نفق إسرائيلي يحاصر شمال البلدة القديمة في القدس
بعد أن أحكم قبضته على الجهة الجنوبية للبلدة القديمة في مدينة القدس، عبر مشروع القطار الهوائي، يبسط الاحتلال الإسرائيلي ذراعه التهويدية مجدداً، للسيطرة على كامل الجهة الشمالية للبلدة، وبالتالي تكتمل دائرة الأهداف والمخططات التهويدية والاستيطانية في المدينة المقدسة.
وقررت اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء ببلدية الاحتلال في القدس، إيداع مخطط هيكلي لمشروع تهويدي في منطقتَي باب العامود وباب الساهرة، أهم الأبواب التاريخية لسور المسجد الأقصى المبارك، يستهدف توسيع نفق المصرارة المقابل لباب العامود، ليصل إلى الأحياء المقدسية في الجهة الشمالية للبلدة القديمة، بذريعة تخفيف أزمة السير.
وستتم توسعة النفق، الذي يطلق عليه الاحتلال «تساهل»، فوق شريط واسع من الأراضي المقدسية، بمساحة جديدة تصل إلى كيلومتر، انطلاقاً من محطة الحافلات والسيارات الوحيدة المقابلة لباب العامود، وصولاً إلى حيّي واد الجوز والشيخ جراح في البلدة القديمة، وذلك بحسب الباحث في شؤون القدس، فخري أبودياب.
التعدي على أراضٍ وقفية
ويقول أبودياب في حديثه لـ«الإمارات اليوم»: «إن مشروع النفق الهدف منه تهويد الجزء الشمالي للبلدة القديمة، الذي سيمتد إلى كامل المناطق فيها، حيث يبدأ من منطقة باب العامود، ويمرّ عبر شوارع نابلس، وصلاح الدين، والسلطان سليمان، متجاوزاً حي المصرارة وباب الساهرة، وصولاً إلى حي وادي الجوز، ليلتف مسار النفق حتى مشارف حي الشيخ جراح».
ويضيف: «إلى أسفل البلدة القديمة في مدينة القدس، توجد آثار تعود لحضارات تاريخية، وحقب زمنية قديمة، ستتم إزالتها وتغيير معالمها، بذريعة توسعة النفق الذي أقرته بلدية الاحتلال، حيث ستقيم بنية تحتية متكاملة للنفق، بهدف ربط غرب القدس مع شرقها، وإقامة الفنادق والمراكز التجارية ومواقف السيارات، التابعة للمشروع».
ويشير الباحث المقدسي إلى أن 90% من المناطق التي سيقام عليها النفق أراضٍ وقفية، 70% منها أوقاف إسلامية، و20% أوقاف تابعة للكنائس والأديرة المسيحية، فيما تعود ملكية 3% من إجمالي مساحة المناطق لمواطنين وتجار مقدسيين، والبقية أراضٍ أميرية كانت تتبع للإدارة الأردنية.
وكانت دائرة الأوقاف الإسلامية والبطريركية اللاتينية في المدينة المقدسة، قد اعترضتا على قرار اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء ببلدية الاحتلال في القدس، بعد إيداع مخطط تهويدي يستهدف توسيع نفق المصرارة، حيث يعد تعدياً صارخاً على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ويلفت أبودياب إلى أن الاحتلال يعتمد في إقامة نفق باب العامود، بشكل أساسي، على مصادرة أراضي المقدسيين، لضمها إلى مرافق النفق وبنيته التحتية، وإقامة الجسر المرتبط بالمشروع فوق الأرض، ومن أبرز تلك المناطق محطة الحافلات وموقف السيارات في حي المصرارة المقابل لباب العامود، إذ يعد الموقف الوحيد والرئيس بالبلدة القديمة في القدس، بالإضافة إلى المحال التجارية في شارعَي السلطان سليمان القانوني وصلاح الدين، أبرز المناطق التجارية في البلدة.
ويمضي أبودياب قائلاً: «إن مشروع النفق يشلّ الحركة التجارية في البلدة القديمة، فيما يعيق حركة وصول المقدسيين إلى أسواق المصرارة والبلدة القديمة، لأنه يلغي السوق الوحيدة والرئيسة المتبقية في حي المصرارة بمنطقة باب العامود».
ويقع حي المصرارة على بعد عشرات الأمتار من أمام باب العامود، البوابة الرئيسة للمسجد الأقصى المبارك، وأحياء البلدة القديمة وأسواقها التاريخية، حيث إن البنية العمرانية للحي ومرافقه ذات صبغة عربية مقدسية.
ربط شرق القدس بغربها
وبحسب مزاعم بلدية الاحتلال، فإن الهدف من توسيع النفق، الذي سيمتد أسفل أحياء ومناطق الجهة الشمالية للبلدة القديمة في القدس، هو تخفيف أزمة السير عند مفترق الطريق، نهاية شارعَي المصرارة والأنبياء، باتجاه الشارع رقم «1»، الذي يفصل القدس الشرقية عن شطرها الغربي الذي يسيطر عليه الاحتلال بالكامل منذ عام 1967.
ويقول مدير وحدة الخرائط والنظم الجغرافية بجمعية الدراسات العربية في القدس، خليل تفكجي: «إن مشروع النفق سيُحدث تغييرات كبيرة في العديد من الشوارع والأحياء الفلسطينية بالقدس، ومصادرة مساحة واسعة من أراضي المقدسيين، على طول الشارع رقم (1)، الذي يفصل شرقي المدينة عن غربها»، ويضيف أن «الاحتلال يهدف إلى تغيير وجه البلدة القديمة في القدس الشرقية، لربطها بالشطر الغربي، حيث سيقيم مشروعات بنى تحتية في المناطق المصادرة، تخدم حركة تدفق السيارات من القدس الغربية إلى القدس الشرقية والمستوطنات من جهة الشرق، وباتجاه الشمال، ضمن منظومةٍ من الطرق والبنى التحتية، ذات التشعبات الاستيطانية المرتبطة بمشروع القطار الهوائي السريع، ومشروعات التوسع الاستيطاني».
ويبيّن تفكجي أن عمق النفق سيبلغ 24 متراً، فيما يمتد عرضه إلى 11 متراً، لاستيعاب حركة سير في مسلك واحد، وباتجاه واحد نحو شمال القدس.
• %90 من مناطق النفق أراضٍ وقفية، 70% منها أوقاف إسلامية، و20% أوقاف مسيحية، و3% لمواطنين وتجار مقدسيين، والبقية أراضٍ أميرية كانت تتبع للإدارة الأردنية.
• مشروع النفق يشلّ الحركة التجارية في البلدة القديمة، ويعيق وصول المقدسيين إلى أسواق المصرارة والبلدة القديمة.