إدارة ترامب سعت إلى استرضاء أنقرة
«الناتو» يواجه مأزقاً جديداً مع تطور التعاون التركي العسكري مع روسيا
حذر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأنه سيطرد القوات الأميركية من قاعدتين عسكريتين في بلاده، إذا فرضت واشنطن عقوبات جديدة على حكومته، ما يخلق مأزقاً جديداً لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي يسعى للتعامل مع علاقات أنقرة المتطورة مع روسيا، ففي مقابلة تلفزيونية هذا الشهر، قال أردوغان إنه إذا فرضت الولايات المتحدة على تركيا عقوبات لشرائها نظام الدفاع الجوي الروسي، فعندئذٍ «إذا لزم الأمر، قد نغلق منشآت إنجرليك وكوريسيك»، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بالأسلحة النووية ورادارات الطوارئ.
أثار هذا التصريح رد فعل مشوب بالقلق من وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، الذي قال إنه أثار أسئلة حول مدى ولاء تركيا للناتو. وأضاف إسبر: «لديهم الحق الأصيل في استضافة أو عدم استضافة قواعد الناتو أو القوات الأجنبية»، وتابع «لكن مرة أخرى، أعتقد أن المسألة هي مسألة تحالف، والتزام بالتحالف، إذا كانوا بالفعل جادين بشأن ما يقولون».
واتخذت تركيا، التي لديها أكبر جيش دائم في حلف الناتو بعد الولايات المتحدة، بعض التدابير التي جعلتها على خلاف مع واشنطن وبقية الحلف، بما في ذلك إرسال جيشها إلى شمال سورية لمحاربة ميليشيات متحالفة مع الولايات المتحدة، وشراء النظام الصاروخي الروسي «إس - 400». ويقول دبلوماسي غربي في تركيا: «يبدو الأمر كأننا نشاهد حادث سيارة في حركة بطيئة».
ويقول مسؤولون أميركيون إن إدارة ترامب سعت إلى استرضاء أردوغان في محاولة لمنع أنقرة من إقامة علاقات أوثق مع موسكو وسط مخاوف من أن معاملته كأنه منبوذ ستدفع تركيا أكثر إلى أحضان روسيا، لكن الرئيس ترامب كان عليه أن يتصدى للمشرعين الأميركيين الغاضبين، الذين صوتوا لسلسلة من مشاريع القوانين التي تهدف إلى معاقبة تركيا.
واستضاف ترامب في منتصف شهر نوفمبر نظيره التركي في البيت الأبيض، واصفاً إياه بأنه «صديق جيد للغاية»، ومع ذلك، فقد وقع الشهر الماضي على مشروع قانون دفاعي يتضمن عقوبات ضد تركيا، لاسيما عدم تسليم المقاتلات الأميركية التي طلبتها تركيا. ولم تحدد إدارة ترامب بعد نطاق العقوبات ضد تركيا، لكن مسؤولين أميركيين وأوروبيين يقولون إن الوقت ينفد بشأن محاولة إصلاح العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وتهدئة التوترات داخل الناتو. ويقول مسؤول أميركي رفيع «لا نريد فرض العقوبات (على تركيا)، لكنها ستحدث، وستضر تركيا».
اجتمع قادة الناتو في العاصمة البريطانية لندن الشهر الماضي، للاحتفال بالذكرى السبعين للحلف وتصحيح الخلافات، والتوصل إلى اتفاقات بشأن القضايا الاستراتيجية، والمبادرات الدفاعية. وأشاد ترامب، الذي انتقد من قبل الناتو بشدة، وتساءل عن قيمته، بالحلفاء لزيادتهم الإنفاق.
كانت الفترة التي سبقت الاجتماع صعبة للغاية، بعد أن غزت تركيا شمال سورية لمهاجمة المقاتلين الأكراد الذين كانت الجيوش الأميركية والأوروبية تساعدهم في القتال ضد تنظيم «داعش». وجاء ذلك الغزو بعد مكالمة هاتفية بين أردوغان وترامب، ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القول إن الناتو يعاني من «موت دماغي» لأن قرار الغزو تم اتخاذه خارج الناتو.
النزاع يظهر مجدداً
لكن النزاع عاود الظهور مرة أخرى، ويتمثل الخلاف الرئيس في شراء تركيا للمنظومة الدفاعية الروسية «إس - 400»، التي يعتبرها البنتاغون تهديداً أمنياً للناتو. وأوقفت الولايات المتحدة تسليم مقاتلات «إف 35» لتركيا، واستبعدت شركات الطيران التركية من عقد توريد جسم الطائرة وأجزاء أخرى، قائلة إن روسيا يمكن أن تستخدم رادار النظام للتجسس على قدرات الطائرة الشبح.
واقترح المسؤولون الأتراك تشكيل لجنة خبراء مع الولايات المتحدة، أو تحت إشراف الناتو، للنظر في موضوع «إس - 400» واقتراح سبل للتسوية، لكن المسؤولين الأميركيين يقولون إن على واشنطن دفع تعويضات كبيرة لتركيا بدلاً من تسليم طائرة من طراز «إف 35» إلى تركيا وتعريض سلامة برنامج تصل قيمته إلى مليارات من الدولارات للخطر.
وما يعمق هذا المأزق أكثر إجراء تركيا اختباراً لنظام «إس - 400»، الذي تم نشره في قاعدة جوية بالقرب من أنقرة، ضد طائرات «إف 16» أميركية الصنع في أواخر نوفمبر، وقالت إنها قد تطلب شراء مقاتلات روسية إذا كانت أميركا ستحظر على تركيا شراء مقاتلات «إف 35».
ويقول المشرع التركي، أحمد بيرات كونكار، الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم، ونائب رئيس وفد تركيا إلى برلمان الناتو: «يجب اعتبار مصالح الأمن الوطني التركي إحدى القضايا الرئيسة للولايات المتحدة وحلف الناتو». ويضيف «إذا كان لا يمكن ضمان ذلك بشكل علني والمحافظة عليه من خلال عمل ملموس لصالح تركيا، فقد يتمخض عن ذلك شقوق جديدة داخل حلف الناتو».
ويشعر بعض الحلفاء الأوروبيين بأن حلف الناتو يقبل بالمبررات التركية، التي تقول إن غزوها لشمال سورية هو لمصلحة الأمن القومي، ويعرب عن قلقه من أن هذا التحالف الغربي قد أعطى تركيا الكثير من الحرية لتوسيع شراكتها العسكرية مع روسيا.
يشعر بعض الحلفاء الأوروبيين بأن حلف الناتو يقبل بالمبررات التركية، التي تقول إن غزوها لشمال سورية هو لمصلحة الأمن القومي، ويعرب عن قلقه من أن هذا التحالف الغربي قد أعطى تركيا الكثير من الحرية لتوسيع شراكتها العسكرية مع روسيا.
المسؤولون الأميركيون يقولون إن على واشنطن دفع تعويضات كبيرة لتركيا بدلاً من تسليم طائرة طراز «إف 35» إلى تركيا، وتعريض سلامة برنامج تصل قيمته إلى مليارات الدولارات للخطر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news