إسرائيل أزالت 116 شقة خلال يوم واحد في أوسع عملية تدمير منذ 52 عاماً
«مجزرة المنازل».. 500 مقدسي في وادي الحمص على قارعة الطريق
في ساعات الفجر الأولى، كانت القوات الإسرائيلية تباشر في هدم منزل عائلة غالب أبوهدوان، في حي وادي الحمص في بلدة صور باهر جنوب مدينة القدس، وفي تلك اللحظة كانت طفلته «لمى» تصرخ باكية، وهي تقف بجوار بيتها الذي غادرته قسراً، لتحتضنها والدتها قائلة لها «لا تخافي، هذا مصيرنا».
وبينما كانت الأم تحاول التخفيف من حالة الذعر التي أصابت ابنتها، تناثر ركام المنزل الذي احتضن أحلامها البريئة أمام أعينها، فور بدء الجرافات بهدم طبقاته الخمس، لتكمل قوات الاحتلال الهدم بزرع القنابل المتفجرة، تمهيداً لهدمه بشكل كامل، ولتشهد الطفلة فاجعة لن تفارقها أبداً.
مشهد مؤلم
ذلك هو المشهد الذي عاشت 500 عائلة مقدسية تفاصيله المؤلمة، على مدار يوم كامل، منذ مطلع فجر يوم الإثنين 22 من يوليو الجاري، حيث اقتحمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية، برفقة عشرات الجرافات والآليات الضخمة، حي وادي الحمص، لهدم 16 بناية مكونة من 116 شقة تعيش فيها تلك العائلات، في عملية سماها الفلسطينيون «مجزرة المنازل».
القوات الإسرائيلية التي نفذت أكبر عملية هدم منذ 52 عاماً مضت في القدس، حولت الحي إلى ثكنة عسكرية، تمهيداً لهدم عشرات الشقق السكنية، بحجة قربها من جدار الفصل العنصري.
نكبة جديدة
ويقول المقدسي غالب أبوهدوان لـ«الإمارات اليوم»، واصفاً ما حدث معه: «في وقت أذان الفجر استيقظت على كارثة هدم منزلي، حيث اقتحم عشرات الجنود من القوات الإسرائيلية الخاصة وحرس الحدود مدججين بأسلحتهم، يطالبوني بإخلاء المنزل لهدمه، بناءً على قرار المحكمة الإسرائيلية، كما يدعون، وقد أصيب أطفالي بحالة ذعر شديدة من مشهد الجنود».
ويضيف أن «مشهد إخراجنا من المنزل كان قاسياً بمعنى الكلمة، فالجنود أمهلونا دقائق معدودة لإخلاء البيت، الذي غادرته أنا وعائلتي في حالة ذعر، دون أن نصطحب معنا سوى ملابسنا».
ويصف أبوهدوان مشهد إخلاء وهدم منزله بنكبة تهجير وتشريد، مشيراً إلى أن الجرافات هدمت البيت أمام عينيه هو وأطفاله، لتسويته بالأرض وكأنه لم يكن.
ويتابع المواطن المقدسي حديثه، ومأساة التشرد تسيطر على ملامح وجهه: «لقد هُدم المنزل الذي أفنيت سنوات عمري في بنائه، لتأمين مستقبل أطفالي حين يكبرون، ولكن اليوم أصبح كومة ركام وهم مازالوا صغاراً، بل سيعيشون مشردين داخل خيمة على قارعة الطريق».
ما وراء الهدم
عملية الهدم الواسعة هذه جاءت تنفيذاً لقرار المحكمة الإسرائيلية العليا، التي رفضت في 11 يونيو الماضي التماساً أخيراً تقدم به أهالي حي وادي الحمص، وأمهلت العائلات 30 يوماً لهدم منازلهم أو الخروج منها، بذريعة أن بناء منازلهم غير مرخص، إلى جانب قربها من جدار العزل الإسرائيلي.
وكانت عائلات الحي المقدسي قد تقدمت في عام 2003 بالتماس ضد مسار الجدار الذي يمر وسط قرية صور باهر، حيث يقع الحي في الجانب الإسرائيلي من الجدار، لكنه بقي خارج نفوذ بلدية إسرائيل في القدس.
ويقول رئيس لجنة أهالي حي وادي الحمص، حمادة حمادة، إن «إسرائيل هدمت البنايات الـ16، وشردت 500 عائلة، مستخدمة المتفجرات في هدم بعض المنشآت، منها عمارة كبيرة لعائلة أبوطير، وهي حديثة البناء».
ويشير إلى أن القوات الإسرائيلية، خلال عملية الهدم التي استمرت على مدار يوم كامل، أغلقت كل الطرق المؤدية إلى حي وادي الحمص، الذي أعلنت عنه منطقة عسكرية مغلقة، فيما منعت المواطنين من المناطق المجاورة من الوصول لمساندة الأهالي.
ويقول حمادة إن «المنازل التي هدمت تقع في منطقة مصنفة (A)، وتخضع للسلطة الفلسطينية، حسب اتفاقية أوسلو، وأصحاب المنازل حصلوا على تراخيص من وزارة الحكم المحلي الفلسطينية، إلا أن إسرائيل تصر على هدمها بحجة قربها من الجدار الأمني المقام على أراضي المواطنين في المنطقة».
من جهة أخرى، يؤكد مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، زياد حموري، أن هدم منازل حي وادي الحمص هو ضمن خطة إسرائيلية جديدة، لربط المستوطنات ببعضها بعضاً من خلال المناطق الفلسطينية.
ويقول مدير مركز القدس إن «حي واد الحمص يشكل عائقاً أمام الامتداد الاستيطاني، لذلك تحاول إسرائيل إزالته، خصوصاً أنه قد تم الإعلان قبل أيام عدة عن ربط الخط البني (سكة القطار الخفيف)، الذي سينطلق من حي (جيلو ليمر)، ببلدات مقدسية عدة، وهي صور باهر والمكبر وسلوان وباب العامود، لينتهي بقلنديا، وهو ما سيلتهم الأراضي والمباني لمصلحة التوسع الاستيطاني».
• عائلات الحي المقدسي تقدمت في عام 2003 بالتماس ضد مسار الجدار الذي يمر وسط قرية صور باهر، حيث يقع الحي في الجانب الإسرائيلي من الجدار، لكنه بقي خارج نفوذ بلدية إسرائيل في القدس.
• حي واد الحمص يشكل عائقاً أمام الامتداد الاستيطاني لذلك تحاول إسرائيل إزالته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news