خربة جبعيت.. الضم يقيد حتى إقامة «مرحاض»
على مساحة 12 ألف دونم في الجهة الشمالية الشرقية لقرية المغير شرق مدينة رام الله بالضفة الغربية، يقطن 150 فلسطينياً في خربة جبعيت الأثرية داخل خيام من القماش، بفعل منعهم من البناء والترميم في أرضهم التي تتعرض للمصادرة والأطماع الإسرائيلية، وتشهد تمدداً استيطانياً يزحف بشكل متسارع، ليقضم ما تبقى من مساحة أراضيها، إلى جانب تصاعد وتيرة اعتداء المستوطنين وممارسات قوات الاحتلال ضد سكان جبعيت.
سكان جبعيت الذين يعملون في تربية الأغنام والزراعة، يصرّون على البقاء في أرضهم داخل خيامهم المصنوعة من القماش، رغم افتقارها لأدنى مقومات الحياة، وكل الخدمات اليومية الضرورية، متحدين ممارسات الاحتلال، ومخططاته لاقتلاعهم من أرضهم الأصلية، وتهجيرهم بشكل قسري.
هذا الصمود لم يرقَ للاحتلال، الذي لا يكف عن إصدار مخططات المصادرة والتهويد، حيث يمارس تضييقاً شديداً ضد أهالي جبعيت، ليخنقهم داخل خيامهم، ويجبرهم على الرحيل، حيث تشهد الخربة مضايقات يومية من الاحتلال والمستوطنين، وصلت إلى حد منعهم من إقامة مرحاض واحد لهم، بذريعة أنه غير قانوني، مما يجعل حياتهم تماماً كالعصور البدائية.
خيمة على عجل
خربة جبعيت التي أُقيمت على أنقاض قرية فلسطينية تاريخية، تواجه اليوم مخططات الاحتلال الاستيطانية، حيث يمنعهم من إقامة خيمة جديدة تؤويهم، ففي يوم الخميس 11 من شهر يونيو الجاري، أقام أهالي جبعيت خيمة على عجل قبل وصول رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوروبية، وقناصل دول الاتحاد الأوروبي لزيارة جبعيت، ومناطق فلسطينية في مدينة القدس والضفة الغربية، المصنفة مناطق (ج)، وتتعرض للمصادرة والسيطرة الإسرائيلية، كما أزيلت على عجل بعد مغادرة الوفد، تخوفاً من مصادرة الاحتلال لها، وذلك بحسب رئيس مجلس قرية المغير أمين أبوعليا.
ويشير أبوعليا في حديثه لـ«الإمارات اليوم»، إلى أن جبعيت تقع في منطقة تطل على الشارع الاستيطاني المقام شرقي قرية المغير، حيث تتعرض الخربة لخطر الضم الإسرائيلي، ضمن خطة «ألون» الاستيطانية.
ويؤكد أن الضم يستهدف قرية المغير وخربة جبعيت من الجهة الشرقية المحاذية للأغوار، ومن الشمال المحاذية لمخطط «ألون» الاستيطاني، لضم الأراضي إلى الكتل الاستيطانية في المنطقة وربطها بالأغوار الفلسطينية شمال الضفة الغربية.
ويبين رئيس مجلس قرية المغير أمين أبوعليا، أن ضم أراضي جبعيت يؤدي إلى نهب الاحتلال 30 ألف دونم من مساحة قرية المغير التي تتبع لها الخربة الأثرية، لافتاً إلى أن جبعيت هي جزء من أراضي المغير البالغة مساحتها 40 ألف دونم.
وطن في خيمة
يمتد سهل قرية المغير حتى منطقة الأغوار وقرى نابلس، وهي مساحات شاسعة حول الاحتلال أجزاء كبيرة من أراضيها إلى منطقة تدريب عسكري، إلى جانب إخطاره في وقت سابق جميع العائلات التي تسكن الخيام في جبعيت بالرحيل عن خيامهم، إلا أن السكان مصرّون على الصمود فوق أرضهم، والبقاء داخل خيامهم، على الرغم من مواصلة الاحتلال مخططات الضم والمصادرة.
المزارع فضل أبوعليا (50 عاماً) من سكان خربة جبعيت في قرية المغير، يسكن هو وأسرته المكونة من زوجته وخمسة أطفال داخل خيمة لا تبعد سوى كيلومتر واحد عن معسكر «نابي شيلو» الجاثم على أراضي المغير وجبعيت، حيث فكك الاحتلال خيمته وأزالها عشرات المرات، كان آخرها في شهر مارس الماضي.
ويشير المزارع أبوعليا إلى أنه يعاني الأمرين بشكل يومي، جراء اعتداء المستوطنين وبطش قوات الاحتلال، فقد تعرض للتهديد بالقتل وحرق خيمته، وإعدام رؤوس الماشية التي يمتلكها، والبالغ عددها 600 رأس من الأغنام.
ويقول المزارع الفلسطيني من جبعيت «نقيم هنا في منطقة جبعيت منذ أكثر من 50 عاماً، ونتخذ من الخيام مأوى للعيش، وتُعد الزراعة وتربية الحيوانات مصدر دخلنا الوحيد في أرضنا، التي تتعرض للسلب والمصادرة، وأمام تصاعد خطط وممارسات الاحتلال، أرفض الاستسلام ومغادرة الخيمة التي أعيش بداخلها أنا وأسرتي، رغم انعدام مظاهر الحياة اليومية فيها، وذلك للحفاظ على أرضنا من الانتهاك والنهب».
ويتابع قوله «هذه أرضنا لن نتركها لحثالة العالم، حتى لو اضطررت إلى أن أفترش الأرض، سوف أفعل ذلك، فالخيار الوحيد الذي يعرفه الاحتلال جيداً، هو أنني أفضل العيش كما عاش أجدادنا، وأختار طريق الحفاظ على كرامتي، لأقضي ما تبقى من عمري مدافعاً عن أرضي، ومحافظاً على حقي، ولن أفرط في شبر واحد من الأرض التي رواها الشهداء بدمائهم، وجبلت بعرق جبيني طوال سنوات عمري، التي بذلت خلالها جهوداً كبيرة لزراعتها وريها، لتبقى شامخة».
وفي الوقت الذي يحرم فيه المزارع أبوعليا زراعة أرضه، ورعي أغنامه فوق أرضه، ويحرم سكان جبعيت الأصليون إيجاد مأوى لهم، ينهب مستوطن واحد مساحة 10 آلاف دونم، فمنذ عام 2014 أقام بركسات ومنشآت حيوانية بالقرب من معسكر «نابي شيلو» الإسرائيلي، المقام على أراضي جبعيت.
حياة بلا مقومات
يوجد في خربة جبعيت ثلاثة تجمعات وهي، جبعيت، والقبون، وأم الرشراش، الواقعة في الجهة الشرقية المعزولة لقرية المغير، والتي تواجه خطر التهجير منذ سنوات، وتعيش في الخربة الأثرية عائلات عرب الزواهرة، وأبوعليا، وأبوالكياش، التي تعتمد جميعها على تربية الماشية والزراعة، في تأمين لقمة عيش واحتياجات أطفالها وعائلتها.
وتفتقر جبعيت لكل مقومات الحياة الضرورية من شبكات كهرباء ومياه، وانعدام وجود القطاعات الخدماتية الأساسية أهمها الخدمات الصحية، كما تعاني جبعيت نقصاً حاداً في توفير مياه الشرب، حيث يحرم أهالي الخربة الأثرية استخدام آبار المياه التي يمتلكوها. ويقول رئيس مجلس قرية المغير أمين أبوعليا إن «جبعيت يوجد فيها خيام فقط، تعد المأوى الوحيد لـ150 فلسطينياً، من الرعاة والمزارعين، ولا يوجد أي شبكات للبنى التحتية والمياه والكهرباء، وقد حاولنا مراراً وتكراراً بناء مرحاض للعائلات، لكن الاحتلال يهدمه في كل مرة، فيما صادر بعض الخيام والمولدات الكهربائية».
ويمضي أبوعليا بالقول «لا يتوافر في خربة جبعيت صرف صحي، أو دورات مياه، أو حمام متنقل، فهذه الخدمات معدومة في الخربة، لتضطر العائلات لاستخدام الطريقة التقليدية بقضاء حاجتهم خلف الحجارة الكبيرة».
• يمتد سهل قرية المغير حتى منطقة الأغوار وقرى نابلس، وهي مساحات شاسعة حول الاحتلال أجزاء كبيرة من أراضيها إلى منطقة تدريب عسكري، إلى جانب إخطاره في وقت سابق جميع العائلات التي تسكن الخيام في جبعيت بالرحيل عن خيامهم.
• سكان جبعيت الذين يعملون في تربية الأغنام والزراعة، يصرّون على البقاء في أرضهم داخل خيامهم المصنوعة من القماش، رغم افتقارها لأدنى مقومات الحياة، وكل الخدمات اليومية الضرورية، متحدين ممارسات الاحتلال، ومخططاته.