تتمحور حول من له الحق في فرض ضرائب على الاقتصاد الرقمي
حرب تجارية تلوح في الأفق.. تؤجّجها أميركا مع حلفائها الأوروبيين
تتجه أوروبا والولايات المتحدة صوب حرب تجارية، حول من له الحق في فرض ضرائب على «غوغل» و«فيس بوك» و«أمازون». فبعد أن أكدت واشنطن، قبل أيام، أنها انسحبت من المحادثات بشأن القواعد العالمية لفرض الضرائب على الاقتصاد الرقمي، ألقى مسؤولون أوروبيون، من بينهم وزير المالية الفرنسي برونو لومير، ومفوض الاقتصاد الأوروبي، بولو جنتيلوني، بثقلهم على الضرائب أو الجبايات الرقمية على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهذه الخطط من شأنها أن تجلب نقمة الولايات المتحدة على أوروبا. وغرد جنتيلوني، قائلاً: «نحن بحاجة إلى تفاهمات من خلال مفاوضات عالمية، فإذا وضع الأميركيون عقبات أمام هذا الموضوع، فستطرح أوروبا اقتراحاً جديداً على طاولة مفوضيتها».
إشعال النزاع مجدداً
ومن المتوقع أن تشعل هذه المواجهة، مجدداً، نزاعاً تجارياً عبر الأطلسي، بدأ يختمر منذ أكثر من عام. والسؤال الذي يبحث عن إجابة هو: ما البلد الذي لديه الحق في فرض ضرائب على الشركات الرقمية التي تمتد عملياتها الآن في جميع أنحاء العالم؟ قد يعمل الخلاف الذي يلوح في الأفق، أيضاً، على تدهور أكثر لعلاقة تجارية ظلت متوترة بالفعل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في وقت حرج عالمياً، بينما من المحتمل، أيضاً، اتساع رقعة الانقسامات داخل أوروبا في هذا الشأن، حيث لاتزال الدول الأوروبية منقسمة حول كيفية إجبار شركات، مثل «غوغل» و«أمازون»، على دفع المزيد إلى الخزائن الوطنية.
يقول خبير الضرائب بشركة كليفورد تشانس للمحاماة في لندن، دان نيدل: «هناك احتمال حقيقي أن ينتهي ذلك بحرب تجارية». ويعتمد الكثير من الأمر، الآن، على كيفية استجابة البلدان لهذا المطلب.
وعلى مدار العام الماضي، أجازت الحكومات في فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة قواعد الضرائب الرقمية، التي تهدف إلى جمع مئات الملايين من العائدات من عمالقة التكنولوجيا، والعديد منها شركات مقرها الولايات المتحدة لها عمليات كبيرة في أوروبا. وتم تعليق بعض هذه الرسوم انتظاراً لنتيجة المناقشات حول الإصلاح الشامل للضرائب، في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وبعد أن تحركت واشنطن في هذا الشأن، قالت فرنسا إنها ستمضي قدماً في خطط فرض ضرائب رقمية على المستوى الوطني، في حين قالت إيطاليا والمملكة المتحدة إنهما مازالتا ملتزمتين بإيجاد «حل عالمي». وقال لو مير، لإذاعة محلية يوم الخميسك «إن تحرك واشنطن يعتبر استفزازاً لجميع شركاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، مضيفاً أن باريس ولندن وروما ومدريد، أرسلت رداً مشتركاً إلى وزير الخزانة الأميركية، ستيف منوشين، في هذا الصدد. «وأنه ستكون هناك بالفعل، كما وعدت دائماً، ضريبة رقمية عام 2020 في فرنسا».
وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، قالت المفوضية الأوروبية إنها ستعيد إحياء خطط فرض ضريبة على مستوى الكتل، إذا أدى الانسحاب الأميركي من محادثات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى انحسار آمال الإصلاح العالمي في هذا الشأن.
طبول الحرب
ويرفض المسؤولون الأميركيون ادعاءات الاتحاد الأوروبي بأن الشركات الرقمية لا تخضع للضرائب إلى حد ما، قائلين إن الضرائب الوطنية أو الأوروبية تمثل معاملة غير عادلة للشركات الأميركية، بالإضافة إلى التعريفات غير القانونية بموجب قواعد التجارة العالمية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أطلقت إدارة الرئيس دونالد ترامب سلسلة من التحقيقات التجارية، التي يمكن أن تؤدي إلى فرض رسوم جمركية على بلدان في أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية، إذا اعتمدت هذه الدول ضرائب على الخدمات الرقمية.
وفي عام 2019، هددت واشنطن بفرض رسوم جمركية على ما قيمته 2.4 مليار دولار من السلع الفرنسية، مثل النبيذ والجبن، إذا أقدمت فرنسا على فرض ضرائب رقمية. واتفق الجانبان في النهاية على تأجيل مثل هذه الإجراءات، حتى يمكن التوصل إلى اتفاق داخل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حول كيفية فرض الضرائب على الاقتصاد الرقمي.
وقال الممثل التجاري الأميركي، روبرت لايتهايزر، أمام الكونغرس، أخيراً: «إن ما يفعلونه (أي الأوروبيون) غير عادل بشكل أساسي بالنسبة للشركات الأميركية، لأنهم سيفرضون ضرائب على أفضل شركات أميركية». وسيتعين على كلا الجانبين الآن أن يقرر إلى أي مدى يريد الدفع بمطالباته.
وفي أوروبا، تتوق معظم الدول والمفوضية إلى استئناف المناقشات حول هذه الضرائب على مستوى الاتحاد الأوروبي، رغم أن الكثيرين لايزالون يأملون أن تتوصل جميع الأطراف لإصلاح عالمي، وفقاً لمتحدث باسم المفوضية.
وقال المتحدث للصحافيين، الأسبوع الماضي: «نريد تشجيع الولايات المتحدة على العودة إلى طاولة المفاوضات، نحن مستمرون في دعم النهج العالمي، وعلى استعداد لتقديم اقتراح أوروبي إذا فشلت مناقشات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أو إذا لم تكن حاسمة».
نافذة ضيقة
ومع ذلك، يبدو احتمال التوصل إلى اتفاق على نطاق الاتحاد الأوروبي ضعيفاً. فعلى الرغم من الدعم من العديد من دول الاتحاد الأوروبي، أوقفت أيرلندا وبعض دول الشمال الأوروبي الجهود السابقة لفرض ضريبة على مستوى الاتحاد الأوروبي، والتي قالوا إنها كانت ستضع الاقتصادات التي تقودها الصادرات في وضع حرج. كما أن مفوض الاتحاد الأوروبي للتجارة، فيل هوجان، الذي قال سابقاً إن الاتحاد الأوروبي سيستجيب لأي تعريفات انتقامية تفرضها الولايات المتحدة، بسبب الضرائب الرقمية الوطنية، مهتم أيضاً بالحصول على أعلى منصب في منظمة التجارة العالمية، والذي يمر عبر الولايات المتحدة. من شأن ذلك أن يجبر هذا السياسي الأيرلندي على التراجع عن أي محادثات تجارية مع لايتهايزر، بسبب تضارب محتمل في المصالح، لأنه سيحتاج إلى دعم من واشنطن للحصول على دور منظمة التجارة العالمية.
وقالت بروكسل، لاحقاً، إن هوجان لايزال الرجل الأساسي في الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات تجارية مع إدارة ترامب، على الرغم من تكميمه يوم الثلاثاء لمنعه من التحدث عن اهتمامه بالمنصب الأعلى في منظمة التجارة العالمية. ورداً على سؤال حول من سيواجه لايتهايزر في بروكسل، في أي محادثات للحيلولة دون حرب تجارية، رد المتحدث باسم المفوضية، إريك مامر، إن المحاور «باقٍ» وهو هوجان.
وبالنسبة للولايات المتحدة، من غير المحتمل أن يتم إقرار التعريفات الانتقامية قبل منتصف يوليو، لأن مكتب الممثل التجاري الأميركي لايزال يدرس تعليقات عامة في تحقيقاته الجديدة عن الدول التي إما أجازت أو من المحتمل أن تجيز، قواعد الضرائب الرقمية. ومن غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستجدد تهديدها بفرض رسوم جمركية على فرنسا، التي كان من المتوقع أن تجبي ضرائب رقمية قد تصل قيمتها إلى 500 مليون يورو كل عام.
وفي الوقت الحالي، يحث الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أنجيل غوريا، البلدان على البقاء على طاولة المفاوضات، بهدف التوصل إلى صفقة ضريبية رقمية عالمية بحلول نهاية العام. لكنه أضاف أن الفشل في الاتفاق على حل عالمي، سيصعد في نهاية المطاف النزاعات التجارية في الوقت الذي تعاني فيه الحكومات في جميع أنحاء العالم اقتصادياً بسبب أزمة فيروس كورونا.
وقال «في غياب حل متعدد الأطراف، ستتخذ المزيد من الدول إجراءات من جانب واحد، وقد لا تستطيع تلك التي فرضت إجراءات بالفعل العودة عنها». ويضيف: «وستضر الحرب التجارية، إذا اندلعت، بالاقتصاد والوظائف والثقة، خصوصاً في هذه المرحلة من الوقت، حيث يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة من الانكماش التاريخي».
- يرفض المسؤولون الأميركيون ادعاءات الاتحاد الأوروبي بأن الشركات الرقمية لا تخضع للضرائب إلى حد ما.
- على مدار العام الماضي، أجازت الحكومات في فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة قواعد الضرائب الرقمية، التي تهدف إلى جمع مئات الملايين من العائدات من عمالقة التكنولوجيا، والعديد منها شركات مقرها الولايات المتحدة لها عمليات كبيرة في أوروبا. وتم تعليق بعض هذه الرسوم انتظاراً لنتيجة المناقشات حول الإصلاح الشامل للضرائب، في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
- في وقت سابق من هذا الشهر، أطلقت إدارة الرئيس دونالد ترامب سلسلة من التحقيقات التجارية، التي يمكن أن تؤدي إلى فرض رسوم جمركية على بلدان في أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية، إذا اعتمدت هذه الدول ضرائب على الخدمات الرقمية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news