يشترك مع السور الغربي للحرم القدسي بنافذة «المطبخ».. والاحتلال يحاول سلبه
منزل أبونجمة.. 20 متراً بجوار «الأقصى» مقابل «شيك مفتوح»
خمس خطوات سيراً على الأقدام هي المسافة الفاصلة بين منزل المقدسية مريم أبونجمة (39 عاماً)، والمسجد الأقصى المبارك، حيث يلاصق باب المطهرة، أحد الأبواب الرئيسة لباحات الحرم القدسي الشريف، والمخصص لدخول المصلين الرجال، كما يجاور السوق العتم، داخل باب القطانين أحد أبواب سور الأقصى الرئيسة.
فيما يقع منزل عائلة أبونجمة المقدسية، المكون من غرفتين بمساحة ٢٠ متراً، في جهة الرواق الغربي للمسجد الأقصى، ويشترك مع السور الغربي للحرم بنافذة كبيرة، تمكنها من رؤية باحاته وقبة الصخرة الذهبية مباشرة بشكل دائم.
ونشرت، قبل أيام عدة، صورة لنافذة مطبخ عائلة أبونجمة المجاورة للمسجد الأقصى المبارك، والمطلة عليه مباشرة، على وسائل التواصل الاجتماعي، وحظيت بانتشار واسع، ما دفع وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على منزل العائلة المقدسية، ما أعاد إلى الأذهان مأساة هذه العائلة، وما تتعرض له من حملة أطماع إسرائيلية للسيطرة على المنزل، وتقديم إغراءات كثيرة للعائلة لسلب البيت التاريخي والأثري منها.
أطماع
«الإمارات اليوم» التقت مريم أبونجمة، وهي ناشطة مقدسية، في منزلها المجاور للمسجد الأقصى، قبل أيام، وبينما كانت تعد وجبة الإفطار داخل مطبخ البيت، كان مشهد قبة الصخرة المشرفة يزين نافذته كأنه لوحة فنية، بينما كان صوت القرآن الكريم يصدح من مآذن الحرم القدسي.
وتؤكد أبونجمة أن الاحتلال عرض على عائلتها، في فترات سابقة، شيكاً مفتوحاً مقابل شراء المنزل، وتركهم له، بسبب مجاورته للحرم القدسي، لافتة إلى أن ذلك يأتي ضمن حملة التطهير العرقي لتهجير المقدسيين من المنازل الملاصقة لسور المسجد الأقصى المبارك.
وتقول الناشطة المقدسية: «نتعرض لحملة واسعة لاستيلاء الاحتلال على منزلنا مقابل دفع مبالغ، لكننا نرفض بشكل قطعي، لأنه رغم كل المضايقات، وصغر حجم المنزل، إلا أننا متمسكون بمنزلنا التاريخي الذي ورّثه لنا والدي، فيما يكفينا فخراً أن نحيا ونموت ونحن بجوار مسرى رسول الله، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام».
وتضيف أن «الموقع الاستراتيجي المميز لمنزلنا يجعل أنظار الاحتلال تتجه للسيطرة عليه، لتحقيق مخططه بإحكام السيطرة على المسجد الأقصى المبارك، وهذا هو حال عشرات العائلات المقدسية، التي تسكن في بيوت تطل على المسجد الأقصى مباشرة، وتشترك معه في سوريه الشمالي والغربي».
اعتداءات ومنغصات
أطماع الاحتلال للاستيلاء على منزل عائلة أبونجمة والبيوت المقدسية المجاورة لسور المسجد الأقصى، تقابلها ممارسات واعتداءات متكررة، حيث يتعرض السكان لمضايقات جنود الاحتلال، ومنعهم من الخروج والدخول بحرية تامة، فضلاً عن اعتداءات المستوطنين في أوقات اقتحامهم ساحات الحرم القدسي، وذلك بحسب أبونجمة.
كما يمنع الاحتلال هذه العائلات المقدسية من البناء والترميم، فعائلة أبونجمة، المكونة من المقدسية مريم أبونجمة، وشقيقها وزوجته وأطفاله الخمسة، يمنعهم الاحتلال من بناء طابق ثان في منزلهم الصغير والقديم، أو حتى ترميم جدرانه المتهالكة، إلى جانب منعهم من إجراء إصلاحات لخطوط المياه التي تتسرب إلى المنزل بفعل تشقق الجدران.
وتشير إلى أن العائلات المقدسية المجاورة لسور المسجد الأقصى المبارك، تقابل منغصات يومية، حيث يمنعها جنود الاحتلال على أبواب الأقصى من الوصول إلى بيوتها في أوقات إغلاقه أمام المصلين، بالإضافة إلى تفتيش مشترياتها وحاجياتها، والتدقيق في بطاقات الهوية الشخصية مع كل دخول وخروج.
إرث وموروث
تشبث عائلة أبونجمة بمنزلها، الذي يعد خاصرة المسجد الأقصى المبارك من جهة الغرب، كونه جزءاً أصيلاً من سور المسجد ويجاوره بشكل مباشر، إلى جانب اعتباره الشاهد على مسيرة كفاح والدهم الذي عمل على مدار سنوات عدة حارساً للحرم المقدس، واعتقل داخل سجون الاحتلال، ليقضي نحبه شهيداً بعد 17 عاماً من الاعتقال.
وتقول الناشطة المقدسية «هذا المنزل إرث تاريخي، ورّثه لنا والدي ناجي عبدالفتاح أبونجمة، رحمه الله، وكل شبر بداخله ذكرى جميلة جمعتنا بوالدي، الذي أفنى عمره جاراً للمسجد الأقصى المبارك وحارساً له».
وتتابع أبونجمة حديثها قائلة: «والدي اعتقل عام 1968 جراء عمله حارساً للمسجد الأقصى المبارك، ونضاله في التصدي لممارسات الاحتلال وهجمات المستوطنين، وحكم عليه بالسجن 100 عام، وبعد مرور 17 عاماً على اعتقاله، وبفعل تردي حالته الصحية، أطلق الاحتلال سراحه، لكنه فارق الحياة شهيداً بعد الإفراج عنه مباشرة.
جيران على مدار الساعة
الانتشار الواسع لصورة نافذة مطبخ عائلة أبونجمة، المجاور للمسجد الأقصى المبارك، والمطلة عليه مباشرة، عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي، تزامنت مع إغلاق أبواب المسجد الأقصى المبارك قسرا، بفعل إجراءات جائحة «كورونا»، وحرمان المقدسيين من الصلاة به في شهر رمضان المبارك، وذلك بحسب أبونجمة.
وتقول المقدسية، مريم أبونجمة: «قبل أيام عدة جاءت صحافية إلى منزلنا، لإجراء تقرير عن أجواء المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك، وجائحة (كورونا)، والتقطت صورة لزوجة شقيقي أمام نافذة المطبخ المجاورة للحرم القدسي، والمطلة عليه مباشرة، وفوجئنا بانتشار هذه الصورة بشكل واسع، لتعبر عن فخرنا بمجاورة المسجد، والعيش داخل منزل ورثناه عن والدنا، الذي زرع حب ا(لأقصى) في نفوسنا منذ الصغر».
نعيم المجاورة
وتلفت أبونجمة إلى أن جميع المقدسيين والفلسطينيين حُرموا دخول المسجد الأقصى المبارك في شهر رمضان، بفعل «كورونا»، إلا أنها مازالت تنعم بالبقاء جواره، والاستمتاع بمشاهدة معالمه وباحاته، والاستماع إلى صوت الأذان في كل وقت، إلى جانب تأدية الصلوات بالقرب من أسواره وجدرانه وأروقته.
وتمضي الناشطة المقدسية أبونجمة بالقول: «باب المطهرة أحد أبواب المسجد الأقصى الرئيسة، المجاور لمنزلنا حالياً، مغلق بفعل إجراءات (كورونا)، لكننا نجلس على عتباته بعد المغرب نصلي ونقرأ القرآن، ونتسامر حتى وقت السحور، في مشهد جميل يبعث الطمأنينة والراحة النفسية في داخلنا على مدار الوقت، رغم بشاعة الممارسات ضد الحرم والمقدسيين، فهذا تشريف لنا بأن شرفنا الله بمجاورة أطهر بقاع الأرض».
الاحتلال يمنع العائلات المقدسية من البناء والترميم، فعائلة أبونجمة يمنعها الاحتلال من بناء طابق ثانٍ في منزلها الصغير والقديم، أو حتى ترميم جدرانه المتهالكة، إلى جانب منعها من إجراء إصلاحات لخطوط المياه التي تتسرب إلى المنزل بفعل تشقق الجدران.
الموقع الاستراتيجي المميز للمنزل يجعل أنظار الاحتلال تتجه إلى السيطرة عليه، لتحقيق مخططه بإحكام السيطرة على المسجد الأقصى المبارك، وهذه هي حال عشرات البيوت التي تطل على المسجد الأقصى مباشرة.
باب المطهرة، أحد أبواب المسجد الأقصى الرئيسة المجاورة للمنزل، مغلق حالياً بفعل إجراءات «كورونا».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news