إسرائيل تسيطر على 88% من مساحة أراضيها.. ونتنياهو يرفض الانسحاب منها
فلسطينيو الأغوار مهددون بالتهجير أمام الزحف الاستيطاني
في مثل هذه الأوقات من السنة يستعد أهالي منطقة الأغوار شمال الضفة الغربية، لحصد المحاصيل الزراعية التي زرعت في فصل الشتاء، وتجهيز المواشي وتربيتها لبيعها في عيد الأضحى، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جاء لينغص حياتهم، ويدق ناقوس الخطر أمام وجودهم في ديارهم وأراضيهم، التي يقطنون فيها منذ مئات السنين.
فقد رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية في وقت سابق الانسحاب الإسرائيلي من منطقة الأغوار، مضيفاً «في أي اتفاق سلام مستقبلي مع الفلسطينيين موقفنا لن يتغير، والذي يتمثل في أن وجودنا في الأغوار يجب أن يستمر من أجل أمن إسرائيل ومن أجل أمن الجميع».
جاء ذلك في تصريحات لنتنياهو برفقة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، أثناء زيارتهما لمنطقة الأغوار في 23 من شهر يونيو الماضي، حيث قال «لأولئك الذين يقولون إنه من أجل الوصول إلى السلام على إسرائيل الانسحاب من غور الأردن، أقول لهم إن الانسحاب الإسرائيلي لن يجلب السلام، وإنما سيجلب المزيد من الحرب والإرهاب».
عملية ضم متسارعة
وأمام تلك التصريحات، يقف أهالي الأغوار بين مد الخوف من المصير القادم، وجزر المعاناة المتواصلة منذ 52 عاماً، حيث أصبح وجودهم على شفا التهجير في أي لحظة قادمة.
ويقول عضو مجلس محلي وادي المالح والمضارب البدوية في الأغوار عارف دراغمة، «إن 88% من مساحة الأغوار تحت السيطرة الإسرائيلية بحجة أغراض أمنية، وغالبية تلك الأراضي مقام عليها ما هو أشبه بنقاط تدريب عسكرية، وأخرى معسكرات للجيش الإسرائيلي، وقليل منها لأغراض السكن، التي يحاول الاحتلال جلب السكان إليها وتطويرها». ويضيف أن «إسرائيل تتعامل مع الأغوار على أنها جزء من دولتها، فهي مناطق حدودية مع الأردن وسورية ولبنان، كما أنها تعود بفوائد مالية كبيرة على موازنتها، فتسعى إلى استثمار كل المشاريع فيها، لذلك لن يتنازل نتنياهو عنها بسهولة».
ويشير دراغمة في حديثه لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن بنيامين نتنياهو وعقب فوزه في انتخابات الكنيست التي عقدت في شهر أبريل الماضي، سارع إيقاع عملية ضم أراضي الضفة الغربية، لاحتواء تلك المناطق على أهم مصادر المياه فيها، خصوصاً الأغوار، التي تعد مثلث المياه في فلسطين، وخزانها الجوفي، إلى جانب وجود وانتشار كبرى المستوطنات في أراضيها المصنفة بمناطق (ج)، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وفق اتفاقية أوسلو.
وتمتد الأغوار الفلسطينية من بيسان حتى صفد شمالاً، ومن عين جدي حتى النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً، فيما تصنف مناطق (A)، وتخضع لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية، ومساحتها 85 كيلومتراً مربعاً، ونسبتها 7.4% من مساحة الأغوار الكلية، ومناطق (B)، وهي منطقة تقاسم مشترك بين إسرائيل والسلطة، بمساحة تقدر بـ50 كيلومتراً مربعاً، ونسبتها 4.3%، أما مناطق (C) فتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، ومساحتها 1155 كيلومتراً مربعاً، وتشكل 88.3% من مساحة الأغوار الإجمالية.
وتجثم على أراضي الأغوار الفلسطينية، بحسب دراغمة، 31 مستوطنة، وغالبيتها زراعية، أقيمت على 12 ألف دونم، إضافة إلى 60 ألف دونم ملحقة بها، ويسكنها 8300 مستوطن.
ممارسات التهجير
مناطق الأغوار المعروفة بسلة فلسطين الغذائية، تتعرض لعمليات التوسع الاستيطاني، ومحاولات تهجير الأهالي، والسيطرة على ما تبقى من أراضٍ فيها، حيث هجرت إسرائيل ما يزيد على 50 ألفاً من مواطني الأغوار منذ عام 1967، بالإضافة إلى تجمعات سكانية كاملة، بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية، منها تهجير أهالي خربة الحديدية في الأغوار الشمالية، وشهد عام 2010 في شهري يونيو ويوليو أكثر من 90 عملية هدم في خربتي الرأس الأحمر وعاطوف، ما أدى إلى تشريد 107 عائلات.
ويقول أحمد أبومحسن، (27 عاماً)، صاحب مزرعة مواشٍ في تجمع الفارسية في الأغوار الشمالية، «إن الأغوار تعد سلة فلسطين الغذائية، فالأرض وبمساحاتها الشاسعة مصادرة لأغراض عدة، إذ يحاول الاحتلال منع الفلسطينيين، وعلى رأسهم المزارعون، من الوصول اليها بحجة إقامة تدريبات عسكرية، ويمارس يومياً التضييق على المواطنين الموجودين في المنطقة من خلال تسليمهم إخطارات هدم منازلهم ومزارعهم، لإجبارهم على التهجير القسري».
ويشير إلى أنه خلال الأشهر الماضية تعرض رعاة الأغنام من تجمعات الفارسية الواقعة ضمن محافظة طوباس في الأغوار الشمالية، لاعتداءات متزايدة من قبل المستوطنين، والتي تتخذ أشكالاً عدة بدءاً بالتهديد والملاحقة والضرب، مبيناً أن هذه الاعتداءات شبه يومية، وتحدث غالبيتها أمام أنظار الجنود الذين يشاركون أحياناً فيها.
ويتابع أبومحسن قوله: في شهر مايو الماضي كنت في طريقي إلى مزرعة المواشي، الواقعة شمال شرق منزلي، فجاء المستوطنون لطردنا منها، وتلفظوا بألفاظ نابية ضدنا، ولاحقونا لمنعنا من التواجد في أرضنا، وتمكنوا من ذلك بمساعدة الجيش الذي أغلق الطريق أمامنا، ما اضطرنا للرجوع، وتكرر هذا الموقف مرات عدة خلال الأيام القليلة الماضية.
ويضيف: «نعيش في أجواء ملؤها الخوف، ففي كل يوم نتوقع تهجيرنا من منازلنا، ولا ندري إلى أين نذهب، ففي الغرب من منزلي توجد منطقة تدريبات، وفي الجهات الأخرى توجد مستوطنات عدة».
إسرائيل تتعامل مع الأغوار على أنها جزء من دولتها، فهي مناطق حدودية مع الأردن وسورية ولبنان، كما أنها تعود بفوائد مالية كبيرة على موازنتها، فتسعى إلى استثمار كل المشاريع فيها، لذلك لن يتنازل نتنياهو عنها بسهولة.
الأغوار تعد سلة فلسطين الغذائية، فالأرض وبمساحاتها الشاسعة مصادرة لأغراض عدة، إذ يحاول الاحتلال منع الفلسطينيين من الوصول إليها لإجبارهم على التهجير القسري.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news