية نحو 20 مدينة و500 قرية، مرتكبة أبشع المجازر، لتقتل 15 ألف فلسطيني، وتصيب 45 ألفاً آخرين، أما الأراضي فغدت أملاكها ومزارعها تحت سيطرة إسرائيل حتى يومنا هذا.
ورغم مرور 71 عاماً على نكبة اللجوء والتهجير، فإن السكان الأصليين للقرى للمهجرة ورثوا حق العودة للأبناء والأحفاد، ما جعل الأجيال المتعاقبة متمسكة بالأرض والدار التي سلبت منهم عنوة.
ولأن ذكريات الأجداد محفورة في ذاكرتهم، وحق العودة لا يغادرهم يوماً، ينظم اللاجئون الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس مسيرات جماهيرية شعبية إلى القرى الفلسطينية المهجرة، تحت عنوان «مسيرات العودة الكبرى»، وذلك في ذكرى نكبة عام 1948، التي يطلق عليها الإسرائيليون يوم الاستقلال.
ويخرج المهجرون الفلسطينيون بالآلاف إلى القرى المهجرة، رافعين الأعلام الفلسطينية، وأسماء قراهم الأصلية، مرددين شعارات تؤكد تمسكهم بحق العودة، منها «لن نتنازل عن دار جدي»، «يوم استقلالهم يوم نكبتنا».
ذكريات حاضرة
لم يتمالك الحاج الثمانيني محمد سليمان نفسه عندما وطئت قدماه قريته الأصلية قالونيا، إحدى البلدات المهجرة شمال غرب القدس، فجلس تحت شجرة زيتون معمرة، محاولاً استرجاع ذكرياته عندما كان يلهو بين الأحراش وهو في سن الطفولة.
الحاج سليمان قدم إلى قرية قالونيا في الذكرى الـ71 للنكبة، قادماً من مدينة نابلس في الضفة الغربية، بصحبة أبنائه وأحفاده، والذين اجتمع بهم بجوار منزله المدمر، فيما أوصاهم بضرورة التمسك بحقهم في العودة إلى هذه الدار.
ويقول الحاج سليمان لـ«الإمارات اليوم»: «عندما غادرت قرية قالونيا كان عمري 15 عاماً، فكل مشهد في قريتي الجميلة مازال ماثلاً في ذاكرتي، وكأنه أمس وليس 71 عاماً، فجانب هذه الشجرة كان مسقط رأسي، ولدت وترعرعت داخل منزل والدي الملاصق لهذه الشجرة».
ويصف الحاج الثمانيني قالونيا بقرية الطبيعة الخلابة، لتمتعها بأراض زراعية، وتربة خصبة، إلى جانب وجود الكثير من عيون الماء فيها.
ويؤكد تمسكه بحق العودة إلى أرض ومنزل والده في قالونيا، رغم مرور 71 عاماً على نكبة التهجير، مضيفاً أن «مسيرة العودة التي ننظمها بصحبة الأبناء والأحفاد هي أبرز طرقنا للتمسك بحق العودة».
وكانت القوات الصهيونية، بحسب سليمان، قد هاجمت قرية قالونيا في 11 أبريل عام 1948، مرتكبة العديد من المجازر على مدار يومين، حيث نسفت المنازل وسوتها بالأرض.
التمسك بحق العودة
من شرق القدس إلى مدينة حيفا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، غادر الآلاف من اللاجئين منازلهم في الضفة الغربية والقدس، متجهين في مساء ربيعي بارد إلى قرية خبيزة الواقعة على تلة متوسطة الانحدار جنوب حيفا الساحلية، لإحياء ذكرى سقوط قريتهم في العام الـ71 للنكبة.
الشاب منتصر العالول واحد من المشاركين في مسيرة العودة الكبرى، لزيارة أرض والده وجده، وللتأكيد على تمسكه بحق عودة اللاجئين.
يقول العالول «71 عاماً مضت ونكبة التهجير مازالت تقسم ظهرنا، فآلاف المهجرين لايزالون مشتتين في مخيمات اللجوء، لذلك نأتي هنا في كل عام لنريح أنفسنا في أحضان الطبيعة الخلابة، ونتمتع بمشاهد الديار والأشجار التي هي حق أجدادنا من قبلنا». ويضيف «هذه الأراضي والديار هي حق لنا، وحتماً سنعود إليها، وتحتضننا الأشجار والأحراش، ولهذا الحق كانت مسيرتنا التي لن نتوقف عن تنظيمها طوال العام حتى نحقق العودة الكبرى إليها».
من جانبه، يقول رئيس اللجنة العليا لمتابعة شؤون فلسطينيي 48 النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي محمد بركة، خلال مشاركته في مسيرة العودة الكبرى في قرية خبيزة: «نحن لا نحيي ذكرى النكبة، بل نشهر موقفنا بأننا عازمون على محو آثار النكبة بالعودة وتقرير المصير لشعبنا عامة، وفي أماكن وجوده كافة».
وانتقد بركة الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب وسياستها في المنطقة التي تجهض عملية السلام، مضيفاً «نبعث برسالة باسم اللاجئين وشعبنا كله إلى البيت الأبيض، خططوا 100 صفقة بـ100 قرن، فكل صفقاتكم تحت أقدامنا سندوسها لأننا أصحاب حق في هذا الوطن، والعودة إلى الديار حق لن يسقط مهما مرت السنين».
يذكر أن قرية خبيزة كان عدد سكانها عام 1948 نحو 335 شخصاً، وكان عدد بيوتها 67 منزلاً، وذلك قبل تهجير أهلها والسيطرة عليها بين 12 و14 مايو عام 1948.
بدءاً من شرق القدس وصولاً إلى مدينة حيفا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، غادر الآلاف من اللاجئين منازلهم في الضفة الغربية والقدس، متجهين في مساء ربيعي بارد إلى قرية خبيزة الواقعة على تلة متوسطة الانحدار جنوب حيفا الساحلية، لإحياء ذكرى سقوط قريتهم في العام الـ71 للنكبة.