الثورة المضادة تتضمن مسيرات «كيزان».. وتلاعب غامض بالدولار والوقود
سياسيون سودانيون يؤكدون ذهاب دولة البشير.. وآخرون يحذرون من عمق «التمكين الإخواني»
قال سياسيون سودانيون، مناصرون لثورة ديسمبر، إن دولة الرئيس المعزول عمر البشير العميقة البائدة ذهبت إلى غير رجعة، وإن تظاهراتهم التي لا تتعدى الآلاف، مقابل تظاهرات الشعب المليونية، التي تتجدد وتنمو كل يوم، هي بمثابة تعويض نفسي عن الهزيمة الماحقة التي تلقاها النظام الديكتاتوري على يد شعبه، استمراراً لإرث ثوراته التاريخية عام 1964، و1985. وقلل سياسيون من خطر هذه التظاهرات، بعد إجراءات التفكيك الأخيرة التي تمت في ذكرى الثورة، لكن بعضهم دعا إلي تعميق المواجهة، نظراً لسيطرة «الكيزان» على مفاصل الحياة الاقتصادية، والإدارية، والاجتماعية، والسياسية، منذ حكم الرئيس السابق جعفر نميري.
وقال الناطق باسم «الجبهة الوطنية العريضة»، عبدالواحد إبراهيم، لـ«الإمارات اليوم» إن «الحكم بالسجن والإيداع في الإصلاحية الاجتماعية للمخلوع البشير مدة عامين في قضية الفساد المالي، اتسم بحرفية مهنية قانونية، بغض النظر عن موقف ضحايا نظام البشير، الذي يواجه قضايا أخرى، أبرزها الانقلاب على النظام الديمقراطي، باستخدام القوة، وتقويض النظام الدستوري عام 1989، وإعدام ضباط رمضان الـ28 عام 1990، وقتل عشرات المدنيين في المعتقلات، وتعذيب الآلاف، وقتل مواطن ببورتسودان، وآخرين في منطقتي أمري وكجبار، وجرائم دارفور التي قتل فيها نحو 300 ألف مواطن، ومنطقتا جنوب كردفان والنيل الأزرق، اللتان أعمل فيهما البشير تقتيلاً، وقضايا الاعتقالات التي طالت نحو 16 ألفاً خلال سنوات حكمه، قضايا يراوح فيها حكم القانون على البشير ما بين المؤبد والإعدام.
خروج الإسلامويين بتنظيماتهم «الموتمر الوطني» حزب البشير، وحزب عمر الترابي «الشعبي»، و«الإصلاح الآن» حزب غازي العتباني، وحركة سائحون (مجاهدو حرب جنوب السودان)، و«منبر السلام العادل» حزب خال البشير الطيب مصطفى، وجماعات متطرفة أخرى، لم تتجاوز أعدادهم 5000 للتقديرات الممعنة في التفاؤل!
استغلال
و«السبب يعود إلى أن محركات الحركة الإسلامية الجماهيرية كانت تستغل فقر الناس، وتقوم بحشدهم بإعانات وسيارات الدولة، ومن مناطق بعيدة».
ويتابع إبراهيم «لقد عطلت الثورة هياكلهم التنظيمية، وشحت أموالهم، وكل من اُستؤمن على مال فضّل احتجازه لنفسه، وألا يدفعه للتنظيم، وهم في حالة جذر، والشعب في حالة عداء معهم، ولن يسمح لهم بالعودة مجدداً. ما يسمى بمسيرة (الزحف الأخضر) معالجة نفسية مضادة للهزيمة، سرعان ما تتبخر مع مرور الأيام، خصوصاً أن هناك وعياً جديداً حمله شباب الثورة، وواجهوا به هذا التنظيم وهو في الحكم».
إعفاء الجاني
وقال المحلل السوداني، يوسف حسين، إن «مبدأ إعفاء الجاني من تبعة جريمته، الذي ساد في المحاكمة، خاطئ، فأي مسؤول، مهما كان عمره، يجب أن يعاقب على جريمته، فطالما أن عمره لم يمنعه من ارتكاب الجريمة، فيجب ألا يعفيه من تلقي العقوبة». وتابع حسين أنه «يجب أن نقرأ عوامل عدة تداخلت مع تظاهرة (الكيزان) فيما سموه (الزحف الأخضر)، منها أنه قبل الموكب بيوم، أصدرت قيادة الجيش السوداني بياناً بأنه يحترم حرية التعبير، وأنه يقف على مسافة واحدة من الجميع، وكذلك فعل الأمن في بيان مشترك معه، في سابقة لم تحدث من قبل».
الدولار
وأضاف «الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار أمام الجنيه السودان أيضاً ليس أمراً معزولاً عن ذلك التآمر، فقطاع المال والأعمال لايزال بيد الإسلاميين وشركاتهم وبنوكهم، وكنوز غسيل الأموال، وكل ما نهبوه من مال لم تنقص مثقال ذرة. كذلك لا ينقصهم التخطيط، ولا الخبرة، ولا اللؤم، وسوء الطوية لخلق أزمات مستمرة كتلك التي في الوقود».
وتابع حسين «يجب أن ندرك حقيقة أساسية ونبني عليها، وهي أن الحراك السلمي لم يكن في أي يوم من الأيام أداة من أدوات أي فصيل من فصائل الإسلام السياسي على مدى التاريخ، وهذا ينطبق قطعاً على الحركة الإسلامية في السودان، التي يمكننا وصف تاريخها وبصدقية تامة بأنه عبارة عن سلسلة مستمرة من الدسائس والتآمر والعنف، ولا أظن أن هنالك دليلاً لإثبات ذلك أكثر من انقلابها على نظام ديمقراطي، كانت تملك فيه 51 مقعداً نيابياً، شكلت بموجبها الكتلة البرلمانية الثالثة من حيث الحجم، فالهدف من الموكب ليس حشد الملايين، كما يدعون، فهم يعرفون أكثر منا أنهم ليسوا سوى فئة منبوذة، لفظها كل الشعب، رغم كل التطاول والضجيج الذي صنعوه. نعم لم يكن هذا الموكب هو هدف في حد ذاته، ولن تكون المواكب المقبلة، ولا أعداد المشاركين هي الهدف الحقيقي، بل الهدف من هذا الحراك هو استعادة الوجود في ساحة معركة فقدها الإسلاميون منذ انطلاقة الثورة، كخطوة أولى، تليها خطوات تصعيدية على المستويات الأخرى».من جهته، قال القيادي بحزب «المؤتمر» السوداني، عاصم عمر، إن «هناك خطوة إيجابية لمصلحة الثورة، فمحاكمة البشير من زاوية مبدئية أمر جيد، كونها محاكمة أجريت لرئيس ديكتاتور، جاسم على صدر الشعب لمدة 30 عاماً، لكن السؤال: هل ستتواصل المحاكمة في السودان أم سيذهب إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ وهل هناك قضاء يمثل إرادة الشعب وقوانين تحاكم الإبادة الجماعية؟ هذا أمر يجب حسمه». وتابع عمر «بالنسبة لبقية عناصر القصة، وأقصد بها واقع النظام البائد وقوى الثورة المضادة، فلا أرى خطراً».
محركات الحركة الإسلامية الجماهيرية كانت تستغل فقر الناس، وتقوم بحشدهم بإعانات وسيارات الدولة، ومن مناطق بعيدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news