تمارس أعمال نهب ممنهجة

ميليشيات الحوثي تستغل شهر رمضان في تمويل الحرب

صورة

تعتمد ميليشيات الحوثي على مصادر عدة لتمويل أنشطتها، إذ تستغل قدوم شهر رمضان لزيادة هذه المصادر، ومنها فرض زكاة مضاعفة على سكان المناطق التي تسيطر عليها، ومطالبة الجمعيات الخيرية بمبالغ مالية نظير السماح لها بتخصيص أماكن معينة لإقامة موائد الرحمن لتوزيع وجبات غذائية، أو حتى تقديم مساعدات نقدية، ورفع أسعار الوقود في مناطق سيطرتها بنسبة قد تتجاوز 40%، لاسيما مع الاحتياج لنقل السلع الغذائية خلال هذا الشهر بشكل كثيف، وفرض رسوم إضافية على السلع القادمة من منافذ محافظات أخرى إلى العاصمة صنعاء، وذلك في نقاط التفتيش التي تسيطر عليها.

وتتصرف الميليشيات الحوثية تجاه سكان المناطق التي تسيطر عليها في شهر رمضان بشكل يتنافى مع روح هذا الشهر الكريم، خصوصاً في ما يتعلق بالتكافل والتراحم، لاسيما في ظل معاناة القطاع الأوسع من الشعب اليمني من تداعيات استيلائها على الشرعية الدستورية، والتي تتمثل في تدهور قيمة العملة المحلية، والفقر الشديد، وسوء التغذية، وانقطاع المياه الصالحة للشرب، وانتشار الأمراض والأوبئة، لدرجة أن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تشيران إلى أن «اليمن يواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم». ويمكن تناول أبرز النماذج الدالة على التوظيف الحوثي لقدوم شهر رمضان بشتى الطرق على النحو التالي:

زكاة مضاعفة

فرضت الميليشيات زكاة مضاعفة على السكان، تراوح ما بين 300 و500 ريال، حسب تقارير عدة، حيث شددت الميليشيات الحوثية مع بداية شهر رمضان على تحصيلها، أو بالأحرى جبايتها، لتشمل الصغار والكبار والموظفين والعاطلين، عبر الجهات الحكومية والخاصة وأمناء الحارات والأحياء. ويستند هذا القرار إلى ما أنشأته الميليشيات باسم «الهيئة العامة للزكاة»، التي ربطتها بشكل مباشر بمجلس الحكم الانقلابي، الأمر الذي يخالف القانون اليمني، ويمثل تكريساً للنهب المنظم لأموال الشعب اليمني.

وعلى الرغم من التعثر المتتالي في استلام موظفي الدولة رواتبهم لأشهر عدة، ألزمت الميليشيات المكلفين جباية الزكاة بخصم زكاة الفطر من الموظفين ومن يعولون، من واقع كشوف الراتب، بالتعاون مع المختصين في الموارد البشرية لكل جهة على حدة. وفي هذا السياق، يشير أحد التقديرات إلى أن إيرادات الميليشيات من زكاة الفطر في مناطق سيطرتها تزيد على 10 مليارات ريال يمني، هذا بخلاف الزكاة المدفوعة على الأموال والعقارات، والشركات العامة والخاصة والأنشطة التجارية المختلفة.

وقد اعتبرت الحكومة اليمنية أن الهدف الحوثي من إنشاء هيئة للزكاة هو إلغاء جميع الحسابات المتعلقة بالزكاة، ودمجها في حساب واحد لدى البنك المركزي الخاضع لسيطرة الميليشيات في صنعاء. ومن هذا المنطلق، أصدر عدد من علماء الدين اليمنيين فتوى مؤداها تحريم دفع زكاة الفطر للحوثيين، إذ إن دفعها يمثل إعانة لهم على قتل الناس واستباحة الدماء، والتعاون على المعصية، وهو ما لا تجيزه الشريعة الإسلامية السمحاء، لاسيما أن الأصل في زكاة الفطر هو إخراجها وتسليمها للفقراء والمساكين قبل صلاة العيد.

وفي حال تخلف أحد من سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين عن دفع زكاة الفطر، هددت الميليشيات بحرمانه من حقه في الحصول على غاز الطهي، الذي تقوم بتوزيعه عبر عقال الحارات والأحياء، وهو ما يجبر معظم السكان على الدفع.

ابتزاز الجمعيات

تطالب الميليشيات الجمعيات الخيرية بمبالغ مالية نظير ممارسة أنشطتها، على غرار إقامة موائد الرحمن لتوزيع وجبات غذائية، فيما يطلق عليه «المطابخ الخيرية»، أو حتى تقديم مساعدات نقدية، وهو ما أكده ناشطون ومتطوعون في العمل الخيري لعدد من وسائل الإعلام اليمنية والعربية. كما تجدر الإشارة أيضاً إلى ما قاله أحد المسؤولين المحليين في مكتب الشؤون الاجتماعية في صنعاء الخاضع للميليشيات لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، في الـ11 من مايو الجاري، إن «ميليشيات الحوثي أوقفت أكثر من 30 جمعية خلال يومين في أمانة العاصمة، لأنها رفضت اجتزاء 30% من التبرعات للمجهود الحربي».

وأضاف المسؤول المحلي: «أنشأ الحوثيون جمعيات تابعة لهم في بعض المناطق التي أغلقت فيها الجمعيات، في محاولة للسيطرة على قنوات المتبرعين، واستقطاب الشباب والزج بهم في جبهات القتال»، مؤكداً أن «مكتب الشؤون الاجتماعية في صنعاء سمح لعدد محدود من الجمعيات التي تتبع جماعة الحوثي أو للمقربين من قادتها أو المتواطئين معها بنهب تبرعات التجار وفاعلي الخير، حيث تقوم هذه الجمعيات بتقديم المعونات على أنها مقدمة من زعيم الجماعة، أو من قبل هيئة الزكاة التابعة لها، في مسعى لتحسين صورة الميليشيات، واستغلال الدعم لاستقطاب السكان».

وفي حال رفض القائمون على الأعمال الخيرية تسليم حصة من المواد الغذائية بشكل يومي لمشرف الحوثيين في الأحياء، تتم مصادرة ما في المخازن من مواد غذائية، على نحو يؤدي إلى معاقبة السكان، وليس فقط معاقبة فاعلي الخير والتجار ورجال الأعمال، مع الأخذ في الحسبان أن مستوى العطاء يتقلص في هذا الشهر مقارنة بالأعوام السابقة، لاسيما في ظل التهديدات التي يتلقاها التجار من ميليشيات الحوثي، التي تحرص على السيطرة على التبرعات والدعم الإنساني، وتوجيهها إلى أفرادها في المدن أو إلى دعم أنشطتها.

سوق سوداء

تقوم الميليشيات برفع أسعار الوقود في مناطق سيطرتها، وذلك بنسبة قد تتجاوز 40%، لاسيما مع الاحتياج لنقل السلع الغذائية في شهر رمضان، بشكل كثيف مقارنة بالأشهر الأخرى من العام، وهو ما حدث مع قرب حلول الشهر الكريم، الأمر الذي يؤدي إلى انتعاش السوق السوداء التي يديرها الحوثيون كسوق موازية، لتنمية استثماراتهم وتمويل أنشطتهم، مع الأخذ في الحسبان أن استمرار الحرب والحصار الحوثي على المدن ضاعف أعباء نقل السلع، خصوصاً مع إغلاق بعض محطات تعبئة المشتقات النفطية أبوابها، وعودة الطوابير الطويلة للسيارات والمركبات أمام بعض المحطات.

منافذ الجمارك

يتم فرض رسوم إضافية على السلع القادمة إلى صنعاء، إذ تشير بعض الكتابات إلى أن أحد مصادر تمويل ميليشيات الحوثيين يتمثل في دفع جمارك على السلع في نقاط التفتيش والطرق التي تربط بين المدن اليمنية، التي سيطر عليها الحوثيون، مع الأخذ في الحسبان أن هذه الجمارك قد تم دفعها في المنافذ الرسمية البرية والبحرية.

حصار المساعدات

بالتوازي مع ذلك، يستولي الحوثيون على المساعدات الموجهة لعدد من المناطق اليمنية. وفي هذا السياق، قال وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبدالرقيب فتح، في الـ20 من أبريل الماضي، إن «ميليشيات الحوثي تحتجز 20 شاحنة وناقلة تحمل مساعدات غذائية ومشتقات نفطية مخصصة للمستشفيات في محافظة أب وسط اليمن»، وهو استمرار للسلوك الحوثي الرامي إلى استحداث عشرات المنافذ الجمركية، لدرجة أن برنامج الغذاء العالمي اتهم الميليشيات بنهب المساعدات الغذائية، والتلاعب بكشوف توزيعها، وعدم تسليمها إلى مستحقيها، فيما وصف البرنامج هذه الممارسات بأنها «سرقة الطعام من أفواه الجياع».فضلاً عن ذلك، أشارت بعض وسائل الإعلام اليمنية، في بداية أبريل، إلى أن ميليشيات الحوثيين تعتزم إنشاء بنك باسم «بنك الزكاة»، كوسيلة لجمع الأموال بشكل إجباري لتمويل أنشطتها، بحيث تم تكليف فريق قانوني ومحاسبي لإعداد وتجهيز قانون ولائحة مالية خاصة به، إذ سيتم الإعلان عن افتتاح البنك في غضون الأشهر القليلة المقبلة، وسيلزم القانون البنوك التجارية والإسلامية في اليمن كافة بدفع الزكاة إلى حساب بنك الزكاة، بعد أن يتم التحقق من إجمالي الحسابات المالية والإيرادية للبنوك.


اقتصاد ميليشيات

وظّفت ميليشيات الحوثيين نهمها للسلطة بما يتعارض مع مصالح معظم الشعب اليمني، حيث كانت الأسر تعتمد على المساعدات الغذائية التي تتلقاها من منظمات خيرية في مواجهة نقص حاد في الغذاء، وبشكل خاص في شهر رمضان، لاسيما في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وضعف القدرة الشرائية. كما يقوم الحوثيون بحملات لجمع التبرعات المالية النقدية والعينية، ومضاعفة الضرائب والجمارك.

وإلى جانب ذلك، توظف الميليشيات ندرة الوقود عبر تأسيس سوق سوداء موازية. كما تضاعف زكاة الفطر، وقد لجأت في العام الماضي إلى فرض جبايات تحت مسميات مختلفة، أبرزها دعم المجهود الحربي، بحيث تطلب الميليشيات من الأفراد ورجال الأعمال والمؤسسات الحكومية والخاصة تبرعات مباشرة لتمويل الجبهات العسكرية، على نحو يشير إلى «اقتصاد ميليشيات متكامل»، يحقق هدفين، أولهما إطالة مدة الاستيلاء على الشرعية الدستورية، وثانيهما الحصول على الأموال وتحقيق الثراء لقياداتها.

حال رفَض القائمون على الأعمال الخيرية تسليم حصة من المواد الغذائية بشكل يومي لمشرف الحوثيين في الأحياء، تتم مصادرة ما في المخازن من مواد غذائية، على نحو يؤدي إلى معاقبة السكان، وليس فقط معاقبة فاعلي الخير والتجار ورجال الأعمال.

ميليشيات الحوثي فرضت زكاة تراوح بين 300 و500 ريال، حسب تقارير عدة، حيث شددت مع بداية شهر رمضان على تحصيلها، أو بالأحرى جبايتها، لتشمل الصغار والكبار والموظفين والعاطلين، عبر الجهات الحكومية والخاصة وأمناء الحارات والأحياء.

تويتر