رئيس الوزراء الإثيوبي محبوب في النرويج.. مثير للجدل في بلاده
فاز رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بصوتين مهمين. ففي مارس 2018، عينه الائتلاف الحاكم في إثيوبيا رئيساً للوزراء. وفي أكتوبر الماضي، منحته لجنة نوبل النرويجية جائزة نوبل للسلام لعام 2019، بعد أن أعجبتها إجراءاته اللاحقة بشأن حقوق الإنسان، وإبرام اتفاق سلام مع إريتريا.
الآن أمام آبي أحمد امتحان حقيقي، وهو الفوز في الانتخابات في أغسطس المقبل، عندما يواجه حزبه (الرفاهية) حزب الشعب الإثيوبي في انتخابات عامة. وإذا كانت المنافسات حرة ونزيهة، كما وعد آبي أحمد، فليس هناك ما يضمن فوز أو فشل حزبه.
ما يحدث في إثيوبيا ذو أهمية بالغة بالنسبة للقارة، فبعد 15 عاماً من النمو الذي يقترب من رقمين، استطاعت ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان (نحو 114 مليون نسمة) أن تغير صورتها الموصومة بالمجاعة، لتصبح بمثابة تعويذة للتنمية في القارة. ورغم أنها لاتزال فقيرة للغاية، إلا أنها خطت خطوات كبيرة في مجالات الصحة والتعليم والحد من الفقر. ارتفع متوسط العمر المتوقع من 52 في نهاية القرن إلى 67. وازدهر الاقتصاد لأكثر من 10 أضعاف في الفترة نفسها. وعلى الرغم من الشكاوى بأن النخبة استأثرت بمقدرات البلاد، إلا أن إثيوبيا واحدة من دول القارة الافريقية التي يتوزع فيها الدخل توزيعاً عادلاً.
يكدّر صفو هذه القصة السعيدة شيء واحد: الواقع السياسي المرير. فبينما لايزال آبي أحمد محبوباً في الخارج فإن صورته في الداخل تعرضت للتشويه. فقد توقفت عملية السلام مع إريتريا. ويقول المعارضون إن آبي أحمد رجل مغرور، وإنه متعطش للسلطة. ويقول حليفه السابق جوار محمد، والذي تحول إلى منافس سياسي له: «قاتلنا مع بعضنا بعضاً ضد نظام يسيطر عليه حزب واحد». ويضيف «الآن يحاول إنشاء نظام واحد يهيمن عليه شخص واحد».
وتتهم مجلة أديس ستاندارد الشهرية آبي أحمد بملء السجون مرة أخرى بالسجناء السياسيين، وتنفيذ عمليات قصف عسكري لقوات المعارضة المسلحة في أوروميا، المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان. وأقرت الحكومة، التي تعاني التمييز العرقي على موجات الأثير، قانوناً مثيراً للجدل يجرم خطاب الكراهية. ويتعلق جزء كبير من رد الفعل العكسي بنزاع معقد بين آبي أحمد، «المناصر للوطنية الإثيوبية»، الذي يشدد على وحدة الدولة، وأولئك الذين ينظرون الى الأمة من منظور عرقي. غالباً ما يُقال للزائرين الذين يشيرون إلى إثيوبيا كـ«أمة» إنها «أمة من مجموعة من الأمم» بموجب الدستور.
وأكد دستور عام 1995، الذي تم سنّه بعد الإطاحة بنظام الحكم الماركسي عام 1991، على الإثنية، حيث قسم البلاد إلى تسع مناطق يُفترض أنها جزء لا يتجزأ من الناحية العرقية. وتم إقرار ذلك للتمويه جزئياً على حقيقة أن هذا البلد كانت تحكمه قومية التيغراي، الذين يشكلون 6% فقط من السكان، لكنهم قادوا الثورة ونفذوا الإصلاحات التي أدت إلى نمو مذهل. لقد سعى آبي أحمد، من خلال سياسة تبدو جديرة بالثناء، إلى التقليل من أهمية العرق. وطور مفهوم «التآزر»، وسخّر بشكل مختلف انتزاع السلطة باسم الوحدة الوطنية.
حل آبي أحمد أيضاً الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، وهو الائتلاف الحاكم السابق المكون من أحزاب عرقية من أوروميا، والأمهرة، والتيغراي، والأمم الجنوبية، واستبدلها بحزب الازدهار الاقتصادي غير المركزي. ويصر مستشاروه على أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، حيث تم جلب الأقليات المهمشة سابقاً إلى العملية السياسية، لكن مؤسسة تيغراي السياسية، التي طهرها آبي أحمد إلى حد كبير، رفضت الانضمام.
وفي مناطق أخرى أيضاً، تمخضت رسالة الوحدة التي حملها آبي أحمد عن نتائج عكسية. ومن المفارقات أن المعارضة في أوروميا، منطقته، هي من بين أشد المعارضات المحلية، والتي احتفلت بعنف في عام 2018 بصعود آبي أحمد، باعتباره انتصاراً لشعب مهمش.
بينما لايزال آبي أحمد محبوباً في الخارج فإن صورته في الداخل تعرضت للتشويه، فقد توقفت عملية السلام مع إريتريا. ويقول المعارضون إن آبي أحمد رجل مغرور، وإنه متعطش للسلطة.