في ندوة أقامها «حزب التحالف الشعبي» بالقاهرة
معارض سوداني: الشعب هو الضامن لاتفاق المجلس العسكري مع «الحرية والتغيير»
أكد مسؤول حزب «المؤتمر» السوداني، والمشارك في ائتلاف «الحرية والتغيير»، محمد داوود، إن الاتفاق الذي أعلن عنه بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير المعارضة، بشأن إدارة الفترة الانتقالية، أخيراً، خطوة للأمام تدعو للتفاؤل، ولا توجد ضمانات واقعية لتنفيذها سوى ثقة حزبه، وقوى الثورة بالشعب السوداني، ووعيه وقدرته على المواجهة، ومواصلة النضال، وهي أكثر من كافية.
وقال داوود، الذي كان يتحدث مع مجموعة من المعارضين السودانيين، في ندوة استضافها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي المصري بمقره بميدان التحرير بالقاهرة، إن «الاتفاق ربما لم يلبِّ طموحات الشعب السوداني كافة، لكنه كأي اتفاق بين طرفين لابد أن يتسم بشيء من التوافق، لكن النقطة الأهم فيه أنه رسم طريقاً للانتقال إلى سلطة مدنية عبر خارطة طريق واضحة، وكفل إمكانية تشكيل وزارة مدنية تختارها قوى الحرية والتغيير، كما لبى طلب الثورة بعمل فترة انتقالية كافية من ثلاث سنوات، تكفل اقتلاع جذور النظام القديم (الإخواني) من القطاعات الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية كافة، والخلاص من الدولة العميقة القديمة ونفوذها، بما يكفل انتخابات حرة وشفافة لا تعيد النظام القديم من الشباك، بعد أن تم طرده من الباب».
تقنين الانتصار
وقال داوود إن «ثورة 18 ديسمبر قد قننت انتصارها بهذا الاتفاق، وبحراسة قوى إقليمية ودولية، وحققت الخطوة الرابعة في تعزيز مكانتها حيث كانت الخطوة الأولى انطلاق الثورة في ديسمبر 2018، والثانية الوصول للقيادة العسكرية في 6 أبريل، والثالثة تظاهرات 30 يونيو، أما الرابعة فهي هذا الاتفاق»، مشيراً إلى أن «الثورة تملك بوصلتها وطريقها إلى خطوات متواصلة جديدة، ستكون بداياتها محاسبة النظام القديم وتفكيك مفاصله، ومحاسبة المتورطين في المجازر، وإقرار السلام، ثم الولوج إلى مهام الانتقال للسلطة».
وشدد داوود على أن «الثورة مستمرة، ولو بفعاليات مختلفة بعد الاتفاق، فهناك لجان الأحياء التي تقوم بعملها في كل شبر من أرض السودان، وهناك الندوات التي تقيمها القوى السياسية دون توقف في الأحياء للنقاش السياسي مع الناس، وإطلاعهم على مستجدات الموقف وتعميق وعيهم، وخلال ثلاثة أيام فقط منذ توقيع الاتفاق أقامت الحرية والتغيير ندوات حضرها عشرات الآلاف، لذا فإن ثقتنا بلا حدود في قدرات شعبنا، فأعداؤه راهنوا على عدم خروجه وخرج، وراهنوا على نفاد صبره على التظاهر، فظل ستة أشهر في الشارع في حالة نضالية أسطورية، وفي 30 يونيو خرج بالملايين للشوارع بصورة فاجأت حتى قوى الحرية والتغيير ذاتها، لذا ليس لدينا خوف من الاتفاق، وما يمكن أن يجري بشأنه».
تشابهات
ورداً على سؤال حول الاختلافات والتشابهات بين الاتفاق الأخير، ومشروع «الهبوط الناعم»، الذي تم تبنيه في عهد الرئيس السابق عمر البشير، والذي كان يقوم على حوار وطني، ثم حكومة وحدة وطنية، ثم انتخابات يتعهد فيها البشير بعدم الترشح، قال داوود إن «الفارق شاسع، فقد كانت هذه المشروعات مثل (الهبوط الناعم) و(الوثبة) تتم في إطار وجود نظام وقوانين وملابسات تستهدف إبقاء الوضع القائم وقتها واحتواء مطالبات الناس بالتغيير، أما اتفاق اليوم فهو تتويج لثورة شعب منتصر، موجود في الشوارع والميادين، وفي إطار مفتوح، وفي ظل إرادة ماثلة للتغيير تجرف أمامها من يعارضها، كما أن مشروع التغيير هذا مفتوح ويضم كل القوى السودانية، ولا يقصي أحداً على عكس مشروعات الاحتواء القديمة».
ورداً على سؤال، حول التناقض في اعتبار المجلس «انتقالياً»، بينما موكلة إليه «مهام غير انتقالية»، مثل إدارة عملية السلام، قال داوود إن «الأصل في صلاحيات المجلس هو تنفيذ مهام معينة للانتقال إلى حكم مدني، وعلى رأس ذلك ترتيب وإدارة انتخابات ديمقراطية وشفافة، تمهيداً لتحول البلاد إلى الحكم المدني الكامل، أما ما يزيد على ذلك فهو من قبيل تصريف الأعمال، الذي لن يأخذ صيغته النهائية إلا بمصادقة برلمانية».
وحول الدور النوعي الذي يلعبه «تجمع المهنيين» في الثورة، قال داوود إن الانتفاضات تقودها عادة النقابات في السودان، وهذا حدث تاريخياً، في انتفاضة 1964، وفي انتفاضة 1985، واليوم، ونظام البشير كان منتبهاً بشدة لهذه النقطة، ومنزعجاً جداً من النقابات، لذا همشها وألغاها وأنشأ ما سميت «نقابة المنشأة»، والتي بموجبها يكون في مبنى واحد، أو شركة واحدة، نقابة واحدة تجمع الفراش والمدير، وكان يقصد بذلك أن يحول بين الشعب وسلاحه التاريخي، وقد أنتج الأمر شيئاً عكسياً هو النقابات المستقلة، والتي لعبت دوراً جوهرياً في ثورة ديسمبر، وأغلب الظن أنه بعد الفترة الانتقالية، ستعود النقابات إلى مربعها الطبيعي في النضال المهني، بعيداً عن السياسة.
ورداً علي سؤال عن احتمال عودة الصراعات السياسية في السودان، وهو ما حدث عقب ثورة 1985، وبما تسبب في وقوع الانقلاب العسكري عام 1989، ختم داوود بأن الظروف تغيرت كثيراً، فالفئات العمرية التي كانت تعزز ذلك تجاوزت الـ60، بل الـ70 الآن، والجيل الذي خرج في التظاهرات معظمه في عشريناته وثلاثيناته، وهو يحمل فكراً جديداً ورؤى جديدة للعالم لا تجعله أسير الماضي، لذلك فإن من يقيس على أوضاع 1985، أو يتوقع نتائج في الانتخابات قياساً على انتخابات 1989، واهم تماماً، وقد رأى الناس مشاركة الصغار والمرأة مثلاً كمؤشرات إلى هذا التغيير.
الأصل في صلاحيات المجلس الانتقالي، هو تنفيذ مهام معينة للانتقال إلى حكم مدني، وعلى رأس ذلك ترتيب وإدارة انتخابات ديمقراطية شفافة، تمهيداً لتحول البلاد إلى الحكم المدني الكامل.
الفئات العمرية، التي كانت تعزز صراعات مثل ما حدث عقب ثورة 1985 تجاوزت سن الـ60 الآن، والجيل الذي خرج في التظاهرات معظمه في عشريناته وثلاثيناته، وهو يحمل فكراً جديداً ورؤى جديدة للعالم، لا تجعله أسير الماضي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news