المراقبون العرب يستبعدون نشوب نزاع
الأزمة الإيرانية تثير القلق وتعيد المنطقة إلى التوتر
الهجمات على ناقلات النفط في الخليج، وخط أنابيب النفط في السعودية، زادت من توتر المشهد في الشرق الأوسط. لكن رحيل غرايبة، وهو سياسي أردني بارز وكاتب عمود في الصحف، راقب كل ذلك بمزيج من السخط والغضب الشديد.
ويقول غرايبة في مقابلة عبر الهاتف، إنه «سيرك»، واصفاً الأحداث الأخيرة بأنها مجرد مشهد مع ممثلين أجانب متعددين على المسرح. «ليس أكثر من مجرد عابثين يمارسون المزيد من الضغط على إيران». في الوقت الذي تحولت فيه إدارة ترامب ضد إيران، مع ما يراه الكثيرون أصداء مزعجة لحرب العراق في عام 2003، يحاول الناس في جميع أنحاء العالم العربي معرفة ما يحدث.
في المقابلات، أعرب كتّاب ورجال أعمال ومنفيون عن خوفهم من حرب مدمرة محتملة بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تختمر حسب الكثيرين منذ حصار السفارة في طهران عام 1979.
لكنهم اعتادوا أيضاً على رئيس أميركي غالباً ما يفضل الصخب على الدبلوماسية كأداة للتفاوض، لكنه يتراجع في النهاية. وقال جوزيف فهيم، وهو ناقد سينمائي مصري، «إذا كنا نصدق كل ما قاله ترامب خلال السنوات الثلاث الماضية، فإن هناك حرباً مع الصين وكوريا الشمالية والمكسيك». «الرجل يمزح، إنه غير جاد. لا نعرف ما إذا كانت هذه التهديدات حقيقية أم أنها مجرد واحد من الأعمال العديدة المثيرة له».
في لبنان، تحدث الأكاديمي في الجامعة الأميركية في بيروت، رامي خوري، من شرفة شقته المطلة على البحر الأبيض المتوسط، قائلاً «أنا أشاهد صواريخ أميركية تأتي في الأفق». أما رجل الأعمال، فرهاد سيد، فقال بسخرية، «قد يؤدي هذا إلى حدث صغير».
لكن إلى جانب النكات والشك تكمن المخاوف المقلقة من أن المواجهة المتصاعدة يمكن أن تثبت استثناءً للقاعدة، في اللحظة التي تدفع فيها تكتيكات ترامب مصادفة الولايات المتحدة والشرق الأوسط إلى حرب غير مرغوب فيها. وأضاف فهيم «هل يمكن أن يتصاعد التوتر، ويتحول إلى نزاع مسلح؟ ممكن».
يشعر كثيرون بهذه التوترات في أجزاء من شبه الجزيرة العربية. في وقت مبكر من يوم الخميس، هزت انفجارات ضخمة العاصمة اليمنية، صنعاء، حيث نفذت الطائرات الحربية من التحالف الذي تقوده السعودية موجة من الغارات الجوية على أهداف مرتبطة بالمتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران، والذين يسيطرون على معظم شمال اليمن.
جاءت الضربات الجوية بعد يومين من إعلان الحوثيين مسؤوليتهم عن الهجوم على خط أنابيب النفط في المملكة، المنافس الرئيس لإيران في المنطقة. وفي مقال افتتاحي نُشر الخميس، قالت «أراب نيوز»، الصحيفة السعودية الرئيسة التي تصدر باللغة الإنجليزية، إن الهجمات القادمة يجب أن تستهدف طهران.
وقالت الصحيفة، التي تعكس الموقف السعودي الرسمي، «وجهة نظرنا هي أنه يجب ضربهم بشدة،» متابعة «في حين أن الحرب هي دائماً الملاذ الأخير، إلا أن الاستجابة الدولية أمر ضروري لكبح التدخل الإيراني». إن مقاربة ترامب تجاه إيران، التي صممها أساساً مستشاره للأمن القومي المتشدد، جون بولتون، «تدرك الأمور بشكل صحيح»، كما يقول الإعلامي محمد اليحيى، مضيفاً «أراد الإيرانيون انتظار ترامب؛ لكن عندما أعاد الرئيس فرض عقوبات النفط الخانقة، أدركوا أنه لا يمكنهم الانتظار. لهذا السبب نشهد هذه الهيجان من النشاط في الخليج»، متابعاً «الأمر المقلق حقاً هو رؤية الأشخاص الذين يدافعون عن إيران في الغرب يعتذرون»، مشيراً إلى الدعم الإيراني للرئيس بشار الأسد في سورية.
كان العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله، يكره بشدة الصراع المفتوح، رغم ملابسات الهجوم الإرهابي الذي وقع في أبراج الخبر عام 1996، وفقاً للخبير في «بروكينغز»، بروس ريدل، والذي أودى بحياة 19 من أفراد سلاح الجو الأميركي.
أثارت تصريحات نارية من البيت الأبيض، والتوتر المفاجئ بما في ذلك الهجوم الغامض الذي وقع على ناقلتين نفطيتين سعوديتين، مخاوف في بعض الأوساط من أن ترامب ومساعديه يحاولون إيجاد قضية للحرب، مثلما فعلت إدارة بوش الابن، قبل غزو العراق عام 2003. ولاحقاً قال ترامب لوزير دفاعه بالإنابة إنه لا يريد خوض حرب مع إيران، وذلك وفقاً للعديد من مسؤولي الإدارة.
ومع ذلك، يشعر كثير من العرب بأن هناك حاجة لمواجهة التوسع الإيراني، من خلال التحالفات مع الجماعات المسلحة المحلية، أو عن طريق تهريب الأسلحة والمال. وقد امتدت طهران بثبات في جميع أنحاء المنطقة على مدى السنوات الـ15 الماضية. ويمتد نفوذها عبر العراق وسورية ولبنان وغزة واليمن.
أجواء الحرب
وقالت المحرّرة في جريدة النهار اللبنانية، موناليزا فريحة، «لقد أوجدت إيران الأجواء للدعوة لهذه الحرب». لكنها أضافت أنها لا تثق بأن مقاربة ترامب ستثبت نجاحها في مواجهة العدوان الإيراني. وأوضحت، «لا أرى حرباً محسوبة في الأفق، لكن سوء التقدير ممكن في أي وقت».
خالد الشريف، يعرف حِدة السياسة الأميركية. وهو متمرد ليبي مناهض للقذافي، قُبض عليه في باكستان، عام 2003، واحتُجز لمدة عامين في زنزانة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية في أفغانستان، حيث خضع لتعذيب مكثف تركه يعاني مشكلات الصحة العقلية.
وقال الشريف إن كثيراً من الليبيين رحبوا بالدعم العسكري الأميركي للثورة التي أطاحت بمعمر القذافي، منذ عام 2011. لكن منذ ذلك الحين كان من الصعب تحديد متى قد تفضل واشنطن الديمقراطية، كما يزعم أنها تفعل في إيران، ومتى ستتمسك بصراحة بالوضع القائم. وقال «المشكلة مع إيران تعود إلى عقود». «الآن، الأمر يتعلق بالمال»، ترامب يريد جني أموال. وأضاف أن التوترات الحالية من غير المرجح أن تؤدي إلى الحرب، ولكن لن تؤدي إلى السلام، نحن بحاجة لإيجاد حل سياسي».
يشعر كثير من العرب بأن هناك حاجة لمواجهة التوسع الإيراني، من خلال التحالفات مع الجماعات المسلحة المحلية، أو عن طريق تهريب الأسلحة والمال.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news