2019 عام الاضطرابات والنزاعات عبر العالم.. مجلة «الإيكونومست» تشيد بالسودان وتختار أوزبكستان دولة عام 2019
شهدت المنطقة العربية والعالم في عام 2019 العديد من الأحداث الفارقة، منها عزل الرئيس السوداني، عمر البشير، ووفاة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، وعزل الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، وتفجّر ثورتين شعبيتين في العراق ولبنان، إضافة إلى اعتراف إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشرعية المستوطنات، واعترافها بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية. ومن الأحداث البارزة الأخرى تفجّر الخلاف حول سد النهضة الإثيوبي، وإجراءات عزل ترامب، وتفجّر تظاهرات السترات الصفراء في فرنسا، وأخرى في هونغ كونغ منذ أشهر عدة حتى الآن، والهجوم التركي على شمال سورية، وإجراء انتخابات جديدة في بريطانيا أوصلت بوريس جونسون، المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لرئاسة الوزراء، وغير ذلك من الأحداث.
وقد يواجه الإنسان صعوبة في إيجاد بعض الأحداث الإيجابية بين التقارير التي لا نهاية لها عن الحرب، والهجمات الإرهابية، وتحطّم الطائرات، ومشكلات المناخ، والفيضانات والأعاصير، وثوران البراكين، إلى غير ذلك من الأحداث المروّعة.
وبما أن هذه الأحداث تؤثر بشكل كبير في واقع المنطقة العربية ومستقبلها، فإننا سنحاول في هذا الملف، الممتد عبر حلقات عدة، تسليط الضوء على أهمها، بغرض التوثيق والاستفادة من الدروس.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
• وفقاً لرصدها إنجازات العام السابق
مجلة «الإيكونومست» تشيد بالسودان وتختار أوزبكستان دولة عام 2019
أعلنت مجلة «الإيكونوميست»، هذا الأسبوع، أن أوزبكستان هي «دولة العام»، مؤكدة «أن أي دولة أخرى لم تبلغ هذا الحد» من التطور في 2019، من حيث الإصلاحات الاقتصادية وغيرها من الإصلاحات، الذي بلغته هذه الدولة الآسيوية الوسطى. وتضاعفت الجهود بالفعل بشأن أجندة الإصلاح التي صاغها الرئيس، شوكت ميرزيوييف، الذي وصل إلى السلطة في عام 2016، وأدخل تغييرات كبيرة، لاسيما في السياسات الاقتصادية والخارجية.
وافتتحت «الإيكونوميست» مقالها بالقول إن هناك دولتين أصبحتا أفضل حالاً بشكل ملحوظ في عام 2019، هما أوزبكستان والسودان، فقد استطاعت الاحتجاجات الجماهيرية في السودان أن تطيح بالرئيس السابق، عمر البشير، أحد أخطر طغاة العالم، الذي قتل نظامه الكثير من شعبه، لدرجة أن ثلث البلاد انفصل ليشكل دولة جنوب السودان، عام 2011. وكان البشير قد دين بالفساد بمحكمة سودانية في 14 ديسمبر، لكن ليس من المحتمل تسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية، بسبب جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها في دارفور. وتتعهد الحكومة الجديدة بتقاسم السلطة عن طريق إجراء انتخابات في غضون ثلاث سنوات، وتتفاوض على السلام في دارفور، ومع ذلك لايزال خطر «بلطجة» النظام القديم قائماً، ومن المحتمل أن يفسد الإصلاحات الديمقراطية.
أما أوزبكستان، فهو البلد الفائز بالفعل في هذا العام، وكان المرشح الرئاسي الأميركي، هيرمان كاين، قد استهزأ ذات مرة بهذا البلد، فقبل ثلاث سنوات كانت هذه البلاد ترزح تحت نظام حكم عتيق الطراز على نمط الاتحاد السوفييتي، وكانت عبارة عن مجتمع مغلق يدار بشدة وعدم كفاءة، وأرغم نظامه مجموعات عدة من الرجال والنساء والأطفال على العمل في حقول القطن وقت الحصاد.
عندما توفي الرئيس، إسلام كريموف، في عام 2016، بعد أن حكم البلاد لمدة 27 عاماً، خلفه رئيس وزرائه، شوكت ميرزيوييف. في البداية كان هناك قليل من التغيير، لكن بعد طرده رئيس الأجهزة الأمنية، عام 2018، بدأ ميرزيوييف يمضي على طريق الإصلاحات، التي تسارعت خطاها خلال العام الماضي، وألغت حكومته إلى حد كبير العمل القسري، وأغلقت السجن الأكثر شهرة، وسمحت للصحافيين الأجانب بالدخول، ومنعت البيروقراطيين من دعوة الشركات الصغيرة، التي كانوا سابقاً يتلقون منها رِشا. وفتحت الحكومة المزيد من المعابر الحدودية، ما ساعد على لم شمل العائلات المشتتة خارج حدود الدولة، وتمت دعوة التكنوقراط الأجانب للمساعدة في إصلاح الاقتصاد المتعثر.
وأجرت أوزبكستان انتخابات برلمانية قبل نهاية العام، وعلى الرغم من أنها لاتزال بعيدة عن الديمقراطية الغربية، فإن كل الأحزاب تدعم ميرزيوييف، لكن لايزال بعض النقاد وراء القضبان. وعلى الرغم من ذلك وجّه بعض المرشحين انتقادات مخففة للحكومة، وهو ما لم يكن يمكن تصوره في السابق. وشعر الأوزبكيون العاديون بالحرية، وعبّروا عن آرائهم ساخرين من الحملة، وأبدوا تذمرهم من الطبقة السياسية دون خوف من أن يصيبهم مكروه. ولايزال أمام أوزبكستان طريق طويل لتقطعه، لكن لم تستطع أي دولة أخرى في عام 2019 إنجاز ما أنجزته أوزبكستان.
ولم تدخر السلطات الأوزبكية أي جهد لإبراز هذه التغييرات، وعلى الرغم من أن أحزاب المعارضة لاتزال محظورة، تقول الحكومة إن الانتخابات التي نظمت تمثل خطوة نحو «أوزبكستان جديدة»، كما شهدت البلاد إصلاحات كبرى، بالطبع، بما في ذلك حقوق الإنسان.
وظلت أوزبكستان «من أقدم الأنظمة الشمولية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي» وحتى عام 2016، ومنذ ذلك التاريخ تم إطلاق سراح العشرات من السجناء السياسيين، واتخذت الحكومة خطوات لإنهاء العمل القسري في حقول القطن، وجرت إصلاحات في وسائل الإعلام، وتم إطلاق حرية الإنترنت.
إلا إن البلد «مازال أمامه طريق طويل ليقطعه» ولايزال «بعيداً عن كونه ديمقراطياً». ويجب على الحكومة، التي لاتزال سلطوية إلى حد كبير، أن تفي بوعودها بالإصلاحات التي تشمل إنشاء هيئة قضائية مستقلة، والسماح لجماعات حقوق الإنسان غير الحكومية بالعمل، وإنهاء العمل القسري، والسماح لأحزاب المعارضة بخوض الانتخابات، ووقف الرقابة، وفي الوقت الحاضر تبدو هذه مجرد أحلام بعيدة المنال للأوزبك العاديين.
ينبغي ألا ينجرف شركاء البلاد الدوليون وراء العلامات الجيدة التي أحرزتها «أوزبكستان الجديدة»، وفي ما يتعلق بحقوق الإنسان، من الواضح أن الحكومة أجرت إصلاحات بسبب الضغط الخارجي لإنهاء الانتهاكات الفظيعة، ويحتاج الشركاء إلى مواصلة ضغوطهم بشكل منتظم، لكي تظل تحسينات حقوق الإنسان جزءاً لا يتجزأ من انفتاح البلد.
إشادة مشرّفة
تستحق نيوزيلندا إشادة مشرّفة لردها على مذبحة في مسجد على يد متطرف أبيض، وارتدت رئيسة الوزراء، جاسيندا أرديرن، غطاء الرأس، للتعبير عن تضامنها مع المسلمين، وأعلنت أن الهجوم على المسلمين كان هجوماً على جميع النيوزيلنديين، وحظرت حكومتها الأسلحة شبه الآلية.
أيضاً هناك بلد آخر مثير للإعجاب، هو شمال مقدونيا، الذي غير اسمه لتعزيز السلام مع جارته، وكانت اليونان اعترضت على ذلك لأن اسمها القديم هو مقدونيا، ما يعني ضمناً أنها قد تطالب بالمنطقة اليونانية التي تحمل الاسم نفسه، واعترضت اليونان أيضاً على انضمام المقدونيين لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، أو حتى بدء مفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لذا ابتلع المشرعون في سكوبي ما كانوا يفخرون به، وصوّتوا لإعادة تسمية بلادهم، وأصبح التغيير ساري المفعول في فبراير، وأصبحت العلاقات مع اليونان الآن أكثر دفئًا، ويسير شمال مقدونيا الآن على الطريق الصحيح للانضمام إلى «الناتو». لكن للأسف يعترض الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي كانت بلاده فرنسا دولة العام في 2017، على انضمام هذا البلد للاتحاد الأوروبي، خشية أن يؤدي الترحيب بدولة أخرى في منطقة البلقان في النادي، إلى إثارة غضب الناخبين الفرنسيين.
لم تدخر السلطات الأوزبكية أي جهد لإبراز هذه التغييرات، وعلى الرغم من أن أحزاب المعارضة لاتزال محظورة، تقول الحكومة إن الانتخابات المزمع تنظيمها تمثل خطوة نحو «أوزبكستان جديدة»، كما شهدت البلاد إصلاحات كبرى بالطبع، بما في ذلك حقوق الإنسان.
تستحق نيوزيلندا إشادة مشرّفة لردها على مذبحة في المسجد على يد متطرف أبيض.
«شمال مقدونيا»، الذي غير اسمه لتعزيز السلام مع جارته اليونان، بلد يثير الإعجاب في 2019.