كان يؤدي إلى تعطل 75 ألف طفل في القارة سنوياً
انتصار إفريقيا على «شلل الأطفال» يظهر قوة الوحدة الإقليمية
أعلنت إفريقيا أنها حققت الانتصار على الفيروس، الذي كان يؤدي إلى شلل 75 ألف طفل في القارة سنوياً. وتم اكتشاف فيروس شلل الأطفال، آخر مرة، في القارة السمراء قبل أربع سنوات. وبعد مرور عام على تقييم المعلومات المتعلقة بالدول الـ47، المسجلة في منظمة الصحة الدولية، أعلنت هيئة مستقلة من الخبراء، خلال مراسم افتراضية أخيراً، أن القارة أصبحت خالية من فيروس شلل الأطفال.
ولا يمكن المبالغة في حجم هذا الإنجاز، ويجب أن يلهم القارة الإفريقية الثقة بقدرتها على التغلب على التحديات الأكثر رعباً.
في عام 1996، تعهد قادة الدول الإفريقية بإزالة فيروس شلل الأطفال، بجلسة لمنظمة الوحدة الإفريقية في ياوندي عاصمة الكاميرون. وفي ذلك العام، بدأ الرئيس الراحل، نلسون مانديلا، حملة طرد فيروس شلل الأطفال من إفريقيا. واستجاب الأفارقة لدعوة مانديلا. وفي عام 2000، تمت أول عملية تلقيح ضد الفيروس لـ76 مليون طفل، في 17 دولة إفريقية، بصورة متزامنة في غرب ووسط إفريقيا. ومليونان من هؤلاء لم يتم تلقيحهم بعد ذلك.
وبعد مرور 16 عاماً، واستخدام مليارات اللقاحات، كان آخر انتشار لفيروس شلل الأطفال في شمال نيجيريا. ونظراً لمعرفة الدولة بخطورته، انبرت لمحاربته بقوة، وبدعم من «مبادرة القضاء على شلل الأطفال العالمية»، التي تشكلت لمساعدة نيجيريا، والنيجر، والكاميرون، وتشاد، وجمهورية إفريقيا الوسطى. وفي الحقيقة، إن القيام بحملة تلقيح في دول عدة أمر معقد جداً، إذ إن كل فرق المراقبة والتلقيح تعمل لتنفيذ الحملات في مناطق فسيحة جداً، باستخدام التخطيط الجزئي المفصل، لضمان الوصول إلى جميع الأماكن المأهولة.
وكان تنوع التضاريس، والثقافة، واللغات، إضافة إلى تعطل أنظمة الصحة بسبب الهجرة، والصراعات، وتغير المناخ كلها تشكل تحديات إضافية. وانتصر برنامج القضاء على فيروس شلل الأطفال على كل هذه المعوقات، عن طريق استراتيجيات ابتكارية وتكييفية. وطور البرنامج تقنية فريدة، للوصول إلى الأطفال في المناطق غير الآمنة لحوض بحيرة تشاد. وتم تشكيل فرق تنقل خاصة في مواقع ثابتة، ومناطق الازدحام المروري الشديد، نتيجة التفتيش، مثل: الأسواق والحدود. وفي عام 2017 وحده، قامت فرق التنقل في واحدة من المدن النيجيرية بتلقيح 299 ألف طفل، يتنقلون من المناطق التي عصفت بها الصراعات في ولاية بورنو.
ولعبت البنية التحتية، والخبرات المتطورة بمحاربة شلل الأطفال، دوراً رئيساً في تعزيز الخدمات الصحية الأخرى. وفي تشاد، استخدمت استراتيجيات التلقيح، للوصول إلى السكان الرحل، إضافة إلى تقديم الرعاية الصحية الروتينية لهم. وفي أيامنا هذه، يلعب برنامج القضاء على شلل الأطفال دوراً مهماً في إفريقيا لمحاربة فيروس كورونا المستجد، إذ إن العاملين والموارد المخصصة لشلل الأطفال، تعمل على دعم الدول لتنسيق الرد على أي تفشٍّ للفيروس، وتثقيف العامة، وإجراء تتبع الاتصال وإدارة البيانات والمراقبة.
ولكن التاريخ يخبرنا بأننا يجب أن نظل يقظين. فعلى الرغم من أن فيروس شلل الأطفال لم يعد موجوداً في إفريقيا، فإنه لايزال يصيب أطفالاً في باكستان وأفغانستان. وحتى يتم القضاء على فيروس شلل الأطفال عالمياً، تحتاج جميع دول العالم إلى الحفاظ على مستويات مناعة عالية لسكانها.
ولايزال الطريق أمامنا صعباً، بالنظر إلى العقبة الجديدة المتمثلة في فيروس «كورونا»، لكننا تغلبنا على عقبات سابقة. ونحن مسلحون، الآن، بالخبرة والبنية التحتية المتطورة، عبر برنامج القضاء على شلل الأطفال، خلال عقود عدة، والإثبات الدامغ أنه ليس هناك أي تحدٍّ، يمكن أن يزعزع التزام قادة إفريقيا بشعوبهم.
• لعبت البنية التحتية، والخبرات المتطورة بمحاربة «شلل الأطفال»، دوراً رئيساً في تعزيز الخدمات الصحية الأخرى. وفي تشاد، استخدمت استراتيجيات التلقيح، للوصول إلى السكان الرحل، إضافة إلى تقديم الرعاية الصحية الروتينية لهم.
ماتشيديسو ريبيكا - مديرة إقليمية لمنظمة الصحة العالمية في إفريقيا
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news