زوّار على غير العادة إلى الكوكب الأحمر
الإمارات تنافس الكـبار في استكشاف كوكب المريخ
ثلاث دول تشق طريقها إلى كوكب المريخ، هي الولايات المتحدة، والصين، والإمارات العربية المتحدة، لاستكشاف الكوكب الأحمر على أمل العثور على أدلة عن وجود حياة من قبل على ظهره، وجمع عينات صخرية لفحصها في الأرض. كل مهمة من هذه المهام تعتبر طليعية في حد ذاتها. حيث تهدف الصين لإضافة نجاحات جديدة إلى نجاحاتها الفضائية السابقة، من خلال إطلاق إحدى مركباتها إلى المريخ للمرة الأولى. وأطلقت الإمارات العربية المتحدة «مسبار الأمل»، الذي يعتبر أول مهمة فضائية من قبل دولة عربية، وأول تجربة لوكالة الفضاء الإماراتية الوليدة. وسترسل الولايات المتحدة ممثلة في وكالتها (ناسا) مركبتها الخامسة إلى المريخ.
أمل يراود الإمارات
أحلام طموحة ظلت تراود الإمارات العربية المتحدة متمثلة في إطلاق رحلة صوب كوكب المريخ سمتها «مسبار الأمل»، وهو أول مسبار عربي وإسلامي في التاريخ يتجاوز مدار الأرض، والذي انطلق بالفعل من مركز الفضاء في تانيغاشيما باليابان في الـ20 من يوليو الجاري.
بعثة الإمارات إلى كوكب المريخ لا تعني فقط إطلاق أول دولة عربية رحلة استكشافية نحو الفضاء، وإنما تعني أيضاً وضع أول خريطة طقس عالمية للمريخ. وعلى الرغم من أن مسبارات سابقة تمكنت من رسم صورة للغلاف الجوي لكوكب المريخ، من مدارات سمحت لها بمسح كل جزء من أجزاء الكوكب في أوقات محدودة من اليوم، فإن المدار الإهليلجي الضخم الذي سيتخذه «مسبار الأمل» سيمكنه من مسح أجزاء كبيرة من المريخ في ظروف النهار والليل، ليغطي تقريباً الكوكب بأكمله في كل 55 ساعة من إكماله لدورته. وتقول وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»، سارة بنت يوسف الأميري: «نستطيع تغطية جميع مناطق المريخ، طوال الوقت وعلى مدار اليوم، وخلال عام مريخي كامل».
وتستطيع كاميرا المسبار ذات الضوء المرئي وجهاز الطيف ذي الأشعة تحت الحمراء دراسة غيوم المريخ، والعواصف الترابية في الغلاف الجوي السفلي. كما يرصد جهاز طيف المسبار ذو الأشعة فوق البنفسجية الغازات في الغلاف الجوي العلوي. وتقول عضو الفريق العلمي لبعثة الإمارات للمريخ، حصة المطروشي «هذه المهمة الأولى لبعثة الإمارات للمريخ ستوفر صورة شاملة لديناميكيات الغلاف الجوي لهذا الكوكب».
خلال مهمته التي تستغرق عامين، سيتتبع «مسبار الأمل» تغيرات الطقس اليومية والمواسم المتغيرة. وكذلك المساعدة في الإعداد للمهام البشرية المستقبلية، ويساعد على فهم الظروف التي جعلت الهيدروجين والأوكسجين يتسربان نحو الفضاء من الغلاف الجوي للمريخ، وهذا يمكن أن يساعد العلماء على فهم مناخ المريخ وأسباب زوال غلافه الجوي السميك.
ويعمل الفريق مع متعاونين دوليين للخروج بنتائج علمية، وستكون البيانات متاحة للبشرية دون حظر أي جهة، كما تقول الأميري، ويقول كبير العلماء في برنامج المريخ في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ريتشارد زوريك «حرص الإماراتيون على ألا يجعلوا هذا العمل مجرد تظاهرة تكنولوجية، بل مساهمة في المعرفة العلمية».
تعتبر مركبة الاستكشاف الفضائية قفزة كبيرة في قدرات دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي استعانت بمهندسين عملوا في بعثات وكالة ناسا السابقة، وعلى وجه الخصوص في جامعة كولورادو بولدر. ويقول زوريك، إن الشراكة لها هدف صريح يتمثل في نقل المعرفة إلى الفريق العامل في مركز محمد بن راشد للفضاء، والذي عمل معه المهندسون في كل عنصر من عناصر المهمة. ويقول وزير دولة لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، الدكتور أحمد بالهول الفلاسي: «الحقيقة أننا دولة شابة، ولم نتمكن من فعل أي شيء من دون شركاء دوليين».
وعلى غير المعتاد لم تأتِ فكرة المشروع من العلماء ولكن من الحكومة نفسها، التي حددت 2 ديسمبر 2021 كتوقيت غير قابل للتسويف لوصول المسبار إلى غايته، والذي يصادف الذكرى الخمسين للاتحاد. القيام بمثل هذه المهمة الجريئة لا يتمثل فقط في إلهام الشباب في المنطقة، وإنما هو أيضاً إيذان لبدء تحرك الإمارات نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، كما يقول مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، عمران شرف.
هذه المهمة لها تأثير بالفعل في الجامعات التي تقدم خمس دورات جامعية جديدة في العلوم البحتة، وتلهب حماس الأطفال الإماراتيين.
وتقول الأميري، إنه في نواح كثيرة «حتى لو افترضنا أن المسبار انفجر من منصة الإطلاق، ستكون المهمة قد حققت نجاحاً»، لكنها تستدرك «قلبي كاد أن يتوقف عند التفكير في هذا الأمر».
ستنطلق مهمة الإمارات العربية المتحدة حول كوكب المريخ على مدار إهليلجي يراوح من نحو 22000 إلى 44000 كيلومتر. ويحمل المسبار جهازي سبكتروميتر لقياس الطيف، وجهاز تصوير عالي الدقة لالتقاط معلومات حول كيفية تغير الغلاف الجوي على مدار اليوم والعام.
كان الغلاف الجوي للمريخ سميكاً في وقت ما، ويتميز بوجود كمية كبيرة من الماء على سطحه، إلا أن الكثير من غازات الغلاف الجوي تسربت على مدى مليارات السنين. وسيعمل «مسبار الأمل» على كشف كيفية تسرب ذرات الأوكسجين والهيدروجين والأيونات الخاصة بالغلاف الجوي للكوكب بعيداً في الفضاء.
مواقع الهبوط
ستهبط المركبة الأميركية التي يطلق عليها «بريزيرفانس» في فوهة تُسمى «جيزيرو»، بالقرب من دلتا يشكلها نهر قديم - وهو موقع رئيس يحتمل العثور فيه على علامة من علامات الحياة الماضية، إذا كانت موجودة. وتدرس الصين العديد من مواقع الهبوط لمهمتها التي أطلقت عليها اسم «تيانوين -1».
«بريزيرفانس»
مركبة الولايات المتحدة هي في حجم سيارة مزودة بسبع معدات. وتتمثل مهمتها الرئيسة في جمع عينات الصخور التي من المقرر نقلها إلى الأرض في مهمة مستقبلية. كما ستدرس طقس وجيولوجيا الكوكب، والبحث عن الماء، وإنتاج الأوكسجين من ثاني أكسيد الكربون، وتسجيل الأصوات إذا كانت هناك أصوات بالفعل، واختبار طائرة هليكوبتر تعمل بالطاقة الشمسية.
البحث عن أدلة على الحياة
لدى «بريزيرفانس» أجهزة عدة تساعدها في البحث عن أدلة على الحياة. أحد هذه الأجهزة يطلق عليه «شيرلوك» يسلط ضوء ليزر فوق البنفسجي على الصخور، ويسجل تلألؤ الأطياف وانعكاساتها، ويستطيع بهذه الطريقة التعرف إلى إشارة الجزيئات العضوية والمعادن التي تشكلت في البيئات المائية.
الجيولوجي الآلي
تحمل «بريزيرفانس» 43 أنبوباً لحفظ عينات الصخور التي سيتم جمعها وتخزينها بواسطة سلسلة من ثلاثة رجال آليين. ومن المحتمل أن تتضمن هذه العينات، عند وصولها إلى الأرض، أول دليل على ما إذا كانت الحياة موجودة على كوكب المريخ.
«تيانوين -1»
تطلق الصين على مهمتها الفضائية اسم «تيانوين -1»، وعبارة تيانوين تعني في اللغة الصينية «البحث عن الحقيقة السماوية»، وتعتبر المهمة أعمق توغل صيني في الفضاء. وعندما تصل المهمة الى هدفها في فبراير من العام المقبل، ستجري مسحاً شاملاً للغلاف الجوي والهياكل الداخلية للكوكب.
وتتكون المهمة الرائدة إلى كوكب المريخ من مسبار ومركبة ومهبط، وستكون أول دولة تحقق الأهداف الثلاثة. ويحتوي كل من المسبار والمركبة على رادارات لاكتشاف الماء والجليد على سطح وداخل أرض الكوكب. كما تدرس جيولوجيا الكوكب وطقسه.
انتهت محاولة سابقة من الصين لإرسال مسبار فضائي إلى المريخ، على متن مركبة فضائية روسية في عام 2011 – باختفاء المسبار في الفضاء. ولكن بعد هذه الخسارة، حققت الصين سلسلة من الانتصارات في الفضاء. في عام 2013، أصبحت الدولة الثالثة التي تهبط مركبتها الفضائية على القمر. وفي العام الماضي، هبطت مركبة صينية على الجانب البعيد للقمر - وهي أول دولة تهبط مركبتها الفضائية في ذلك الموقع. في شهر مايو، نجحت الصين في اختبار إطلاق مركبة فضائية ستنقل الطاقم إلى محطة الفضاء الجديدة للبلاد، والتي من المتوقع أن ينتهي العمل فيها في عام 2022. إلا أن مشروع المريخ يعتبر أمراً مختلفاً عن البعثات الفضائية السابقة للصين.
الرحلة إلى المريخ أطول 1000 مرة من الرحلة إلى القمر، وغلافه الجوي مملوء بالصخور الكثيفة، ما يجعل الجهد أكثر خطورة. وتتكتم الحكومة الصينية على المهمة: معظم المعلومات العامة جاءت من المقالات المنشورة وتقارير وسائل الإعلام الحكومية، التي حذفت التفاصيل الرئيسة حول ميزانيتها، وتاريخ الإطلاق الدقيق، والمكان الذي سيهبط فيه المسبار على هذا الكوكب. ورفض العلماء المشاركون في البعثة طلبات إجراء المقابلات حتى بعد الإطلاق. لكن فيزيائي الفضاء والمدير العام للمركز الوطني لعلوم الفضاء في بكين، وانغ تشي، قال في بريد إلكتروني إن المهمة تمضي قدماً كما هو مخطط لها.
وبمجرد وصول المركبة المدمجة إلى المريخ، سيطلق المسبار السداسي المركبة والمهبط - المحمية بمخروط كروي - في الغلاف الجوي للمريخ. وحدد الفريق الصيني منطقتين محتملتين للهبوط في سهول يوتوبيا بلانيتيا، وفقاً لمحاضرة قدمها الخبير في المرصد الفلكي الوطني في بكين، وي يان، الذي تحدث في مؤتمر علوم الكواكب الأوروبي في جنيف، سويسرا في سبتمبر. وسينطلق المسبار بالمظلة ثم يحوم على أرض الكوكب، ويستقر على أربع أرجل. وستقوم المركبة، التي تزن نحو 200 كيلوغرام، بتمديد الألواح الشمسية الخاصة بها، لتبدأ في استكشاف محيطها بشكل مستقل لبقية عمرها المحدد بنحو 90 يوماً من أيام المريخ، حيث يستغرق اليوم 24 ساعة و37 دقيقة.
لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.
زوّار من دول عدة إلى الكوكب الأحمر
لم يسبق أن وصلت مثل هذه المجموعة المتنوعة من المعدات والمركبات الفضائية إلى كوكب آخر في الوقت نفسه، تحدوها كل هذه الطموحات الواسعة. وتتكون معدات ومركبات ومدارات بعثات الصين والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة من مدارين ومركبتين متجولتين ومختبر سطحي ثابت وطائرة هليكوبتر. وتهدف هذه المعدات والمركبات إلى دراسة كل شيء بدءاً من ترسبات المياه في كوكب المريخ، إلى الجزء العلوي من الغلاف الجوي، مع التركيز بشكل خاص على البحث عن احتمال وجود حياة.
«مسبار الأمل» يدرس تغير الغلاف الجوي للمريخ
ستنطلق مهمة الإمارات العربية المتحدة حول كوكب المريخ على مدار إهليلجي يراوح من نحو 22000 إلى 44000 كيلومتر. ويحمل المسبار جهازي سبكتروميتر لقياس الطيف، وجهاز تصوير عالي الدقة لالتقاط معلومات حول كيفية تغير الغلاف الجوي على مدار اليوم والعام.
كان الغلاف الجوي للمريخ سميكاً في وقت ما، ويتميز بوجود كمية كبيرة من الماء على سطحه، إلا أن الكثير من غازات الغلاف الجوي تسربت على مدى مليارات السنين. وسيعمل «مسبار الأمل» على كشف كيفية تسرب ذرات الأوكسجين والهيدروجين والأيونات الخاصة بالغلاف الجوي للكوكب بعيداً في الفضاء.
تحمل مركبة «بريزيرفانس» 43 أنبوباً لحفظ عينات الصخور التي سيتم جمعها وتخزينها بواسطة سلسلة من ثلاثة رجال آليين. ومن المحتمل أن تتضمن هذه العينات، عند وصولها إلى الأرض، أول دليل على ما إذا كانت الحياة موجودة على كوكب المريخ.
الرحلة إلى المريخ أطول 1000 مرة من الرحلة إلى القمر، وغلافه الجوي مملوء بالصخور الكثيفة، ما يجعل الجهد أكثر خطورة.
مركبة «تيانوين -1» الصينية ستكون أول مهمة تدرس الكوكب الأحمر بنجاح، مع مركبة فضاء ومسبار ومهبط.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news